الإنترنت.. معاناة إضافية لطلبة المدارس في غزة

الكثير من المواطنين في قطاع غزة يخشون الذهاب أو إرسال أولادهم إلى مقاهي ونقاط توزيع الإنترنت لاستهدافها من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
الثلاثاء 2025/01/14
رحلة البحث عن المستقبل

غزة (الأراضي المحتلة)- في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، والتي طالت كافة مناحي الحياة، ومع إعلان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بدء الدراسة عن بُعد يواجه الآلاف من الطلبة في مدارس الوكالة الأممية والملتحقين في الدراسة لديها مشكلة في الدراسة للانقطاع شبه الدائم لشبكات الإنترنت عن القطاع.

وتقدم وكالة الأونروا منذ بداية الشهر الجاري رزمًا تعليمية يومية عبر موقع التواصل الاجتماعي الواتساب من خلال قيام مدرسيها بنشر رزم تعليمية عبر التطبيق، وهو ما يشبه التعليم فترة انتشار فايروس كورونا، لكن المختلف هذه المرة أن لا منازل ولا مدارس ولا شبكات إنترنت، فقد هدّم الاحتلال وقصف عشرات الآلاف من البيوت والمئات من المدارس، ويحرم الناس من الاتصالات والإنترنت طيلة أيام الحرب المستمرة لأكثر من خمسة عشر شهرًا متتالية.

بوكس

ويخشى الكثير من المواطنين في قطاع غزة الذهاب أو إرسال أولادهم وبناتهم إلى مقاهي ونقاط توزيع الإنترنت لاستهدافها في غير مرة من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي وإيقاع العشرات من روادها بين شهيد وجريح.

ويقول الطالب أنس جودة، في الصف التاسع، إنه سجل نفسه في المدرسة من خلال الرابط الذي أطلقته الأونروا للالتحاق بالدراسة عن بعد من خلال تواصل المدرسين مع الطلاب عبر الواتساب إلا أنه يواجه مشكلة في الحصول على تلك الرزم اليومية لافتقاره لهاتف أو جهاز لابتوب للدراسة، الأمر الذي يحرمه معرفة كل ما ينشر أسوة بزملائه.

ويضيف بالقول “إنني في بعض الأحيان أستلف هاتف والدي وأذهب به إلى نقطة شحن الهواتف وهذا يأخذ من وقتي ساعتين على أقل تقدير، وبعدها أتوجه إلى نقطة توزيع إنترنت لأتمكن من الحصول على الرزم،” مشيرا إلى أنه في الكثير من الأوقات يكون هناك ضعف في الشبكة، ويؤثر بشكل سلبي على تحميل الرزم، وكل ذلك يحتاج إلى مجهود بدني وعقلي إضافة إلى تكلفة مادية من خلال شحن الهاتف وشراء بطاقة إنترنت.

بينما يقول الطالب بهاء أبوعوض في الصف السادس الأساسي “لقد التحقت أنا وإخوتي الثلاثة في التعليم عن بعد ونقوم بشكل يومي بالذهاب إلى نقطة توزيع إنترنت ومعنا هاتف واحد فقط، ونتناوب على الدراسة عبر الواتساب ونجبر جميعًا لانتظار بعضنا البعض للذهاب والإياب لخطورة الأوضاع مدار الساعة في قطاع غزة”.

ويضيف “إننا نقوم من أول اليوم بإرسال الهاتف إلى نقطة الشحن الكهربائي حتى نتمكن من الدراسة وتحفنا في أيام الغيوم غصة لصعوبة شحن الهاتف،” مضيفًا “بعد الذهاب إلى نقطة الإنترنت وتنزيل الرزم اليومية نعود إلى الخيمة ونبدأ بمراجعة ودراسة ما تم إرساله من قبل المدرسين، وهذا فيه مشقة علينا حيث لا كتب ولا قرطاسية أولًا ولانشغالنا في توفير الطعام من التكية تارة وتعبئة المياه تارة أخرى”.

بينما يقول حازم حسان، الطالب في الصف السابع، “أنا لا أملك هاتفًا أو جهاز حاسوب فأجبر على مرافقة أحد أصدقائي وزملائي في المدرسة لنذهب سويًا إلى نقطة الإنترنت، فيقوم هو بتنزيل المرفق عبر الواتساب على هاتف والده ومن ثم أقوم أنا بنقله على كراستي، وهذا الأمر فيه تعب ومشقة لعدم توفر الكتب ولصعوبة نقل الكتابة من الهاتف، وأيضا لتأثير ذلك على زميلي الذي يجبر على انتظاري حتى أتم الكتابة”.

بوكس

وأشار إلى أنه يواجه صعوبة في تسليم الواجبات اليومية حيث يجبر على كتابتها على كراسته الخاصة ومن ثم يقوم بنقلها مرة ثانية على هاتف والد زميله وبعدها يسلم واجباته الأمر الذي يجبر زميله على الانتظار طوال هذه الفترة، لافتًا إلى أنه ولصعوبة الأوضاع المادية يضطر هو وزميله لدفع ثمن بطاقة الإنترنت مناصفة أو يقوم أحدهما بدفعها مرة والآخر في مرة أخرى.

فيما قالت الطالبة سالي ماجد، في الصف التاسع الأساسي، إنني أجبر على تأخير دراستي لوقت المساء حتى يتمكن والدي أو أحد إخوتي من مرافقتي لنقطة توزيع إنترنت لحمايتي في ظل الأوضاع الخطيرة، ولأنها تخشى أيضا من سرقة هاتفها في المكان العام كما سبق أن حدث معها في مرة سابقة.

وأشارت إلى أنه في أحيان يذهب معها أخوها الأصغر ومعه هاتف والدته، ويقومان بشراء بطاقة واحدة وإدخالها على أحد الهاتفين، ومن ثم يتم ربط الهاتف الآخر بالإنترنت من أجل توفير ثمن بطاقة ثانية لمرة أخرى.

أما المدرس محمد حمدان فيقول “أعيش نفس الظروف الصعبة التي يمر بها طلابي من نزوح وتشرد ومعاناة وانقطاع للإنترنت وصعوبة شحن الهاتف والبطاريات، إلا أنني مجبر على الذهاب إلى نقطة توزيع الإنترنت لأقضي فيها على الأقل أربع ساعات متتالية، حيث أقوم بإعداد المادة المراد تنزيلها وإرفاقها للطلبة والقيام بإرفاقها للطلاب عبر الواتساب وانتظار الطلبة لتسليمها وقراءتها ومتابعة من يريد الاستفسار والأسئلة، وهذا كله يزيد من معاناتنا التي نحياها كل يوم من أيام العدوان، وكل ذلك الوقت يكون على حساب التزامات أخرى أُجبرنا على القيام بها.”

وتمنى أن ينتهي العدوان وأن تعود الدراسة من جديد لأن الظروف الحالية تكبد أولياء الأمور مصاريف إضافية فوق طاقتهم من شحن الهواتف وشراء بطاقات إنترنت وغيرها من المصروفات اليومية.

أما المدرس أحمد الحطاب فيقول إنه أفضل حالًا من غيره من المدرسين والطلاب فإنه يتوفر في المنطقة التي يقطنها إنترنت إلا أنه يشعر بغصة في قلبه لعدم تمكن الكثير من المدرسين والطلاب الحصول على خدمة الإنترنت، ومواجهتهم صعوبة بالغة من حيث الوقت والإنترنت وصعوبة في التعلم، متمنيًا من شركات الاتصال الخلوي في قطاع غزة منح حزم إنترنت مجانية للطلاب والمدرسين، وتكون بسرعة معقولة ليتمكنوا من إتمام الدراسة لأن الحزم المتوفرة لا تلبي أدنى المطلوب منها.

وأضاف “أبذل كل ما بوسعي من أجل التخفيف عن طلابي من خلال مساعدة من هم في محيط سكني بالتدريس المجاني ومتابعة أمورهم الدراسية، وأرجو أن تزول الغمة عن شعبنا وتعود عجلة الحياة إلى ما كانت عليه قبل خمسة عشر شهرًا من حرب الإبادة.”

 

16