الاقتصاد الإماراتي في نقلة جديدة نحو ترسيخ صناعة الترفيه

استحداث هيئة لتنظيم الألعاب التجارية الأولى من نوعها في الخليج.
الثلاثاء 2023/09/05
مدخل آخر لمراكمة المكاسب

عززت الإمارات خطواتها المتعلقة بتنفيذ إستراتيجية بعيدة المدى لترسيخ صناعة الترفيه، في إطار خططها لتنويع الاقتصاد والذي يتوقع أن يجلب إلى خزائنها المليارات من الدولارات، خاصة من بوابة الألعاب التجارية التي تشكل أحد روافد تنمية قطاع السياحة.

أبوظبي - نقلت الحكومة الإماراتية جهودها لتنويع الاقتصاد من بوابة قطاع السياحة نقلة نوعية جديدة عبر السماح بتأسيس كيان لتنظيم الأنشطة التي لم تحظ باهتمام في السابق في سياق خطة لمنافسة أكبر مراكز الألعاب التجارية واليانصيب في العالم.

ومن المرجح أن يسهم القرار الفريد من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط في دعم جهود المسؤولين في تطوير صناعة الترفيه بالبلاد وتنميتها، في خطوة متقدمة في برنامج تنويع الاقتصاد والمضي قدما في تخفيف اعتماده على صادرات النفط والغاز.

أنجيلا هان لي: يمكن للإمارات التفوق على سنغافورة الرائدة في المجال
أنجيلا هان لي: يمكن للإمارات التفوق على سنغافورة الرائدة في المجال

وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام” أنه تم الإعلان رسميا عن إنشاء الهيئة العامة لتنظيم الألعاب التجارية في دولة الإمارات كهيئة اتحادية لتقديم إطار تنظيمي للألعاب التجارية واليانصيب.

وستقوم الهيئة بإنشاء بيئة ألعاب مسؤولة تضمن التزام جميع المشاركين بالمبادئ التوجيهية الصارمة والامتثال لأعلى المعايير العالمية في هذا المجال.

كما ستعمل على تنسيق الأنشطة التنظيمية وإدارة الترخيص على مستوى دولة الإمارات، وتسهيل إطلاق الإمكانات الاقتصادية للألعاب التجارية بطريقة مسؤولة.

وتأتي خطوة تنظيم الألعاب التجارية والسماح بممارسة اليانصيب والمقامرة بشكل مقنن على خلفية منافسة اقتصادية محتدمة في الخليج لاسيما مع السعودية، التي لا تظهر أي علامات للتحول إلى هذا المجال في الأفق المنظور.

وأدخلت الحكومة مجموعة من الإصلاحات القانونية الليبرالية في إطار سعيها للحفاظ على تفوقها كمركز تجاري وسياحي ومالي في المنطقة.

وخصصت دول المنطقة وخاصة في الخليج استثمارات بالمليارات من الدولارات لتطوير البنية التحتية للسياحة، مع إطلاق حملات ترويجية لاستقطاب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

وسيتولى فريق من كبار الخبراء على مستوى العالم في هذا المجال تنظيم العمل في الهيئة، وهم يتمتعون بخبرة واسعة في تنظيم وإدارة ألعاب فعالة وآمنة ومسؤولة.

وتم تعيين جيم مورين رئيسا لمجلس الإدارة، فيما سيتولى كيفن مولاي منصب الرئيس التنفيذي للهيئة. ونقلت وكالة وام عن مولاي قوله إنه يتطلع مع زملائه ذوي الخبرة إلى إدارة هيئة تنظيمية قوية وإطار عمل فعال لهذه النوعية من الألعاب.

وكان مولاي في مختبرات الألعاب الدولية لأكثر من 17 عاما وفقا لصفحته على موقع لينكد إن. وقبل ذلك كان يشغل منصب المدير التنفيذي للجنة الألعاب في ميزوري التي تنظم قمار القارب النهري.

أما مورين فتولى رئاسة مجلس الإدارة ورئيسا تنفيذيا لشركة أم.جي.أم ريزورتس إنترناشونال من 2008 إلى 20220، بحسب صفحته على لينكد إن.

ولم يتم ذكر الكازينوهات في تقرير وام، لكن إطلاق الهيئة يأتي وسط تكهنات بأن الإمارات قد تقوم بإدخال المقامرة ضمن هذه الألعاب، لتكون الخطوة الأولى من نوعها في منطقة الخليج.

ودارت أحاديث استمرت لسنوات بشأن سماح الإمارات بلعب القمار الذي تحظره دول الخليج عندما أعلنت إمارة رأس الخيمة عزمها افتتاح وين ريزورتس بقيمة نحو 3.9 مليار دولار الذي يضم ناديا للقمار.

بيئة ألعاب

وتصدرت ريزورتس عناوين الصحف في يناير العام الماضي حين ذكرت أن منتجع وين جزيرة المرجان، وهي منطقة حرة في رأس الخيمة، سيستضيف أول كازينو في الإمارات، التي يُحظر فيها القمار أصلا.

وفي وقت لاحق، قال كريغ بيلينجز، الرئيس التنفيذي لشركة وين ريزورتس، إن “الكازينو في المنتجع يجري تطويره ليصبح أكبر من الموجود في لاس فيغاس”.

ونقلت وكالة رويترز في مايو الماضي عن مسؤولين من ريزورتس ورأس الخيمة تأكيدهم أن الكازينو، الذي سيكون جزءا من منتجع فخم يشمل فنادق تضم نحو 1500 غرفة، سيتم ترخيصه.

وقال مسؤول تنفيذي في صناعة هذه الألعاب ومسؤول حكومي إماراتي، طلبا عدم الكشف عن هويتهما لأن المحادثات خاصة، لوكالة بلومبرغ، “قبل أشهر أجرى مشغلو الكازينوهات الآخرون مناقشات غير رسمية مع السلطات الإماراتية حول صناعة القمار”.

ويقول محللون إن دخول الإمارات هذه المغامرة متسلحة بقائمة طويلة من التشريعات واللوائح التنظيمية لجذب المستثمرين قد يجعلها في نهاية المطاف أحد أبرز المنافسين لمراكز الترفيه العالمية من هذا النوع.

وقالت أنجيلا هان لي، محللة الألعاب والضيافة الكبيرة في بلومبرغ إنتيلجنس، “يمكن للإمارات أن تجني ما يصل إلى 6.6 مليار دولار من إيرادات الألعاب سنويا وقد تتفوق في النهاية على سنغافورة موطن منتجع مارينا باي ساندز الشهير”.

وأضافت أن “دبي وبقية الإمارات الأخرى لديها القدرة على التحول إلى أسواق مزدحمة لصناعة القمار الترفيهية”.

وأكدت هان لي أن السياحة المرتبطة بنشاط الكازينوهات يمكن أن تبرز بشكل كبير في غضون سنوات باعتبارها ستكون أحد المحركات المهمة للاقتصاد الإماراتي، حيث تسعى إلى تقليل اعتمادها على النفط.

5

في المئة نسبة النمو السنوي المتوقع لقطاع الترفيه بحلول عام 2026 وفق شركة فيفر

ومن المرجح أن تدعم إستراتيجية الإمارات المتعلقة بجذب حوالي 40 مليون زائر بحلول عام 2031 صناعة الترفيه بما يجعل قطاع السياحة يسهم بأكثر من 123 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وتشتهر الإمارات بتقديم تجارب ترفيهية متنوعة تتضمن المغامرات الصحراوية والرحلات البحرية والفعاليات الرياضية والثقافية والفعاليات الترفيهية الموسمية، حيث يتم تقديمها بأساليب مبتكرة وجودة عالية لضمان تجربة استثنائية للزوار.

وأشارت شركة فيفر للفعاليات الترفيهية الحية في تقرير نشرته خلال يناير الماضي إلى أن توقعات نمو السياحة الإماراتية تتوافق مع تطور منطقة الشرق الأوسط بوصفها وجهة مميزة.

ورجح خبراء الشركة ارتفاع مساهمة قطاع الترفيه والتسلية في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 5 في المئة بحلول عام 2026، مع توفير 16 ألف فرصة عمل جديدة، بما يحقق أهداف الحكومة في تنمية السياحة بشكل عام.

وتصدرت القرية العالمية في دبي، أحد أكبر المتنزهات الثقافية في العالم والوجهة العائلية الأولى للثقافة والترفيه والتسوق في المنطقة، قائمة الوجهات الأكثر زيارة في الإمارات لعام 2023، وفق تقرير أصدرته مؤسسة يوغوف للأبحاث في يونيو الماضي.

وأظهرت بيانات حكومية أن السياحة ساهمت في العام الذي سبق تفشي وباء كورونا بنسبة 11.6 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، أي نحو 49.1 مليار دولار.

11