الاحترار المناخي يجرّ العالم إلى موجات الحرّ الحادة

1.2 درجة مئوية متوسط الحرارة الإضافية التي اكتسبها العالم.
الخميس 2022/05/12
العاصفة القادمة قد تهدد الحياة

باريس - تبدو بصمات الاحترار المناخي واضحة وقابلة للقياس في كل موجات الحرّ التي يشهدها العالم اليوم، حسب ما لاحظه الأربعاء عدد من أبرز الخبراء المتخصصين في قياس مدى تسبب التغير المناخي في بروز حالات الطقس الحادة.

وأفادت الوثيقة، التي نشرت الأربعاء ووُصِفَت بأنها دليل إرشادي للصحافيين، بأن الاحترار المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية يزيد من تواتر الفيضانات وشدّتها في بعض أنحاء العالم، كما يفاقم بعض حالات الجفاف، لكن الرابط أقل تلقائية.

وقالت الباحثة المشاركة في الدراسة فريدريكي أوتو من جامعة “أمبريال كوليدج لندن”، “لا شك في أن التغير المناخي يغير قواعد اللعبة عندما يتعلق الأمر بموجات الحر”.

وتشدد أوتو وشريكها في إعداد الدراسة بن كلارك من جامعة “أكسفورد” في الوثيقة على أن “كل موجة حرّ في العالم اليوم أقوى واحتمالات حصولها أكبر بسبب التغير المناخي الذي يسببه الإنسان”.

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر من أن العالم سيشهد زيادة غير مسبوقة في الاحتباس الحراري خلال الأعوام الخمسة المقبلة

ونصح الباحثان وسائل الإعلام التي تتولى تغطية موجات الحرّ بألاّ تكون “حذرة جداً”، إذ أن موجات الحرّ “مرتبطة بالاحترار المناخي”.

وكان العلماء لا يزالون مترددين حتى وقت قريب في الربط رسمياً بين التغير المناخي وظهور حدث محدد في مجال الطقس، لكنّ التقدّم الكبير الذي حققه في السنوات الأخيرة ما يسمى “علم الإسناد” جعل من الممكن معرفة دور الاحترار المناخي في حصول هذا الحدث وقياس هذا الدور في غضون أيام أحياناً.

ورأت فريدريكي أوتو وزملاؤها في منظمة “وورلد ويذر أتريبيوشن” مثلاً أن موجة الحر غير المألوفة التي ضربت أميركا الشمالية في يونيو 2021، وبلغت الحرارة خلالها مستوىً قياسياً هو 49.6 درجة مئوية في كندا وأسفرت عن سقوط ضحايا، كان من “شبه المستحيل” أن تحصل لولا الاحترار المناخي.

وقال عالم المناخ فيكي طومسون من جامعة بريستول في وقت سابق “لقد صدمت موجة الحر الأخيرة في كندا والولايات المتحدة العالم”.

وأضاف “باستخدام نماذج المناخ وجدنا أيضًا أن حالات اشتداد الحرارة من المرجح أن تزداد خلال القرن المقبل، بنفس معدل متوسط درجة الحرارة المحلية”.

ولئن أشارت أوتو إلى أن موجة الحر التي سجلت خلال الربيع الجاري في الهند وباكستان لا تزال قيد التحليل، فقد لفتت أيضا إلى أن “ما نراه الآن سيكون طبيعياً، بل بارداً، في عالم تكون حرارته قد زادت بين درجتين وثلاث درجات مئوية” عما كانت عليه في العصر ما قبل الصناعي.

وقال مكتب الأرصاد الجوية الباكستاني إن شهر مارس كان الأكثر سخونة على الإطلاق منذ 1961، وأرجع العلماء سبب ذلك إلى التغيرات المناخية.

وفي الوقت الحالي بلغ متوسط الحرارة الإضافية التي اكتسبها العالم نحو 1.2 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.

لكنّ ليس بالضرورة أن يكون الاحترار المناخي سببا رئيسيا في كل الحالات التي تسجل فيها حالة طقس حادة. ويُصرّ الخبراء على ضرورة مراعاة الدور الذي تؤديه العوامل الأخرى في بعض الكوارث، كاستصلاح الأراضي وإدارة المياه.

وأحيانا لا تكون للتغير المناخي أي علاقة بما يحصل. فعلى سبيل المثال اعتبر خبراء “وورلد ويذر أتريبيوشن” أن الاحترار المناخي أدى دوراً ضئيلاً فحسب في ظهور الجفاف والمجاعة الاستثنائية التي ضربت مدغشقر من 2019 إلى 2021، إذ أن النماذج المناخية تتوقع حصول زيادة في حالات الجفاف في هذه الجزيرة اعتباراً من ارتفاع حرارة الأرض المكتسبة بدرجتين إضافيتين مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.

وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة من أن العالم سيشهد زيادة غير مسبوقة في الاحتباس الحراري خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

العلماء لا يزالون مترددين حتى وقت قريب في الربط رسمياً بين التغير المناخي وظهور حدث محدد في مجال الطقس

وجاء في تقرير للمنظمة أن ثمة احتمالاً نسبته 50 في المئة لارتفاع حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية ولو لفترة وجيزة بحلول عام 2026.

ولا يعني ذلك أن العالم سيتجاوز مستوى ارتفاع حرارة الأرض على المدى الطويل البالغ 1.5 درجة مئوية والذي وضعه العلماء كحد أقصى لتجنب تغير المناخ بشكل ينذر بكارثة، إلا أن ارتفاع حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية أخرى على مدى عام يمكن أن يشي بتجاوز ذلك المستوى على المدى الطويل.

ويمكن أن تنتج عن ارتفاع حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية آثار وخيمة كإتلاف شعاب مرجانية وانحسار الغطاء الجليدي البحري في القطب الشمالي.

ومن شأن الأنشطة والسياسات الحالية أن تضع العالم على مسار ارتفاع حرارة الأرض بنحو 3.2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.

ومنذ عام 2015 يتزايد احتمال تخطي مستوى 1.5 درجة مئوية خلال فترة قصيرة، فقد قدر العلماء عام 2020 احتمال الوصول إلى هذا المستوى بنسبة 20 في المئة قبل أن يرفعوا تلك النسبة خلال العام الماضي إلى 40 في المئة.

وتحدثت الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ عن طرق يمكن من خلالها تغيير السلوك المجتمعي للتعامل بشكل أكثر مسؤولية مع تغير المناخ والكوارث التي يتسبب فيها؛ ذلك أنه غالبًا ما تحدث مشكلة عند تأطير التحديات المعقدة بشكل ضيق وتحميل المسؤولية للأفراد من أجل تقويم سلوكهم.

Thumbnail
18