الاستثمار في الشباب خطة الإمارات للعبور نحو المستقبل

ترنو أنظار الشباب العرب إلى الإمارات باعتبارها مثالا يحتذى به في تمكين الشباب وتعزيز إمكانياتهم وطاقاتهم ومهاراتهم ليكونوا قادة المستقبل، فلا يكاد يخلو منتدى أو مؤتمر محلي أو عالمي من مبادرات خاصة بالشباب.
أبوظبي - الاستثمار في الشباب غالبا ما يكون العنوان المشترك لأبرز الفعاليات والنشاطات المحلية والدولية في الإمارات على اختلاف مجالاتها وتخصصاتها، والتي تتفق على اعتبار الشباب أساسا للتنمية والمستقبل، لذلك انطلقت رحلة “تمكين الشباب” ضمن استراتيجية الدولة للعبور نحو المستقبل.
وقامت الإمارات بعدة خطوات لضمان المشاركة الفاعلة للشباب والاستماع إلى آرائهم، وعينت وزير دولة للشباب وهي في عمر 22 لتصبح أصغر وزيرة في العالم. كما قامت بعدة مبادرات لتعزيز الهوية الوطنية للشباب وروح الانتماء، بالإضافة إلى إنشاء مجلس الإمارات للشباب الذي يمثل تطلعات وقضايا الشباب لدى الحكومة.
بدأت أصوات الشباب وأفكارهم تتجسد بتأسيس مجلس الإمارات للشباب والمجالس المحلية المنبثقة عنه لتصل إلى أكثر من 20 مجلسا محليا، للتعرف عن قرب على أفكارهم واقتراحاتهم وتوظيفها لخدمتهم وتعزيز مهاراتهم ومعارفهم.
وإلى جانب إنشاء مجلس للشباب في كل وزارة ومجالس مؤسسية للشباب ومجالس عالمية للشباب، تم تشكيل مجلس عالمي للشباب في الولايات المتحدة الأميركية، للعمل على اقتراح الحلول اللازمة لتفعيل المشاركة الإيجابية للشباب في المجتمع في مختلف القطاعات في الدولة.
بالإضافة إلى التعرف على آراء الشباب بشأن أهم القضايا المتعلقة بهم والمساهمة في تعزيز الهوية الوطنية والمواطنة الصالحة لديهم وتمثيلهم في المحافل الدولية.
وعملت المجالس الشبابية على حصر أكثر من 350 فرصة للشباب في مختلف الإمارات في أكثر من 25 حملة مجتمعية وشارك أعضاء مجلس الإمارات للشباب في أكثر من 35 فعالية وطنية وأكثر من 9 مؤتمرات وورش عمل عالمية. ونظم أعضاء المجلس أكثر من 14 مختبرا للابتكار، وحصلوا على رعاية تتجاوز 2.4 مليون درهم وتم إعداد أكثر من 13 استراتيجية تخص الشباب وتم التفاعل مع أكثر من 30 ألف شاب وشابة.
وأطلق مجلس الإمارات للشباب /مبادرة 100 موجه/ الهادفة إلى تطوير مهارات الشباب عن طريق تفاعلهم المباشر مع ذوي الخبرة في جميع القطاعات، حيث تم اختيار 100 شخصية من الكفاءات والخبرات المتميزة لتوجيه الشباب وصقل مهاراتهم وتطوير قدراتهم باستمرار ليكونوا قادة المستقبل.
وتعد الحلقات الشبابية منصة شبابية حوارية تنظم بصورة دورية في مواقع مختلفة ويتم فيها عرض أفضل الممارسات ومناقشة أهم الموضوعات ذات العلاقة بالشباب وتطلعاتهم والتحديات التي يواجهونها وذلك بهدف الخروج بحلول عملية وأفكار مبتكرة وسياسات فاعلة.
كما أنها وجدت لتكون بمثابة منصة حوارية تهدف إلى منح الشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم وانطباعاتهم حول تطلعاتهم وتحدياتهم والمشاركة الجماعية في التأثير الإيجابي.
وأطلقت الأجندة الوطنية للشباب والتي تعد أجندة حية تتفاعل مع التغييرات السريعة والمتطلبات المستقبلية، حيث تم تطويرها بالكامل من قبل الشباب وتحدد أولوياتها في ملتقى الشباب السنوي كما تم إنجاز أكثر من 15 مشروعا ومبادرة.
ولا تقتصر الفعاليات والمبادرات على المستوى المحلي، إذ انتقلت الكثير منها إلى المستوى العالمي، وأطلقت الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، الأسبوع الماضي، “مجلس شباب الأجندة العالمية 2030” ضمن فعاليات منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2018 في دبي، وذلك تعزيزا للجهود الدولية الحكومية الرامية إلى إيجاد نماذج وحلول استباقية تدعم مواجهة التحديات المستقبلية بالإضافة إلى تسليط الضوء على الدور الجوهري لمشاركة الشباب العربي في مسيرة التنمية وصولا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وجاء ذلك على هامش انعقاد الحلقة الشبابية بعنوان “لماذا يعتبر دور الشباب محوريا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وقالت شما المزروعي إن الإمارات هي من النماذج التي يحتذى بها في تمكين الشباب وترسيخ مشاركتهم في شتى المجالات، حيث يأتي إطلاق منصة شبابية ذات توجهات عالمية تماشيا مع التنمية المستدامة 2030 لتشكل داعما مهما وأساسيا في اتخاذ القرارات لتحقيق التغير الإيجابي تجاه أهم القضايا التي تحظى باهتمام الشباب وأجيال المستقبل محليا وعالميا.
"شباب 2030"
وأضافت أن إطلاق منصة “مجلس شباب الأجندة العالمية 2030” يجسد انعكاسا لنهج راسخ يقوم على توفير بيئة ملائمة لاستثمار طاقات الشباب والاستفادة من قدراتهم الإبداعية بما يسهم في إعداد جيل من القادة في المستقبل لديه القدرة على تولي زمام مسيرة التنمية والتقدم والبناء ومواصلة تعزيز المكانة التنافسية للدولة في شتى المجالات.
أكد عبدالله ناصر لوتاه مدير عام الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء ورئيس اللجنة المنظمة لمنتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2018 أن إطلاق “مجلس شباب الأجندة العالمية 2030” ينسجم مع استراتيجية الأمم المتحدة الخاصة بإشراك الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة “شباب 2030”.
أغلب شباب الإمارات يملكون خططا استثمارية مستقبلية
دبي - أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة الإمارات، أن 81 بالمئة من الشباب والفتيات الإماراتيين لديهم خطط للاستثمار في المستقبل، مشيرة إلى أن الشباب الإماراتي الذين توجد لأسرهم استثمارات حالية، هم أكثر توجها نحو الاستثمار في المستقبل.
وأضافت نتائج الدراسة أن الشباب الذين يتوجّهون للاستثمار المالي مستقبلا، يفضّلون التعامل بمحفظة مالية متنوّعة وعدم الاقتصار على التعامل بالأسهم المالية فقط، مشيرة إلى أن الشباب المواطنين لديهم استعداد للمخاطرة المالية من أجل الكسب السريع، ينطبق عليه سلوك المستثمر المعتدل إذ يكون العائد المتوقّع متوسطا ودرجة المخاطرة متوسّطة، حيث تبين أن 54.6 بالمئة سيكون أحيانا لديهم استعداد للمخاطرة وليس في جميع الأحوال.
كما بيّنت النتائج أن استعداد الذكور للمخاطرة المالية من أجل الكسب السريع هو أكثر من استعداد الإناث، لذلك الشباب الإماراتي الذين لدى أسرهم استثمارات حالية هم أكثر استعدادا للمخاطرة المالية من الذين ليست لدى أسرهم أي استثمارات.
وحددت المؤسسة أهدافا محددة قبل إجراء الدراسة، شملت التعرّف على جوانب الثقافة المالية للشباب المواطنين في مجتمع الإمارات، وذلك من حيث قياس مدى الثقافة المالية والإدراك المالي لدى الشباب الإماراتي، والتعرّف على السلوك المالي للشباب، والتعرّف على تأثير الأقران (الأصدقاء) على السلوك المالي للشباب، والتعرّف على إدراك الشباب لمخاطر التعامل المالي والآثار الناجمة عنه، والتعرّف على اتجاهات الشباب نحو التخطيط المالي والاستثمار مستقبلا، وأيضا التعرّف على درجة المعرفة بمسألة التضخم المالي وقدرتهم على حساب قيمة المرابحة، وتقديم المقترحات والتوصيات التي من شأنها رفع مستوى الثقافة المالية لدى الشباب الإماراتي.
وكشفت الدراسة أن نسبة تأثير الأسرة والأصدقاء على السلوك المالي للفرد 54.1 بالمئة، فيما جاء معدل تأثير الأسرة 87.8 بالمئة على سلوكهم المالي بدرجة كبيرة ومتوسّطة، وذلك يرجع إلى أن 64 بالمئة من الأسر الإماراتية تقوم بمناقشة الأمور المالية مع أفرادها، وجاءت مرتّبة تنازليا على النحو التالي: الإنفاق، الاستثمار، الادخار، الديون وأمور مالية أخرى.
وناقشت الدراسة عدة تساؤلات والتي تعتبر عاملا مهما من عوامل النمو والاستقرار المالي والاقتصادي في المجتمع، فيما تكمن مشكلة الدراسة في تحديد العوامل المؤثرة في السلوك المالي للشباب الإماراتي، وأولويات الإنفاق المالي بالنسبة للشباب الإماراتي، وما إذا كان أفراد الأسرة يناقشون الأمور المالية، وهل يقوم الشباب الإماراتي مسبقا بإعداد موازنة شهرية لنفقاتهم أم لا؟ ومدى التزامهم بهذه الموازنة، ومدى معرفة الشباب الإماراتي بأسعار المرابحة والفائدة وطرق حسابها، وكذلك معرفة معدلات التضخم في الدولة، وما إذا كان الشباب الإماراتي يقومون بالتدقيق على مشترياتهم باستخدام بطاقات الائتمان ومراجعة الفواتير.
كما يعكس توجهات الإمارات الرامية إلى دعم الشباب والعمل على إعدادهم وتنمية أفكارهم المبتكرة لمواجهة تحديات المستقبل، وذلك وفق أسس تقوم على تبني أحدث التقنيات والحلول لجمع بيانات ومعلومات وإحصاءات تعطي صورة دقيقة وواضحة لكل مرحلة وتكون مساهمة في وضع الاستراتيجيات للتعامل مع متطلبات كل مرحلة لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
ومن جهتها، قالت أمينة محمد نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ”نؤمن بمسؤوليتنا عن أهداف التنمية المستدامة 2030 ونثق بالدور المحوري الذي يلعبه الشباب في تحقيقها باعتبارهم من أكبر الشرائح السكانية في العالم ويمتلكون إمكانات كبيرة لتحقيق تطلعات التنمية المستدامة لأن المستقبل الذي نتطلع إليه جميعا هو مستقبلهم، لذلك فإن دورهم لا يجب أن يقتصر على المشاركة في صنع القرار وإنما اتخاذه بما يتناسب مع طاقاتهم وقدراتهم في الابتكار واستشراف المستقبل”.
وتتعاون الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء مع المؤسسة الاتحادية للشباب في استهداف عضوية الشباب في المجلس للفئة العمرية من 15 إلى 35 عاما، حيث سيتم اختيار عدد متساو من الذكور والإناث وذلك دعما لتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة وهو التوازن بين الجنسين.
ويأتي إطلاق المجلس بالتزامن مع إطلاق استراتيجية الأمم المتحدة الخاصة بإشراك الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة “شباب 2030” باعتبارهم أساسا للتنمية والمستقبل وعاملا فعالا في متابعة أبرز القضايا الأكثر ارتباطا بحياة الشباب مع التركيز على الأبعاد المرتبطة بالحكومات وأهداف التنمية المستدامة.
منصة تفاعلية
وتمثل منصة المجلس مساحة تفاعلية ومبتكرة تجمع تحت مظلتها صناع القرار من الحكومة والشباب لكونهم ركيزة أساسية في رسم السياسات ووضع الاستراتيجيات وتطوير تشريعات حكومية داعمة لجيل الشباب.
وسيعمل “مجلس شباب الأجندة العالمية 2030 “على تحقيق دور الشباب الفعال في الدول الأخرى العربية والأجنبية على تكرار مثل هذه التجربة المبتكرة في إنشاء مجالس شبابية متخصصة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
ويكتسب المنتدى أهمية خاصة فهو ينعقد تحت مظلة الأمم المتحدة بدبي ويجمع نخبة من أبرز منتجي ومستخدمي البيانات للمساهمة في إطلاق مبادرات مبتكرة تسهم في تحسين نوعية البيانات الصادرة حول البيئة والتعليم وغيرهما من مجالات التنمية المستدامة.
ويتيح المنتدى فرصة مثالية لبناء شبكة علاقات واسعة مع مجموعة من المنظمات والهيئات والشركات والمؤسسات غير الحكومية والأكاديمية العالمية الرائدة.
ويسهم في تكثيف التعاون مع مختلف الفئات، خصوصا وأنه سيقام بمشاركة متحدثين عالميين ومحليين ورواد في مجال البيانات ومستخدمي البيانات وعدد كبير من القيادات من القطاع الحكومي وقطاع الأعمال.
ويعد منتدى الأمم المتحدة للبيانات 2018 أهم تجمع دولي متخصص في البيانات والإحصاء على مستوى العالم، حيث يساهم من خلال جلساته النقاشية المتخصصة في إرساء بيئة علمية حاضنة من شأنها المساهمة في تعزيز دور البيانات والإحصاءات في تحقيق الخطط والاستراتيجيات التنموية ومستهدفات التنمية المستدامة 2030.
وساهم هذا الاهتمام الواسع بالشباب في الإمارات في جعلها الوجهة الأهم للشباب في المنطقة العربية، حيث أظهرت نتائج استطلاع رأي الشباب العربي العاشر الذي تعده مؤسسة “بيرسون مارستيلر” لعام 2018، والذي يغطي 16 دولة عربية، أن الإمارات تبقى البلد المفضل الذي يرنو الشباب العربي للعيش فيه، ويريدون لبلدانهم أن تقتدي به.
وللسنة السابعة على التوالي، يعتبر الشباب العربي الإمارات أفضل بلد للعيش ويتطلعون لأن تحذو بلدانهم نفس النهج، متفوقة بذلك على بقية البلدان الأخرى. وترتبط صورة الإمارات في أذهان الشباب العربي بالأمن والأمان وفرص العمل المجزية.