الإعدام شنقا لقاتل الباحث العراقي هشام الهاشمي

الحكم القضائي الصادر بحق الضابط السابق أحمد حمداوي عويد يأتي بعد عامين من عملية الاغتيال تأجلت خلالها جلسات محاكمته عشر مرات.
الأحد 2023/05/07
الحقيقة ما تزال غائبة حول هوية الجهات التي دفعت إلى قتل الهاشمي

بغداد - أصدرت محكمة عراقية حكما بالإعدام بحقّ شرطي سابق لإدانته باغتيال الباحث هشام الهاشمي في يوليو 2020 قرب منزله في بغداد، بعد تأجيل محاكمته وجلسات التحقيق الخاصة بالقضية لعشر مرات، بسبب ظروف غامضة يُرجعها البعض إلى امتناع المتهم عن الحضور وضغوط سياسية على القضاء.

وذكر بيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى العراقي اليوم الأحد بأن "محكمة جنايات الرصافة أصدرت حكمها بالإعدام بحق المجرم أحمد حمداوي عويد عن جريمة قتل الخبير الأمني هشام الهاشمي".

وبإمكان المدان استئناف هذا الحكم، كما أكد مصدر قضائي فضّل عدم كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية.

واغتيل الهاشمي في السادس من يوليو عام 2020، أمام منزله بمنطقة زيونة في العاصمة بغداد، برصاص أشخاص على دراجة نارية، في حادث أثار ضجة بين الأوساط الشعبية ولقي صدى دوليا.

وبعد عام على الاغتيال، أعلن رئيس الوزراء حينها مصطفى الكاظمي القبض على المتهّم الرئيسي، وهو أحمد حمداوي عويد الكناني الضابط في وزارة الداخلية البالغ 36 عاماً والمنتمي إلى القوات الأمنية منذ العام 2007.

ومنذ أكثر من عامين فشل القضاء الحالي في عقد جلسة لمحاكمة قاتل الهاشمي، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول صحة الأنباء المتداولة حول تهريب القاتل من السجن على يد فصيل مسلح إلا أن السلطات العراقية نفت تلك الأنباء.

وأجل القضاء العراقي محاكمة قاتل الهاشمي عشر جلسات متتالية، ليعزز بذلك الأحاديث المتداولة عن انصياع الأجهزة الحكومية والسلطة القضائية لتهديدات الميليشيات وكل من يحاول إدانة زعاماتها بالإرهاب.

وكشف مصدر قضائي في وقت سابق أن محاكمة قاتل الهاشمي تقرر تأجيلها للمرة العاشرة إلى السابع من مايو المقبل، بسبب تقديم طعن ثان وإرسال الدعوى إلى محكمة التمييز.

واتهم العديد من النشطاء قوى سياسية بتعطيل المحاكمة، لاسيما وأن المتهم ينتمي إلى كتائب حزب الله- وهو فصيل مسلّح من فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران- وكان قد ظهر في يوليو 2021 واعترف بتنفيذ الجريمة خلال شهادة بثتها وزارة الداخلية الحالية.

وكان الهاشمي يقدّم استشارات لشخصيات سياسية عراقية وتولى وظائف استشارية لبعض الأجهزة الأمنية المحلية. وأثار اغتاله صدمةً في العراق وتنديداً من الأمم المتحدة وعواصم غربية.

وأيّد الهاشمي التظاهرات التي شهدها العراق في أكتوبر 2019، والتي ندّد فيها المتظاهرون بالفساد في البلاد وبالنفوذ الإيراني، وطالبوا بتغيير للنظام السياسي. وتعرّضت الحركة الاحتجاجية للقمع الشديد وتلتها عمليات اغتيال وخطف ومحاولات قتل استهدفت العشرات من الناشطين.

ورغم إعلان الحكم بالإعدام على القاتل، إلا أنّ الحقيقة ما تزال غائبة حول هوية الجهات التي دفعت إلى قتل الهاشمي، وغيره من الصحافيين والناشطين خلال الأعوام الماضية.

ففي عام 2021 تضاربت الأنباء بشأن إصدار محكمة في بغداد مذكرة لإلقاء القبض على المسؤولِ الأمني لكتائب حزب الله في البلاد حسين مؤنس فرج المعروف إعلاميًا بأبوعلي العسكري، في حين توعد رئيس الوزراء السابق في حينها بملاحقة من يهددون العراقيين بالسلاح المنفلت.

وبحسب تقارير إعلامية، أصدرت المحكمة القرار وفق المادة الرابعة من قانون الإرهاب، ردًا على ما يبدو على تغريدة منسوبة للعسكري على تويتر عدت بمثابة تهديد لرئيس الحكومة في حينها.

ونفت ميليشيا الحشد الشعبي وقتها إقامة مديرية الأمن دعوى قضائية لدى الجهات المعنية على حسين مؤنس فرج أو شخص يكنى أبوعلي العسكري، ودعت وسائل الاعلام إلى ضرورة التعامل مع المصادر الرسمية في تناول هذه الأخبار والمعلومات في محاولة للملمة تسرب وثيقة إلقاء القبض.

وبحسب وثيقة متداولة فإن العسكري مطلوب على أساس شكوى مقدمة لمكتب أمن الحشد، وفق قانون مكافحة الإرهاب.

وبرز اسم العسكري بسبب تغريداته المتشددة والعنوان الذي يحمله بصفته "المسؤول الأمني" لميلشيا حزب الله، المعروفة بسريتها وابتعاد قادتها عن الإعلام.

ويتهم العسكري بالمسؤولية عن مقتل الهاشمي الذي كان أول من ربط بين حساب ابو علي العسكري واسم حسين مؤنس، وتصاعدت حدة الاتهامات الموجهة إليه بعد مقتل الهاشمي إلى حد اضطره لنفي تلك الاتهامات علنًا.

ومطلع العام الحالي قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "الحكومة العراقية السابقة روجت لاعتقال القاتل المزعوم للمحلل الأمني المعروف هشام الهاشمي، لكن القضاة في القضية قاموا في مناسبات عديدة بتأجيل محاكمته".

وأفاد تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في يونيو الماضي، أن "الإفلات من العقاب" لا يزال مستمراً في العراق في ما يتعلّق بهجمات تستهدف متظاهرين وناشطين ومنتقدين لـ"عناصر مسلحة وجهات سياسية" تنسب اليها الهجمات.

ولاحظ التقرير أنه في حين "يتم تنفيذ معظم الجرائم بدون الكشف عن هوية الجناة"، فإن "المعلومات تشير إلى أن المحتجزين والمدانين قد ينتمون إلى جماعات مسلحة معروفة تعمل خارج سيطرة الدولة".

وبدورها أكدت منظمة العفو الدولية على أن الإفلات من العقاب سمة سائدة في العراق بعد المئات من عمليات القتل غير المشروعة من قبل القوات الحكومية والميليشيات خلال الاحتجاجات في ثورة أكتوبر.

وشددت المنظمة على استمرار نهج الإفلات من العقاب في حكومة السوداني، أسوة بالحكومات السابقة في العراق.

ووفقًا للتقرير فإنه "ساد الإفلات من العقاب على المئات من عمليات القتل غير المشروعة خلال احتجاجات أكتوبر 2019 مع إحراز تقدم ضئيل في التحقيق مع الجناة المشتبه بهم، وتقاعست السلطات العراقية عن إعلان نتائج التحقيقات التي أجرتها اللجان التي شـُكـّلت في أعقاب الاحتجاجات للتحقيق في أعمال العنف التي شابت الاحتجاجات، فضلا عن عمليات القتل المستهدفة ومحاولات القتل التي جرت ضد عشرات النشطاء بين عامي 2019 و2021 واستمرت الجهات المسلحة في تهديد النشطاء، فضلا عن أقرباء المحتجين والنشطاء القتلى أو المختفين، بالقتل أو بتعريضهم للاختفاء، ما دفعهم إلى الاختباء أو الهروب إلى خارج البلاد".