الاقتصاد التونسي يظهر علامات نمو رغم المنغصات

تونس - كشفت إحصائيات رسمية نشرت الاثنين أن الاقتصاد التونسي استمر في ابتعاده عن دائرة الانكماش بنهاية يونيو الماضي على الرغم من الصعوبات التي لا تزال تعتري العديد من القطاعات الحيوية جراء التكاليف الباهظة وغليان الأسعار.
وَوِفق بيانات للمعهد الوطني للإحصاء فقد حقق الاقتصاد التونسي نموا بحوالي 2.8 في المئة خلال الربع الثاني من العام الجاري على أساس سنوي.
وأرجع المعهد هذا النمو بالأساس إلى ارتفاع وتيرة نمو القيمة المضافة في قطاع الخدمات، والذي بلغ نحو 5.2 في المئة بمقارنة سنوية.
ولكن مقارنة بنسبة النمو في الربع الأول من العام الجاري تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة واحد في المئة بسبب انخفاض أداء قطاع البناء والتشييد وقطاع الصناعة بدرجة أقل.
2.8
في المئة نسبة النمو في الربع الثاني من 2022 بمقارنة سنوية وفق معهد الإحصاء
وحقق الاقتصاد التونسي نموا بنسبة 3.1 في المئة بنهاية العام الماضي بعد نسبة انكماش قياسية في 2020 في حدود 8.7 في المئة تحت وطأة وباء كورونا.
وفي وقت سابق من هذا العام خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد في البلد الذي يعتمد على تحويلات المغتربين ومداخيل السياحة لتأمين احتياطي العملة الصعبة، بنصف نقطة مئوية ليبلغ نحو ثلاثة في المئة بنهاية 2022.
وتسعى تونس، التي تمر بمرحلة تصحيح يقودها الرئيس قيس سعيد، إلى كسب هامش من الاستقرار لتنفيذ حزمة من الإصلاحات تطالب بها المؤسسات المالية الدولية.
وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن في وقت سابق استعداده لبدء مفاوضات رسمية مع تونس من أجل برنامج إقراض بعد أشهر من المشاورات التقنية.
وفي الأسبوع الماضي اتفقت الحكومة والنقابات العمالية والتجارية الرئيسية على بدء محادثات بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي يطلبها الصندوق من أجل منح تونس برنامج إنقاذ.
وقالت رئاسة الحكومة في بيان نشرته على حسابها في فيسبوك الجمعة الماضية إن رئيسة الوزراء نجلاء بودن ورئيس الاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول اتفقوا على “عقد اجتماعي” لمواجهة التحديات في البلاد.
والاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر نقابة عمالية في البلاد، من أشد المنتقدين للإصلاحات الاقتصادية لصندوق النقد التي اقترحتها الحكومة، بما في ذلك خفض الدعم وتجميد أجور القطاع العام وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة.
تونس تسعى إلى كسب هامش من الاستقرار لتنفيذ حزمة من الإصلاحات تطالب بها المؤسسات المالية الدولية
وسبق أن قال إن “مثل هذه الإصلاحات ستزيد من معاناة التونسيين وستؤدي إلى انهيار اجتماعي وشيك”.
وتسعى تونس للحصول على دعم من الصندوق يبلغ أربعة مليارات دولار وسط التداعيات الاقتصادية للجائحة والحرب في أوكرانيا، رغم أن مصادر قالت لرويترز إنه من غير المرجح أن يصل أي خط ائتمان من المؤسسة المالية الدولية إلى هذا المستوى.
وكانت تونس، التي تدعم الأسعار المحلية للوقود وبعض السلع الغذائية، تسعى بالفعل للحصول على حزمة إنقاذ أجنبية لمساعدتها على تفادي أزمة في ماليتها العامة قبل أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى قفزات في الأسعار العالمية للنفط والحبوب.
وتستند موازنة 2022 إلى متوسط سعر للنفط عند 75 دولارا للبرميل، ولهذا فإن ارتفاع تكاليف الشراء سيزيد العجز المتوقع في الموازنة الذي يعادل بالفعل 6.7 في المئة من الاقتصاد.
وعقب اندلاع الحرب في أوكرانيا قالت وزارة الطاقة إن “كل زيادة بمقدار دولار واحد في السعر الذي يتعين على تونس أن تدفعه لشراء المواد البترولية سيكلف الدولة 140 مليون دينار (48 مليون دولار)”.