الاتحاد الأوروبي يُسابق تحركات روسيا لإنقاذ شراكته شرق القارة العجوز

بروكسل - يسعى قادة الاتحاد الأوروبي إلى إنقاذ شراكته مع دول واقعة في الجهة الشرقية التي تعدّ منطقة نفوذ واسع لروسيا، وهي أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا وأرمينيا وأذربيجان التي تعدّ خمس جمهوريات سوفييتية سابقة وتواجه محاولات زعزعة استقرار تدبّر من موسكو وتشهد انقسامات.
ويرجح مسؤولون أوروبيون أن الوقت مناسب جدا للقمة الأوروبية التي عقدت الأربعاء لأن هذه الدول تشهد فترة معقدة بسبب ضغوط روسيا وخلافات داخلية.
ويشدد القادة الأوروبيون على أنه يتعين على روسيا بشكل عاجل نزع فتيل التوترات الناجمة عن حشدها العسكري على الحدود مع أوكرانيا. ويحذرون من أن أيّ اعتداء عسكري ضد أوكرانيا سيؤدي حتما إلى عواقب وخيمة وتكاليف باهظة.
وقال وزير أوروبي لوكالة فرانس برس “لا يمكننا القيام بشيء. بعض الدول الأعضاء تدفع في اتجاه قبول جورجيا وأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي لكن بالنسبة إلى آخرين فإن هذا الأمر غير ممكن”.
ونددت كييف بعرقلة عملية انضمامها إلى حلف الأطلسي وبالعقبات في عمليات تسليم منظومات أسلحة. واتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي برلين خصوصًا بمنع تسليم بلاده أسلحة دفاعية.
وقال زيلينسكي في مقابلة مع صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية “منعتنا ألمانيا مؤخرًا من الحصول على شحنات بنادق مضادة للطائرات المسيرة وأنظمة مضادة للقنص في إطار التعاون مع حلف شمال الأطلسي، وهي أسلحة دفاعية بحتة”.
وأضاف أن “أي دولة ديمقراطية تحمي نفسها من العدوان يجب أن يكون لها الحق في الحصول على هذا النوع من الأدوات الدفاعية. ولكن الخوف هو الذي يهيمن دائماً في عواصم معينة”.
الزعزعة الدائمة لاستقرار العديد من مناطق الشراكة الشرقية يثير قلقا أوروبا لأنه يهدد السلام في المنطقة
وبدأ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال المحادثات اعتبارا من مساء الثلاثاء واستقبل قادة أرمينيا وأذربيجان لمحاولة “تهدئة التوتر” بعد حرب قصيرة لكن دامية وقعت بينهما في خريف العام الماضي من أجل السيطرة على منطقة ناغورني قره باغ وأسفرت عن وقوع 6500 قتيل.
وفي ختام هذا اللقاء شجعهما ميشال على استعادة الثقة والسعي إلى “اتفاق سلام شامل”. وقال الرئيس الأذري إلهام علييف “علينا طي صفحة الأعمال العدائية”.
الشراكة الشرقية تواجه صعوبات
والشراكة الشرقية التي أطلقت عام 2000 تواجه صعوبات. فقد علق الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو مشاركة بيلاروسيا في يونيو الماضي، بينما تشهد أرمينيا وأذربيجان حالة نزاع متصاعد، فيما تعيش جورجيا أزمة سياسية ولا تزال أوكرانيا مهددة بتدخل عسكري روسي جديد ومولدافيا تشهد توترا اقتصاديا بسبب رفع أسعار الغاز الروسي وتوترا سياسيا مع دعم موسكو لمنطقة ترانسنيستريا الانفصالية.
وأقر المسؤول الأوروبي الكبير بأن الزعزعة الدائمة للاستقرار في العديد من مناطق الشراكة يثير قلقا شديدا لأنه يهدد السلام والاستقرار في المنطقة.
وصعّد الاتحاد الأوروبي مؤخرا لهجته حيال موسكو وندد باستخدام أسعار الغاز أو تدفق المهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا كورقة ضغط، وفرض عقوبات لكنها “لا تشكل شيئا بالنسبة إلى فلاديمير بوتين الذي لا يتعامل إلا مع الأميركيين في أسس أمن أوروبا” كما تابع الوزير الأوروبي.
وتزامنا مع تصاعد حدة التوترات بين روسيا والغرب بشأن الحشود العسكرية على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، أجرت موسكو تدريبات عسكرية على حماية المجال الجوي لشبه جزيرة القرم، باستخدام منظومات الدفاع الجوي إس – 400.
وعلى الرغم من علاقتها العدائية المتزايدة مع الاتحاد الأوروبي، لا تعتزم روسيا قطع العلاقات مع أوروبا. بل تتطلع إلى مواصلة استراتيجيتها القديمة للتحايل على الاتحاد الأوروبي كهيئة فوق وطنية من خلال تنمية العلاقات الثنائية مع الدول الأعضاء بالتكتل كل على حدة.

ويريد الرئيس الروسي تحييد الجمهوريات السوفييتية السابقة الواقعة على حدود الاتحاد الأوروبي وتركيا، عبر معارضته انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي.
ويرفض الأوروبيون حق الفيتو هذا، لكن لا أحد يتحدث عن انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف الأطلسي ولا إلى الاتحاد الأوروبي كما قال العديد من الدبلوماسيين والمسؤولين الأوروبيين.
وذكر الناطق باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي أن “الانضمام يشمل دول البلقان الغربي وليس مجموعة دول الشراكة”.
وأوضح بيتر ستانو “نحن مدركون لتطلعات هذه الدول لكننا نعمل على أساس اتفاقات الشراكة” الموقعة في 2014 مع كييف وتبيليسي وشيسيناو.
وقال المسؤول الأوروبي “نقدم لهذه الدولة شراكة مصممة خصيصا لها. تقوم على إعطاء المزيد لأولئك الذين يريدون فعل المزيد”.
وأضاف “خطة استثمار بقيمة 2.3 مليار يورو وقادرة على جمع 17 مليار يورو تم إعدادها في يوليو لإعادة إطلاق الشراكة. وسيعتمد توزيعها على الإصلاحات المطلوبة وجدوى المشاريع المقدمة”.
لكن خيبة الأمل تسود لدى دول الشراكة لأن تصريحات الدعم لم تتبعها أفعال. وقال ممثل إحدى الدول الأعضاء لوكالة فرانس برس “على الاتحاد الأوروبي أن يضبط أفعاله وردود فعله بشكل جيد حتى لا يعطي روسيا ذريعة للانتقال إلى الأفعال”.
وأكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء “نحن مستعدون للتحرك لكننا لا نريد المساهمة في تدهور الوضع”.