الانتخابات الرئاسية في الصومال تواجه شبح التأجيل

مقديشو - باتت الانتخابات الرئاسية في الصومال أقرب إلى التأجيل بسبب التأخر الحاصل في انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى بالبرلمان) ما جعل شركاء مقديشو الخارجيين خاصة الولايات المتحدة يتحركون ضد مسؤولين محليين يرون أنهم يشكلون تهديداً للديمقراطية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء إن الولايات المتحدة قيدت إصدار التأشيرات للمسؤولين الصوماليين الحاليين والسابقين والأفراد المتهمين “بتقويض العملية الديمقراطية” في الصومال.
وأضاف بلينكن في بيان أصدرته الوزارة أن القيود ستُطبق على الذين شجعوا وشاركوا في العنف ضد المتظاهرين وترهيب الصحافيين وأعضاء المعارضة والتلاعب بالعملية الانتخابية.
وقال بلينكن “أفضل طريق نحو سلام مستدام في الصومال هو من خلال الانتهاء سريعا من انتخابات ذات مصداقية”.
وأضاف “يتعين على زعماء الولايات على الصعيدين الوطني والاتحادي في الصومال الوفاء بالتزاماتهم تجاه استكمال العملية البرلمانية بطريقة تتسم بالمصداقية والشفافية بحلول الخامس والعشرين من فبراير”.

أنتوني بلينكن: أفضل طريق نحو السلام في الصومال هو إنجاز الانتخابات
ولا توجد في الصومال حكومة مركزية تتمتع بسلطة واسعة منذ 30 عاما، حيث تُجرى انتخابات غير مباشرة مطولة لاختيار قيادة جديدة، والتي كثيرا ما تُعلق وسط مواجهة بين الخصمين الرئيس محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلي.
وجرى التوصل في التاسع من يناير الماضي إلى اتفاق على جدول للانتخابات وذلك خلال مؤتمر تشاوري.
واتفق روبلي ورؤساء الولايات الفيدرالية الخمس في هذا المؤتمر على الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان - 275 نائبا) خلال 40 يوما بين الخامس عشر من يناير والخامس عشر من فبراير الجاري.
ويهدد ضيق الوقت بعدم استكمال الانتخابات في هذه الفترة حيث لم يتم التصويت سوى على 100 نائب من أصل 275 وهو ما دفع شركاء الصومال إلى التلويح بالعقوبات ضد معرقلي الانتخابات.
وفاقمت الأزمة بين فرماجو وروبلي مخاوف هؤلاء وبشكل خاص واشنطن من احتمال الانزلاق إلى الفوضى، إذ يرون أن الانتخابات هي المخرج الوحيد من الأزمة في بلد هش يتعافى من تداعيات حرب أهلية اندلعت إثر انهيار حكومته المركزية عام 1991.
وخيم التباطؤ على العملية الانتخابية طيلة عام 2021 جراء خلافات حول إجراءاتها، ولاسيما تشكيل اللجان الخاصة بها، ولذا لم يكتمل إجراء الانتخابات البرلمانية في الخامس والعشرين من ديسمبر الماضي كما كان متفقا عليه، ما استدعى اتفاقا جديدا على موعد ينتهي في الخامس والعشرين من فبراير الجاري.
ومنتصف نوفمبر الماضي اكتملت انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان - 54 عضوا)، فيما تتواصل انتخابات مجلس الشعب في بعض الولايات، بينما لا يزال من غير الواضح التمكن من إجراء الرئاسيات في موعدها المقرر في أبريل المقبل.
وانتهت ولاية البرلمان في السابع والعشرين من ديسمبر 2020، فيما انتهت ولاية فرماجو في الثامن من فبراير 2021، لكنه مستمر في الرئاسة لعدم اكتمال العملية الانتخابية بعد وهو الرئيس الصومالي الأول الذي بقي في منصبه رغم انتهاء ولايته لأكثر من سنة.
وقد تدفع التحركات والتهديدات الأميركية أطراف الأزمة السياسية في الصومال إلى الالتزام بموعد الانتخابات غير أن ضيق الوقت قد يحول دون ذلك.
واعتبر محمد أمين نائب برلماني سابق أن “تصريح رئيس الحكومة يعكس مدى تفاعل حكومته مع تهديدات واشنطن، محاولا في الوقت نفسه تصوير نفسه كشخصية غير معرقلة للانتخابات”.
وأضاف أن “روبلي يستقوي بالتهديدات الأميركية للضغط على رؤساء الولايات الفيدرالية لكي يلتزموا بجدول الانتخابات”.
وحول احتمال أن تسهم العقوبات الأميركية في تنفيذ جدول الانتخابات، قال أمين إن “الرسائل الأميركية واضحة وموجهة للشخصيات الفاعلة في العملية الانتخابية، وأتوقع التزام السياسيين هذه المرة بالجدول الذي سيعيد البلاد إلى مسار التداول السلمي للسلطة، بعد أن صار محل شك بسبب الخلافات السياسية”.
ومن جهته قال المحلل السياسي عبدالرحمن معلم إن “التهديدات الأميركية مؤثرة وفعالة على السياسة الصومالية”.
وتابع أن “التهديدات الأميركية في أبريل 2021 أعادت العملية السياسية إلى مسارها الصحيح، بعد إعلان واشنطن عن استعدادها لمعاقبة كل من يقوض السلام والاستقرار في البلاد، إثر محاولة البرلمان تمديد ولاية الرئيس فرماجو المنتهية لمدة عامين”.
واستطرد عبدالرحمن “تهديدات واشنطن الحالية والتي تضمنت فرض عقوبات على المعرقلين في حال تأجيل الانتخابات مجددا، تمنح الشعب الصومالي المتخوف من تداعيات عدم إجراء الانتخابات نوعا من الأمل، كما تشكل ضغطا على الفاعلين السياسيين”.