الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة يتجاهل أفريقيا الأكثر عرضة لصدمات تغير المناخ

لندن - من المتوقع أن تصل الاستثمارات العالمية في مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك السيارات الكهربائية والطاقة النووية والشبكات والتخزين والوقود منخفض الانبعاثات وتحسين الكفاءة والمضخات الحرارية، إلى 2 تريليون دولار في العام الحالي، أي ضعف المبلغ الذي سيذهب إلى الوقود الأحفوري، لكن قارة أفريقيا الأكثر عرضة لصدمات تغيّر المناخ لن تحصل سوى على 2 في المئة فقط من المبلغ المخصص للاستثمار.
ويمثل هذا العام الثاني على التوالي الذي يتجاوز فيه الاستثمار المشترك في الطاقة المتجددة والشبكات المبلغ المنفق على الوقود الأحفوري، بعد أن حدث ذلك لأول مرة في عام 2023.
ويقول المحلل المالي أليكس كيماني في تقرير على موقع أويل برايس الأميركي إن هذا اتجاه مشجع لقطاع يعاني من ارتفاع أسعار الفائدة وتقليص شركات النفط الكبرى أهدافها الاستثمارية في الطاقة النظيفة.
ومع ذلك حذرت وكالة الطاقة الدولية من وجود اختلالات كبيرة ونقص في تدفقات الاستثمار في الطاقة في مناطق كثيرة من العالم.
ومن المنتظر أن تحصل القارة الأفريقية بأكملها على 40 مليار دولار فقط من هبة الطاقة النظيفة البالغة 2 تريليون دولار، مع تدفق 70 مليار دولار أخرى إلى الوقود الأحفوري.
وهذا أقل بكثير من الاستثمار السنوي البالغ 200 مليار دولار الذي تحتاجه القارة حتى عام 2030 لتحقيق أهدافها المناخية.
من المقرر أن تحصل قارة أفريقيا بأكملها على 2 في المئة فقط من المبلغ المخصص للاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة
وتنفق أفريقيا 1.2 في المئة فقط من ناتجها المحلي الإجمالي على استثمارات الطاقة، وهو أقل كثيراً من المتوسط العالمي الذي يبلغ 1.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويشير تتبع الإنفاق العالمي على الطاقة إلى أنه من المقرر استثمار حوالي 110 مليارات دولار في الطاقة عبر أفريقيا في عام 2024، منها ما يقرب من 70 مليار دولار لإمدادات الوقود الأحفوري والطاقة، بينما يذهب الباقي إلى مجموعة من تقنيات الطاقة النظيفة.
وتختلف اتجاهات الإنفاق بشكل كبير في جميع أنحاء أفريقيا، ولكن لا المبلغ الإجمالي ولا النسبة التي يتم إنفاقها على الطاقة النظيفة كافيان لوضع القارة على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ورغم أن أفريقيا تساهم بنسبة 4 في المئة فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، من المتوقع أن تتحمل القارة أكثر من نصيبها العادل من وطأة تغير المناخ.
ووفقا للجنة الإنقاذ الدولية، فإن 7 من أصل 10 من البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ هي دول أفريقية.
وتعد أفريقيا موطنًا لحوالي 17 في المئة من سكان العالم. وفي المقابل، فإن أغنى 10 في المئة من سكان العالم مسؤولون عن أكثر من نصف إجمالي انبعاثات الكربون.
وستذهب حصة الأسد من استثمارات الطاقة النظيفة إلى الصين، لتصل إلى ما يقدر بـ675 مليار دولار بفضل الطلب المحلي القوي في قطاعات الطاقة الشمسية وبطاريات الليثيوم والمركبات الكهربائية.
وتليها أوروبا والولايات المتحدة، باستثمارات في الطاقة النظيفة تبلغ 370 مليار دولار و315 مليار دولار على التوالي.
وكالة الطاقة الدولية ترى أن الطلب على النفط على المدى الطويل سيتدهور بشدة، وتوقعت أن ينخفض الطلب إلى 24 مليون برميل يوميا بحلول عام 2050
وهذا يعني ضمنيا أن هذه الاقتصادات الكبرى الثلاثة سوف تلتهم أكثر من ثلثي الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة المتجددة في العام الحالي.
وعلى مدى سنوات أعرب خبراء صناعة النفط والغاز عن تخوفهم من أن التحول إلى الطاقة النظيفة سيحد من الإنفاق الرأسمالي على الوقود الأحفوري إلى درجة أنه سيتم تقليص العرض قبل أن يتباطأ الطلب.
وتوصل تقرير وكالة الطاقة الدولية إلى نتيجة مثيرة للاهتمام: الاستثمار في النفط والغاز في عام 2024 يتماشى إلى حد كبير مع مستويات الطلب التي تشير إليها إعدادات السياسة الحالية في عام 2030.
ووفقاً للتقرير، من المتوقع أن تنمو الاستثمارات العالمية في مجال النفط والغاز بنسبة 7 في المئة في عام 2024 لتصل إلى 570 مليار دولار، مع الإنفاق في الغالب من قبل شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط وآسيا.
ودعم تقرير وكالة الطاقة الدولية بشكل وثيق من خلال تقرير آخر أصدرته مجموعة الأبحاث والاستشارات العالمية Wood Mackenzie في عام 2023، والذي وجد أن الاستثمار السنوي العالمي الحالي الذي يبلغ حوالي 500 مليار دولار في مجال النفط والغاز يكفي لتلبية ذروة الطلب على النفط في ثلاثينات القرن الحالي.
ووفقا لمجموعة الأبحاث سيتم تحقيق ذلك من خلال 3 طرق رئيسية: تطوير موارد نفطية عملاقة منخفضة الكلفة، وانضباط رأس المال الصارم، والتحسين التحويلي في كفاءة الاستثمار.
وتتوقع المجموعة أن يصل الطلب على النفط إلى ذروته عند 108 ملايين برميل يوميًا في أوائل ثلاثينات القرن الحالي قبل الدخول في مرحلة من الانخفاض طويل المدى.
أما وكالة الطاقة الدولية فهي أقل تفاؤلا بشأن توقيت ذروة النفط، وتوقعت أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته قبل نهاية العقد الحالي مع اكتساب التحول إلى الطاقة المتجددة زخما.
وتوقعت هيئة مراقبة الطاقة ومقرها باريس أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بنسبة 6 في المئة أخرى في الفترة من 2022 إلى 2028 ليصل إلى 105.7 مليون برميل يوميًا.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط المستخدم في النقل سيبدأ في الانخفاض في عام 2026، ويرجع الفضل في ذلك بالأساس إلى ثورة السيارات الكهربائية بالإضافة إلى تدابير السياسة التي تدفع نحو المزيد من الكفاءة.
ومع ذلك توقعت الوكالة أن الطلب على الوقود الأحفوري القابل للاحتراق سيستمر في النمو لفترة أطول قليلا قبل أن يصل إلى ذروته في عام 2028.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على النفط على المدى الطويل سيتدهور بشدة، وتوقعت أن ينخفض الطلب إلى 24 مليون برميل يوميا بحلول عام 2050.