الاتحاد الأفريقي.. منظمة يريدها أعضاؤها أن تبقى ضعيفة

أديس أبابا - يتعرض الاتحاد الأفريقي للكثير من الانتقادات ومؤخرًا كان هذا من داخل صفوفه.
وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد عن إحباطاته بعد قمة الاتحاد الأفريقي في فبراير 2024 حين اتهم الدول الأعضاء بعرقلة أداء اللجنة لعملها، والفشل في التوفيق بين القول والعمل.
وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية 2021 و2022 و2023، لم يتم تنفيذ 93 في المئة من قرارات الاتحاد الأفريقي.
وجاء في تقرير نشره موقع ذوكونفرسيشن أن العديد من الانتقادات الموجهة إلى الاتحاد الأفريقي لها ما يبررها.
وتم تشكيل الاتحاد الأفريقي في عام 2002 ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقية. وتشمل مؤسساتها مفوضية الاتحاد الأفريقي، والبرلمان الأفريقي، والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ولكن السلطة الحقيقية تكمن في أيدي جمعيتها العمومية، المؤلفة من رؤساء الدول والحكومات.
وقد رفض المؤتمر نقل صلاحيات ذات معنى إلى أيّ من أجهزة الاتحاد الأفريقي. وعلى سبيل المثال، لا يمارس برلمان عموم أفريقيا أيّ صلاحيات تشريعية ملزمة ولا تستطيع مفوضية الاتحاد الأفريقي إجبار الدول الأعضاء على الالتزام بقواعد الاتحاد الأفريقي فيما ترفض معظم الدول الأعضاء الامتثال لقرارات محكمة حقوق الإنسان.
ليس للاتحاد الأفريقي صلاحيات فوق وطنية ولذلك لن يكون قويا إلا بالقدر الذي تسمح به الدول الأعضاء
ويختلف الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد عن الاتحاد الأوروبي، حيث تمارس سلطات ملزمة فوق وطنية من قبل أجهزة مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي.
ويشير مراقبون إلى أن هدف الاتحاد الأفريقي المتمثل في تعميق التكامل القاري في أفريقيا لا يضاهيه صلاحيات أجهزته.
وكما أظهرت العديد من التقارير الصادرة بتفويض من الاتحاد الأفريقي، فإن المنظمة مختلة وظيفيا وغير صالحة للغرض.
وقطع الاتحاد الأفريقي شوطا طويلا في الأعوام العشرين الأولى من عمره، لكن ضعفه الذي طال أمده يكمن في الدول الأعضاء، وليس في سلطته التنفيذية (مفوضية الاتحاد الأفريقي).
ويتطلب حل المشكلة الاستعداد السياسي من قِبَل الدول الأعضاء للتضحية تدريجياً بسيادتها من أجل الصالح الأعظم للتكامل القاري.
وهناك حاجة أيضًا إلى المزيد من الطرق المبتكرة والإبداعية لمعرفة كيفية نقل السلطات إلى أجهزة الاتحاد الأفريقي الضعيفة.
ومنذ إنشائه في عام 2002، كان الحديث حول ما هو مطلوب لجعل مؤسساته فعّالة أكثر من مجرد الحديث عن إصلاح مشاكله العديدة.
ويسمح القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي للجمعية بنقل بعض وظائفها إلى أجهزة مثل برلمان عموم أفريقيا ومفوضية الاتحاد الأفريقي ومع ذلك، لم يتم فعل سوى القليل جدًا بشأن هذا الأمر.
هدف الاتحاد الأفريقي المتمثل في تعميق التكامل القاري في أفريقيا لا يضاهيه صلاحيات أجهزته
وبدلاً من منح البرلمان القدرة على سن قوانين ملزمة، فإن البروتوكول منحه فقط صلاحيات وضع “قوانين نموذجية” وهذه ليست أكثر من توصيات.
وينطبق الشيء نفسه على مفوضية الاتحاد الأفريقي، حيث لا يمكنها إجبار الدول الأعضاء على الامتثال لقراراتها.
وليس للاتحاد الأفريقي أيّ وسيلة لممارسة صلاحيات فوق وطنية (ملزمة لدوله الأعضاء) ولذلك لن يكون قويا إلا بالقدر الذي تسمح به الدول الأعضاء له.
ويتمتع الزعماء الأفارقة بسجل مثير للقلق في وضع المكاسب المحلية الضيقة قبل نقل السلطات العليا إلى الاتحاد الأفريقي.
وفي عام 2016، كلف القادة الأفارقة الرئيس الرواندي بول كاغامي بتقديم تقرير حول كيفية إصلاح الاتحاد الأفريقي.
وتم تقديم التقرير إلى مؤتمر الاتحاد الأفريقي في عام 2017. ودعا إلى تحسين التنسيق بين أجهزة الاتحاد الأفريقي والمجتمعات الاقتصادية الإقليمية، وتعزيز قدرة أجهزة الاتحاد الأفريقي على تحقيق التكامل القاري.
وبعد ثماني سنوات، يشعر كاغامي بالإحباط بسبب قلة النتائج. وعلى الرغم من خيبة أمل أنصار الإصلاحات الطموحة للاتحاد الأفريقي، إلا أن الإصلاحات التي اقترحها كاغامي حققت بعض التقدم الملموس إذ دفعت هذه التطورات إلى إعادة النظر في الهياكل المؤسسية.
هناك حاجة إلى المزيد من الطرق المبتكرة والإبداعية لمعرفة كيفية نقل السلطات إلى أجهزة الاتحاد الأفريقي الضعيفة
ومن الأمثلة على ذلك القرار المتعلق بالتمويل الذاتي، الذي أعاد تفعيل صندوق السلام التابع للاتحاد الأفريقي وميزانية الأمم المتحدة لحفظ السلام المتاحة لطلبات دعم عمليات السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.
ومع ذلك، لا يزال 61 في المئة من إجمالي ميزانية الاتحاد الأفريقي يتم تمويلها من قبل شركاء الاتحاد الأفريقي الخارجيين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين والهند وكوريا الجنوبية. ولا تزال الدول الأعضاء تدفع في المتوسط من 80 إلى 90 في المئة فقط من المساهمات المستحقة عليها.
وتتطلب ممارسة الاتحاد الأفريقي لسلطاته الملزمة على دوله الأعضاء فصل السياسات الشخصية عن السياسات المؤسسية، والتصديق على الصكوك القانونية القائمة، وعرض أمثلة على الحكم الرشيد لعموم أفريقيا.
ويتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي أن تلتزم بالتوصل إلى خطة عملية توضح كيف تعتزم، على المدى القصير إلى المتوسط، نقل صلاحيات ذات معنى إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي وبرلمان عموم أفريقيا.
وعلى سبيل المثال، ينبغي تشجيع الدول الأعضاء الراغبة والقادرة على المضي قدما في منح البرلمان سلطات تشريعية تتجاوز الحدود الوطنية.
ولا يمنع البروتوكول ذلك لأنه يشجع الدول الأعضاء على تجربة الانتخابات المباشرة لعضوية البرلمان. كما يشجع بروتوكول الاتحاد الأفريقي بشأن حرية الحركة الدول الأعضاء الراغبة والجماعات الاقتصادية الإقليمية على اتخاذ الإجراءات اللازمة.
ولا شيء يمنع مثل هذه الدول الأعضاء من الدخول في ترتيبات مع برلمان عموم أفريقيا ومفوضية الاتحاد الأفريقي لتوفير المبادئ التوجيهية وحتى مراقبة الطريقة التي تنفذ بها هذه الأهداف.
وعلى غرار منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، ينبغي أن تكون التصديقات الوطنية على صكوك الاتحاد الأفريقي علنية وشفافة لتسريع العمل على القرارات المتفق عليها.
ويجب على الدول الأعضاء تشجيع إشراك المجتمع المدني الأوسع في صياغة شروط وأحكام المضي قدمًا في المشروع فوق الوطني للاتحاد الأفريقي. وبهذه الطريقة، سيتم ضمان الشعور بالملكية الشعبية وشرعية المنظمة.