الاعتلالات العضلية العظمية المرض المهني الأول عالميا

أعلى نسبة من الاعتلالات الأليمة الثابتة لأسباب غير السرطان تعزى إلى اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي.
الجمعة 2022/11/11
الأعمال التي تتطلب حركية كبيرة لليد هي المسبب الرئيسي للمرض

يشخص خبراء الصحة الاعتلالات العضلية العظمية كأول مرض مهني على مستوى العالم، ويتوقعون أن يرتفع معدل حدوث اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي وأن يزداد تأثيرها مع شيخوخة سكان العالم وارتفاع معدل انتشار عوامل خطورة الأمراض غير السارية.

تونس - كشف المشاركون في المؤتمر الفرانكفوني الرابع للإصابة بالاعتلالات العضلية العظمية وسبل الوقاية منها، الذي احتضنته تونس على امتداد ثلاثة أيام، أن الاعتلالات العضلية العظمية أصبحت المرض المهني الأول على مستوى العالم.

ويسعى منظمو الملتقى لحث أصحاب القرار على إيلاء الأهمية للاعتلالات العظمية العضلية التي تسير نحو مزيد من الاستفحال لدى عدد كبير من العمال والعاملات في كل القطاعات، وذلك بوضع نصوص قانونية تضمن حقوقهم وتوفر لهم الظروف الصحية الدنيا لأداء مهامهم بما يجنبهم الإصابة بهذه الأمراض بعد سنوات من المباشرة ويخفف العبء على الصناديق الاجتماعية.

واعتبروا أنه في ظل غياب الظروف المهنية الملائمة صحيا للعمال في كل القطاعات لأداء وظائفهم، أصبح من الضروري لفت نظر جميع المتدخلين في هذا المجال من مجامع طب الشغل وأصحاب الشركات المشغلة إلى ضرورة التفكير في وضع آليات للوقاية من هذه الأمراض والسعي لتحسين ظروف العمل بها انطلاقا من الهندسة المعمارية للمؤسسة المشغلة وصولا إلى لباس العمال وظروف ممارسة عملهم طيلة اليوم إلى جانب التكفل بالمرضى.

اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي تَحُدّ بدرجة كبيرة من قابلية التحرُّك، مما يؤدي إلى التقاعد المبكّر عن العمل

وأوضحت المديرة المساعدة للدراسات والأبحاث للمعهد الوطني للأبحاث والسلامة في نانسي بفرنسا أنياس أوبليه كوفيليه أن التكنولوجيا الجديدة والمستجدة في مختلف الدول لها مظاهر تقنية في علاقة بالروبوتيك التشاركي وإدخال المعطيات الضخمة، لها في نفس الوقت تأثيرات على “البيوميكانيك” وعلى كيفية تنظيم العمل، فالعمال يمكن أيضا أن يكونوا ضحايا أو معرضين إلى مخاطر جديدة ينجر عنها ظهور أمراض الاعتلالات العضلية والعظمية.

وأكد الدكتور توفيق خلفالله مدير مخبر طب الشغل بكلية الطب بالمنستير ورئيس الجمعية التونسية والجمعية الأفريقية للأرغونوميا (علم تنظيم الشغل) وأستاذ استشفائي جامعي ورئيس الملتقى، أنه منذ الستينيات ولاسيما السبعينات، كان انفتاح الاقتصاد العالمي وتطوير سياسات التجارة الحرة السبب في تسريع العولمة، حيث شاهدنا نقل العديد من الشركات من الدول الأوروبية إلى تونس، خاصة الشركات ذات الطاقة التشغيلية الكبيرة والتي تستوجب الحركات العضلية العظمية المتكررة. وتتمثل هذه القطاعات على سبيل الذكر في النسيج والإلكترونيات والسيارات والجلود والأسلاك.

وأضاف أنه بسبب توافد المؤسسات الاقتصادية إلى البلاد التونسية وجلها في صناعة النسيج والإلكترونيك والجلد وكوابل السيارات، وهي أعمال تتطلب حركية كبيرة لليد ووضع عمل في بعض الأحيان شاق، زادت الأمراض ذات العلاقة بالاعتلالات العضلية.

وتابع “بعد ثلاثين سنة من تأسيس شركات جديدة بتقنيات جديدة، أصبحت الاضطرابات العضلية العظمية تحتل المراكز الأولى في الأمراض المهنية في تونس ومن هنا جاءت النتيجة من نقل التكنولوجيا إلى نقل المرض”، مبينا أن “الاعتلالات العضلية العظمية المهنية متعددة الأسباب، منها ما هو مهني ومنها ما هو فردي وأخرى ترجع إلى تنظيم العمل والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية”.

منظمة الصحة العالمية تؤكد أن اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي هي العنصر الرئيسي الذي يسهم في الإعاقة على نطاق العالم

وأضاف أن العديد من الشركات أصبحت تتعرض إلى هذه الأمراض المهنية، داعيا جميع المتدخلين في مجال الوقاية من المخاطر المهنية إلى وضع كل الوسائل لمكافحة هذه الآفة الصحية في العمل.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي هي العنصر الرئيسي الذي يسهم في الإعاقة على نطاق العالم، حيث تمثل آلام أسفل الظهر السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً.

وتحد اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي بدرجة كبيرة من قابلية التحرُّك والمهارات الحركية، مما يؤدي إلى التقاعد المبكّر عن العمل وقلة أسباب العيش وضعف القدرة على المشاركة في الأدوار الاجتماعية.

وتُعزى أعلى نسبة من الاعتلالات الأليمة الثابتة لأسباب غير السرطان إلى اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي.

وتشمل اعتلالات النسيج العضلي الهيكلي أكثر من 150 تشخيصاً تؤثر على الجهاز العضلي الهيكلي، أي العضلات والعظام والمفاصل والأنسجة ذات الصلة مثل الأوتار والأربطة. وتتراوح بين الاعتلالات التي تظهر فجأة وتكون قصيرة العمر، مثل الكسور والتواءات المفاصل وحالات الشدّ، وحتى الاعتلالات طويلة الأمد المرتبطة بألم مستمر وبالإعاقة.

17