الإصلاح في الأردن ينتظر عودة الملك من إجازته

لجنة الإصلاح السياسي تنفي إنجاز قانون انتخاب عصري.
الاثنين 2021/07/05
هل يؤثر غياب الملك على استمرار عمل اللجنة؟

عمان – ينتظر الأردنيون عودة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من إجازته لبث الحياة في مبادرة الإصلاح السياسي التي أطلقها الملك عبدالله بعد أسابيع من أزمة الأمير حمزة التي نشبت داخل الأسرة المالكة. ويزور العاهل الأردني الولايات المتحدة لمدة ثلاثة أسابيع منها إجازة خاصة طويلة، لكنه سيلتقي أيضا الرئيس الأميركي جو بايدن.

ويعوّل الأردن على اللقاء المبرمج منذ فترة في تعزيز العلاقات مع الحليف الأميركي التي شابها بعض الفتور خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. ويتم التركيز رسميا على تقديم الزيارة على أنها الأولى لزعيم عربي إلى الولايات المتحدة منذ تولي بايدن السلطة أوائل هذا العام.

لكن توقيت الإجازة التي بدأت في الأول من يوليو الحالي، مع طول مدتها، لا يزال يطرح تساؤلات حول إمكانية تحقيق تقدم في مخرجات اللجنة التي شكلها الملك لغايات الإصلاح السياسي قبل حوالي شهر وبدأت اجتماعاتها مؤخرا ضمن لجان فرعية تبحث قوانين الأحزاب والانتخاب وحرية التعبير.

مالك العثامنة: الأخبار المسربة من عمل لجنة الإصلاح لا تسرّ الأردنيين
مالك العثامنة: الأخبار المسربة من عمل لجنة الإصلاح لا تسرّ الأردنيين

وأعلنت “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية” المؤلفة من 92 عضوا برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي أنها لم تنجز شيئا في مجال التوافق على قانون انتخاب عصري.

ويمثل القانون المنتظر أحد أركان الإصلاح السياسي الذي يفترض أن ينتهي إلى تشكيل حكومات منتخبة تحد من سلطات الملك وتقوم على التمثيل الحزبي في البرلمان. وهذا ما تجنبت اللجنة الخوض فيه. وقال الرفاعي في وقت سابق إن صلاحيات الملك من شأن الملك.

وفي الأردن، الذي باتت فيه مسؤولية الحكومات مقصورة منذ سنوات طويلة على تسيير الحياة اليومية للبلد، تهيمن أجهزة الحكم المرتبطة بالملك على القرارات السياسية المؤثرة.

وتعوّد الأردنيون على الظهور المتكرر للملك في مناسبات وأحداث مهمة خلال الأشهر الأخيرة التي شهدت تداعيات أزمة الأمير حمزة والوضع الاقتصادي العام وأزمة كورونا وطرحت مخاوف حول استقرار الحكم في الدولة التي تأسست قبل مئة عام.

وبدأت اللجنة التي تم تشكيلها في العاشر من يونيو الماضي الاستماع إلى أطراف من خارج أعضائها، كالهيئة المستقلة للانتخابات التي كانت على علاقة مباشرة مع القوانين السابقة وتدرك هناتها ومواطن الخلل فيها.

ونفى الناطق الإعلامي باسم اللجنة الملكية مهند مبيضين مؤخرا ما تم تداوله من آراء وأخبار حول وجود تصور واضح لقانون الانتخاب.

وقال مبيضين لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) إن ما تم نشره من آراء وأخبار حول قانون الانتخاب، وتحديدا ما هو متعلق بعدد مقاعد أعضاء مجلس النواب وآلية توزيعها، لم يتم بحثه أو مناقشته في لجنة الانتخاب.

وأضاف أن اللجنة وقفت خلال الأيام الماضية على مناقشة الغايات وموجبات التحديث بما يحقق أهدافها المناطة بها بإنجاز برلمان فيه حضور للأحزاب بشكل برامجي، حيث لم تدرس إلى غاية الآن أي سيناريوهات لمشروع قانون انتخاب.

ونقل المحلل السياسي الأردني مالك العثامنة عن مبيضين تأكيده عدم مناقشة اللجنة أيًّا من الملفات المكلفة بها، وأن فرق اللجنة لا تزال في باكورة عملها رغم ضيق الوقت.

وترى أوساط سياسية أردنية أن هناك بطئا شديدا يسود عمل اللجنة، زاد منه غياب الملك. ويعود ذلك إلى خشية رئيسها، الذي هناك تحفظات عليه، من اعتماد قوانين قد تلقى اعتراضات شديدة من قبل القوى المختلفة.

وقال العثامنة، في تصريح لـ”العرب”، “لا أرى في سمير الرفاعي الرجل المعجزة الذي يمكن أن يجمع في لجنة واحدة التناقضات والمتنافرات التي تصب في مصلحة أجندة قوى الوضع الراهن”.

واعتبرت مصادر سياسية أردنية أن الوتيرة التي تسير بها أعمال اللجنة تجعل من الصعب عليها الالتزام بالمهلة المحددة لعملها، أي الخريف المقبل، محذرة من أن مسار الأمور يشي بأن عمل اللجنة قد يستغرق عدة أشهر، وهذا من شأنه أن يعزز مخاوف البعض من أن يكون الأمر متعمدا رغبةً في امتصاص غضب الشارع من خلال الادعاء بوجود تمش إصلاحي هو ليس موجودا في واقع الأمر.

Thumbnail

وقالت إن هذه المخاوف لها ما يبررها بالنظر إلى تجارب سابقة مريرة مع الإصلاح؛ فإثر الاحتجاجات التي شهدتها بعض الأقطار العربية، ومن بينها الأردن عام 2011، تعهد الملك عبدالله الثاني بالقيام بإصلاحات سياسية تستهدف الوصول إلى حكومات برلمانية، لكن هذه الوعود ظلت معلقة إلى حين طرح الملك الأوراق النقاشية عام 2017، والتي لم يجْر تفعيلها هي الأخرى.

ويرى مراقبون أن أي حديث عن إصلاح في الأردن عادة ما يكون ناجما عن ردة فعل على هزة في الداخل، وما إن تمر حتى يتمّ التراجع عن تلك الوعود.

واعتبر المحلل السياسي الأردني مالك العثامنة أن ما يتسرب من أخبار من داخل اجتماعات اللجنة لا يسرّ الأردنيين، بحكم الجدل المتصاعد على رئيسها سمير الرفاعي، مشيرا إلى أن وجود الملك في إجازة لا يؤثر كثيرا على استمرار عمل اللجنة.

وعبر عن اعتقاده في أن الملك سيتدخل بعد عودته من إجازته أولا وبعد نهاية عمل اللجنة ثانيا، لأن خيار الإصلاح السياسي لم يعد ترفا أبدا، وهو مصلحة العرش والجالس على العرش.

وقال العثامنة، في تصريح لـ”العرب”، “مع أنه لا يمكن توثيق هذه التسريبات إلا أنّها في النهاية تتماهى مع ما نعرفه عن شخصية رئيس اللجنة، فهو ليس إصلاحيا، فضلا عن كونه ابن المنظومة السياسية والقوى التي من مصلحتها أن تحافظ على الوضع الراهن في المحصلة”.

وتساءل المحلل السياسي الأردني عن سرعة وجودة عمل لجنة الإصلاح وهي تحت ضغوط خارجية، وتعيش مأزقا داخليا بسبب تنافر أعضائها. وجاءت خطوة تشكيل اللجنة في ظل ارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي، وانضمام العشائر إلى الأصوات الضاغطة والمطالبة بالإصلاح.

ويهدف عمل هذه اللجنة، حسب ما هو معلن، إلى وضع إطار تشريعي يؤسس لحياة سياسية نشطة تهيئ المجال لبرلمان قائم على البرامج وليس برلمانا “صوريّا” هدفه تزكية خطوات السلطة التنفيذية. وتعهد الملك شخصيا بالوقوف على مخرجات عمل اللجنة.

وليست هذه اللجنة الأولى التي جرى تشكيلها فقد سبقتها نحو تسع لجان منذ استلام الملك عبدالله الثاني العرش عام 1999، من بينها لجنة الأجندة الوطنية ولجنة “الأردن أولا” ولجنة “كلنا الأردن”.

1