الإنسان يكتسح الأرض فأين تعيش بقية الكائنات

عدم تغير النظام الغذائي العالمي يهدد نحو 90 في المئة من موائل الفقاريات الأرضية بالانكماش بحلول عام 2050.
الثلاثاء 2021/01/12
أنانية الإنسان تلغي حق الحيوان في العيش

أنانية الإنسان الذي يتوسع في الإعمار والزراعة جعلته يكتسح الموائل التي تعيش فيها الكائنات الأخرى من الحيوانات التي تحقق التوازن البيئي للكرة الأرضية، وهي اليوم مهددة بالانقراض ما يعني أن البشرية ستكون مهددة هي الأخرى في حياتها. وإذا لم يتم التفكير في طرق أخرى لتحقيق الأمن الغذائي فإن الأرض ستضيق على الحيوانات.

لندن ـ من المتوقع أن يؤدي التوسع في نطاق الزراعة لتوفير الاحتياجات الغذائية للبشر في ظل تنامي عدد السكان العالمي، لكنه في المقابل سيفضي إلى تقلص موائل الآلاف من أنواع الحيوانات على نحو قوي خلال العقود المقبلة، وذلك حسبما انتهت إليه نتائج دراسة أجراها فريق دولي.

وحذرت الدراسة من أنه في حال عدم تغير النظام الغذائي العالمي، فإن موائل نحو 90 في المئة من الفقاريات الأرضية ستنكمش بحلول عام 2050.

ووفقا للدارسة، فإن نحو 1300 من نحو 20 ألف نوع من الثدييات والطيور والبرمائيات، تم فحصها، ستفقد ما لا يقل عن رُبُع موائلها، فيما سيفقد نحو 350 نوعا ما لا يقل عن نصف موائله. وقدم فريق البحث مقترحات حول كيفية تأمين التغذية للبشر بطريقة تحافظ على الموائل الحيوانية.

وكتب فريق البحث الدولي في مجلة “نيتشر ساستينابيليتي” (استدامة الطبيعة)، أن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة يصنف في الوقت الراهن خُمُس جميع الفقاريات الأرضية على أنها “مهددة” أو “مهددة بقوة” أو “مهددة بالانقراض”.

وأشار الفريق إلى اختفاء التنوع البيولوجي في كل أنحاء العالم، وأن توسيع نطاق الزراعة يمثل التهديد الأكبر للموائل، وحذر العلماء من أن حيوانات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وكذلك في جنوب ووسط أميركا ستكون الأكثر تضررا من هذا التوسع.

ونُقِل عن ديفيد ويليامز، العالم بجامعة ليدز والمُعِدِّ الأول للدراسة، قوله في بيان صادر من الجامعة البريطانية، “تشير دراستنا إلى أنه دون حدوث تغييرات كبيرة في الأنظمة الغذائية، فإن من الممكن اختفاء الملايين من الكيلومترات المربعة للموائل الطبيعية بحلول عام 2050″، وصمم الفريق خارطة عالمية عالية الدقة للتطور المتوقع للطبيعة والزراعة.

وعي بيئي لإنقاذ الحيوانات
وعي بيئي لإنقاذ الحيوانات 

وأدرج الفريق بيانات إطارية للتوقعات، منها تطور السكان والرخاء في منطقة ما، والمناطق ذات الإمكانات الزراعية، والموائل والمحميات الطبيعية، وموائل نحو 20 ألفا من الفقاريات الأرضية، ونحو أربعة آلاف نوع من البرمائيات ونحو 11 ألف نوع من الطيور، ونحو خمسة آلاف نوع من الثدييات. والتطور الزراعي من 2001 حتى 2013 بالإضافة إلى سيناريوهات مختلفة للمستقبل.

وأظهرت الدراسة أنه وفقا لسيناريو استمرار الوضع القائم، فإن المساحة الزراعية على مستوى العالم سترتفع بحلول عام 2050 بنسبة 26 في المئة أو بمقدار 3.35 مليون كيلومتر مربع مقارنة بالمساحة الزراعية لعام 2010، أي ما يعادل نحو عشرة أمثال مساحة ألمانيا (357 ألف كيلومتر مربع)، وستكون المساحات الزراعية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وجنوب وجنوب شرق آسيا بالإضافة إلى وسط أميركا وأجزاء من أميركا اللاتينية على سبيل المثال في شمال الأرجنتين، في طليعة المساحات المتأثرة بهذا التطور.

وأضاف فريق البحث أن المساحات الزراعية في جنوب كندا وجنوب غرب الولايات المتحدة ستكون في طليعة المساحات المتضررة في أميركا الشمالية. وفي المقابل، توقع الباحثون تناقصا طفيفا في المساحات الزراعية في أوروبا.

وذكر الفريق أنه في إطار هذا السيناريو ستتقلص موائل أكثر من 17 ألفا و400 من الـ19 ألفا و859 نوعا (87.7 في المئة) بحلول عام 2050، وفي المقابل سيكتسب نحو 6 في المئة من الحيوانات المزيد من الموائل، ثلاثة أرباع هذه الحيوانات من الطيور التي يمكن أن تعيش على المساحات الزراعية. وستتقلص الموائل للأنواع التي تم مسحها في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة تتجاوز 14 في المئة في المتوسط، وسيتأثر بهذا على نحو خاص حيوانات مثل الثدييات في شرق أفريقيا.

وانتهى الباحثون إلى أن نحو 1300 نوع من الحيوانات على مستوى العالم سيفقد ما لا يقل عن رُبُع موائله، فيما سيفقد نحو 350 نوعا ما لا يقل عن نصف موائله و96 نوعا ما لا يقل عن 75 في المئة، مشيرين إلى أن هذا الأمر ينطبق على نحو خاص على المناطق التي تتسم بمستوى عال من التنوع البيولوجي.

البشرية تلاحق شركاءها في العيش
البشرية تلاحق شركاءها في العيش

واعتبر الباحثون توقعهم بمثابة مطالبة للساسة بتوجيه الزراعة بصورة أكثر تحديدا نحو الهدف، ورأوا أن التحول إلى نظام غذائي أكثر صحة يمكن أن يسهم في هذا وفي تقليل المفقود في المواد الغذائية أثناء النقل على سبيل المثال والتخزين، بالإضافة إلى وضع تنسيق أفضل بين المناطق الزراعية والمحميات.

وذكر الباحثون أنه إذا تمت الاستفادة من كل هذه التدابير، عندئذ ستتقلص المساحة الزراعية بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2010 بمقدار نحو 3.4 مليون كيلومتر مربع، وبمقدار 6.7 مليون كيلومتر مربع مقارنة بتوقعات سيناريو مواصلة الوضع القائم. ولفت الباحثون إلى أن الموائل الطبيعية ستتقلص عندئذ في كل المناطق وعلى سبيل المثال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بما لا يزيد عن 1 في المئة.

وكتب الفريق “ربما كان الأهم هو أن فقدان الموائل بالنسبة إلى الأنواع الأكثر تضررا سيكون أقل خطورة إلى حد بعيد مقارنة بما كان يمكن أن يحدث في حال تحقق سيناريو مواصلة الوضع القائم”، وتوقع الباحثون أن الموائل ستتقلص عندئذ بنسبة تزيد عن الربع بالنسبة لـ33 نوعا وليس 1280 نوعا.

واختتم الباحثون عرض النتائج بالتأكيد على أنه بالرغم من أن دراستهم تقدم تحليلا مكانيا عالي الدقة فإنه من الممكن أن يكون فقدان الأنواع أكبر من ذلك فعليا بكثير لأن التوقعات لم تأخذ في اعتبارها التغير المناخي ولا التلوث البيئي ولا تأثير الأنواع الغازية أو تجزئة الموائل.

20