الإمارات تشجع تربية النحل لتعزيز الأمن الغذائي والتنوع البيولوجي

مع توجه العالم إلى حياة أكثر استدامة في ظل تزايد مخاطر الانبعاثات، عملت دولة الإمارات على تطوير واستدامة تربية النحل وإنتاج العسل للاستهلاك المحلي والتصدير وتعزيز البحوث العلمية حتى تمكنت من تطوير سلالة النحل الإماراتية وتذليل التحديات التي تواجه المناحل، وعملت على تطبيق حلول مبتكرة لها.
دبي - تتبنى دولة الإمارات مبادرات طموحة لتطوير واستدامة تربية النحل وإنتاج العسل، اعتماداً على دراسات وأبحاث علمية وتطبيقية لتطوير أفضل الأساليب والممارسات الملائمة لبيئة الإمارات.
وتمثل تربية النحل وإنتاج العسل أحد جوانب التنمية الزراعية المستدامة الداعمة لمنظومة الأمن الغذائي، بالإضافة إلى الأهمية البيئية لتربية النحل من خلال مساهمته في عملية التلقيح المرتبطة بإكثار النباتات والأشجار، كما أن للتلقيح تأثيراً إيجابياً على البيئة عموماً إذ يساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي والأنظمة الإيكولوجية التي تعتمد عليها الزراعة وتحتاجها مجموعة واسعة من النباتات.
وقطعت الإمارات أشواطاً واسعة في تحقيق الاستدامة في المجال من خلال تطوير سلالة النحل الإماراتية وتذليل التحديات التي تواجه المناحل، وعملت على تطبيق حلول مبتكرة لها، بما ساهم في تعزيز قدرتها وكفاءتها الإنتاجية وضمان استمرارية سلاسل توريدها سواء على مستوى السوق المحلية أو التصدير إلى الخارج.
وفي هذا الإطار تعد حملة “استدامة وطنية” التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، منصة مثالية لنشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الإستراتيجيات الإماراتية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً إلى مجتمع واعٍ بيئيا.
وقد خصصت الحملة محوراً خاصاً لـ”أبطال العمل المناخي”، بهدف إبراز المبادرات المبتكرة في مجال العمل المناخي لبناء مجتمع أكثر استدامة.
وتنتشر على امتداد الإمارات بتضاريسها المتنوعة موائل طبيعية عديدة لتربية النحل وجني العسل بمختلف أنواعه. ويعتبر العسل الإماراتي أحد أجود أنواع العسل في العالم خاصة عسل “السمر والسدر والغاف”، وهناك إنتاج لأنواع أخرى، لكن بكميات بسيطة مثل عسل القرم الذي يتم إنتاجه من زهور شجرة القرم وعسل السنط العربي وعسل اللوز العربي وعسل الشريش وعسل الربيع.
كما يعد تطوير سلالة النحل الإماراتية ركيزة أساسية لاستدامة تربية النحل في الدولة لأنه يعتمد على تطوير وإنتاج ملكات نحل يمكنها التأقلم مع بيئة ومناخ الإمارات.
وتعمل وزارة التغير المناخي والبيئة على تطبيق منظومة متكاملة تشمل إقرار التشريعات وإطلاق البرامج والمبادرات الداعمة لهذا القطاع بما يشمله من مجالات عدة ومنها تربية نحل العسل.
وتشمل جهود الوزارة في المجال إقرار التشريعات الخاصة باستيراد وتداول نحل العسل ومنتجاته والتي تحدد سلالات النحل المسموح باستيرادها والأخرى المحظورة ومواصفات النحل المستورد، وإطلاق خدمات إلكترونية مجانية متخصصة لاعتماد الأغذية والمكملات الغذائية لنحل العسل، إضافة إلى بناء قاعدة بيانات إلكترونية للنحل والنحالين تحقيقاً لهدفين إستراتيجيين يتمثلان في تعزيز التنوع الغذائي وضمان استدامته واستدامة النظم الطبيعية.
وتركز الوزارة بالتعاون مع كافة الجهات المسؤولة على التوسع في عدد وحجم المحميات الطبيعية والرقعة الخضراء في الدولة، بما يسهم بدوره في توفير مساحات رعي أوسع لنحل العسل.
ويوجد في الإمارات أكثر من مليون و200 ألف خلية نحل تنتج آلاف الأطنان من العسل سنوياً للاستهلاك المحلي والتصدير، بحسب الجمعية العربية لتربية النحل، وتقام سنوياً العديد من المعارض والمهرجانات الخاصة بهذا المجال.
ونظمت بلدية دبي مهرجان حتا للعسل لمدة 7 أعوام على التوالي في منطقة حتا، الذي تمتد فعالياته من 27 إلى 31 ديسمبر من كل عام، وسط مشاركة أكثر من 50 نحالاً من مختلف إمارات الدولة، والهادف إلى دعم قطاع إنتاج عسل النحل على مستوى الدولة، ويأتي ذلك في إطار الحرص على تقديم مختلف سبل الدعم المتنوعة للصناعات المحلية التي تشتهر بها منطقة حتّا، ما يسهم في فتح المزيد من الفرص الاقتصادية الواعدة أمام سكانها.
وقد نجحت الإمارات خلال العام الماضي في إنتاج ما يزيد على 3079 ملكة وتم توزيع أكثر من 2700 ملكة على 90 من مربي النحل الإماراتيين، وذلك بهدف دعم مربي النحل وإنتاج العسل، وتحفيز المزيد من المربين على تعزيز كفاءة واستدامة هذا القطاع الحيوي، حيث إن تربية النحل وإنتاج العسل يمثلان أحد جوانب التنمية الزراعية المستدامة الداعمة لمنظومة الأمن الغذائي.
وتم تطوير سلالة نحل إماراتية تتميز بصغر حجم الشغالات ونشاطها في جمع الرحيق، وزيادة كفاءتها في إنتاج العسل مع التقدم في تربية الأجيال، كما أن الملكات ذات نشاط عالٍ في وضع البيض وإنتاج أنماط ممتازة من الحضنة، بالإضافة إلى تأقلمها مع الظروف البيئية المحلية بشكل جيد، وتمت تربية وإنتاج الملكات حتى وصلت اليوم إلى إنتاج الجيل الثامن.
وقد عملت الإمارات على إنشاء مختبرات علمية وتقنيات متطورة لتشخيص أمراض وآفات نحل العسل ضمن الأنشطة البحثية والتطويرية، بهدف تشخيص أمراض وآفات نحل العسل بأحدث التقنيات للكشف عن مسببات أمراض النحل، وتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية على تشخيص الأمراض والآفات ومساعدة مربي النحل في الكشف عن الأمراض في المناحل وتقديم التوصيات والمشورة الفنية اللازمة لمكافحة الأمراض والآفات. وقد نجح المشروع في إثبات إمكانية استمرار طوائف النحل في الدولة طوال العام والتكيف مع حرارة الصيف.
وقد كان النحل شريك الاستدامة في إكسبو 2020 دبي، حيث نجحت إدارة المعرض في تجربتها لجني عسل مستعمرة نحل أنقذها العاملون في الموقع أثناء عمليات البناء عام 2016 ونجحوا في نقلها من الموقع إلى مكان آمن في حديقة نحل “جمعية مربي النحل” في المدينة المستدامة في دبي.