الانتخابات الإقليمية والمحلية في إسبانيا اختبار لحكومة سانشيز

سانشيز الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ 2018، يواجه عوائق عدة أهمها تراجع صورته بعد سنوات في السلطة.
الاثنين 2023/05/29
تجربة استباقية للانتخابات العامة

مدريد - قبل نحو ستة أشهر من موعد إجراء الانتخابات العامة في إسبانيا، تواجه حكومة الأقلية اليسارية بقيادة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز اختبارا صعبا، يحدد مدى جاهزيتها للانتخابات واحتمالات فوزها.

ووصفت صحيفة “إل موندو” وغيرها من وسائل الإعلام الانتخابات الإقليمية والمحلية التي جرت الأحد في رابع أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي بأنها “تجربة أداء” قبل الانتخابات التي ستجرى في نهاية العام.

وأدلى سانشيز بصوته في مدريد بعد نحو 20 دقيقة على فتح مراكز الاقتراع. ودعا السياسي الاشتراكي المواطنين الإسبان إلى الذهاب إلى مراكز الاقتراع بأعداد كبيرة والإدلاء بـأصواتهم.

وقال سانشيز “كلما زاد عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى مراكز الاقتراع، كلما كان ذلك أفضل لمؤسساتنا، كلما كانت ديمقراطيتنا أقوى”. وبلغت نسبة الإقبال 36.7 في المئة الساعة الثانية عشر بتوقيت غرينتش، وهي نسبة أعلى بشكل طفيف عن النسبة المسجلة في الانتخابات الأخيرة قبل أربعة أعوام.

في الآونة الأخيرة هيمنت على الحملة الانتخابية الساخنة انتقادات لترشيح إرهابيي منظمة "إيتا" الانفصالية السابقين وفضيحة شراء الأصوات

ويختار المواطنون الإسبان الآلاف من ممثلي المدن والمناطق الإقليمية، فيما يعتبر مؤشرا بشأن الانتخابات البرلمانية العامة التي من المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل، والتي ستضع سانشيز وجها لوجه ضد زعيم “حزب الشعب” اليميني الإسباني ألبرتو نونيز فيجو.

ويتطلع سانشيز إلى الاحتفاظ بالمعاقل الانتخابية الرئيسية مثل منطقة فالنسيا (بلنسية) واستعادة السيطرة على معقل برشلونة الانتخابي، الذي تمت خسارته خلال أزمة الديون الأوروبية.

ورغم أن اسم سانشيز لا يظهر في أي بطاقة اقتراع، فإن الرهان في هذه الانتخابات المزدوجة مهم جدا بالنسبة إلى مستقبله السياسي ومستقبل حكومته. وركز حملته على حصيلة حكومته ولاسيما على صعيد الجفاف وإدارة المياه، وهو موضوع يتخذ أهمية متزايدة في إسبانيا.

لكن سانشيز الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ 2018، يواجه عوائق عدة أهمها تراجع صورته بعد سنوات في السلطة، وعودة التضخم، ولو أنه يبقى في إسبانيا أدنى بكثير مما هو في معظم دول الاتحاد الأوروبي، وما نجم عن ذلك من تراجع حاد في القوة الشرائية.

كذلك، عانت حكومته الأزمات المتتالية التي تهز التحالف بين الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني وشريكه الصاخب في الائتلاف الحاكم حزب بوديموس اليساري المتطرف. وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن مرشحي حزب الشعب بزعامة ألبرتو نونيز فيجو يقتربون من إحكام قبضتهم على أغنى منطقة في إسبانيا، والتي تشمل العاصمة مدريد.

وقال مانويل موستازا، رئيس الشؤون العامة في شركة أتريفيا للاستشارات ومقرها مدريد، “إذا لم يتمكن سانشيز من استعادة السيطرة على برشلونة وخسر فالنسيا، فمن المرجح أن تبدأ حكومته في الضعف مع تضاؤل احتمالات الفوز بالتصويت العام”.

tt

ويمكن أن يساعد الاقتصاد الأكثر مرونة مما كان متوقعا سانشيز، الذي يعتبر انخفاض معدل البطالة إنجازا رئيسيا لحكومته، التي أنفقت المليارات لحماية الشركات خلال جائحة كوفيد – 19 والحرب في أوكرانيا.

وتبلغ وتيرة التضخم في إسبانيا نحو نصف معدل التضخم في التكتل بشكل عام، كما تباطأ ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل حاد الشهر الماضي، على الرغم من أنها لا تزال مرتفعة بشدة.

في المقابل، يشكل هذا الاستحقاق رهانا هائلا لفيجو، إذ إن عدد المناطق التي سيتمكن الحزب الشعبي من انتزاعها من الاشتراكيين سيكون مؤشرا للرأي العام عما إذا كان فيجو فاز في هذا الشوط الأول وسينجح في الوصول إلى رئاسة الحكومة نهاية السنة.

لكن فيجو أيضا يواجه مشكلات، أبرزها حزب فوكس من أقصى اليمين الذي يمثل القوة الثالثة في البرلمان ويطمح لأن يصبح شريكا لا غنى عنه للحزب الشعبي من أجل ممارسة السلطة في المناطق، وبعد ذلك على المستوى الوطني. ويحكم الحزب الشعبي وحزب فوكس معا في كاستيّا إي ليون، وهي منطقة لا تصوت الأحد.

وتمت دعوة أكثر من 36 مليون إسباني للتصويت في الانتخابات لاختيار برلمانات إقليمية ومجالس بلدية ورؤساء بلديات الأحد. وينتظر بشكل خاص نتائج أكبر حزب معارض، حزب الشعب المحافظ بقيادة ألبرتو نونيز فيجو. ومع ذلك، فإن نتائج الأحزاب اليسارية واليمينية الأصغر تعتبر مهمة أيضا.

ووفقا للاستطلاعات، لن يحقق حزب العمال الاشتراكي اليساري بزعامة سانشيز ولا حزب الشعب الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، وبالتالي سيحتاجان إلى شركاء للحكم.

ويواجه سانشيز أيضا تحديا متزايدا من تحالف سومر اليساري المشكل حديثا بزعامة وزيرة العمل الشعبوية يولاندا دياز. وسيكون أحد المؤشرات الرئيسية أداء رئيسة حكومة مدريد الإقليمية إيزابيل دياز أيوسو. وتأمل السياسية المشاكسة، البالغة من العمر 44 عاما، والتي أطلقت عليها وسائل الإعلام اسم “ترامب الإسباني”، في الحصول على أغلبية مطلقة.

pp

والمنطقة الأخرى التي ستكون محط اهتمام كبير في ليلة الانتخابات هي منطقة بلنسية التي تتمتع بالحكم الذاتي، حيث يريد حزب الشعب أن يشكل حكومة مع حزب فوكس اليميني الشعبوي.

وهيمنت على الحملة الانتخابية الساخنة في الآونة الأخيرة انتقادات لترشيح إرهابيي منظمة “إيتا” الانفصالية السابقين وفضيحة شراء الأصوات، جنبا إلى جنب مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية.

وشهدت الحملة الانتخابية في الأيام الماضية العديد من قضايا تزوير تتعلق بشراء أصوات عبر البريد، ترتبط بمعظمها بمرشحين اشتراكيين. ومن الصعب تقييم وطأة هذه الفضائح، لكن من المؤكد أنها لا تعزز موقع سانشيز الذي جعل من الحوكمة إحدى أولويات حكمه ولطالما حمل على فساد الحكومات اليمينية السابقة.

7