الإصلاح الأمني بالسودان يصطدم بخلافات البرهان وحميدتي

الخرطوم – اختتم بالعاصمة السودانية الخرطوم، مساء الأربعاء، مؤتمر "الإصلاح الأمني والعسكري" آخر مؤتمرات المرحلة النهائية للاتفاق السياسي بالبلاد، دون التوصل لتوصيات نهائية، بعد تغيب قادة الجيش عنه وسحب ممثليهم احتجاجا على عدم تضمين إدماج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.
وأعاد المؤتمر إلى الواجهة الصدام المكتوم بين الجيش وقوات الدعم السريع، المنظومتين العسكريتين، الذي خرج إلى العلن ووصل إلى مراحل متقدمة خلال الأسابيع الأخيرة.
وخلال رحلة البحث عن الوفاق، تخلّف عن اللحاق بالركب الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، والفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الدعم السريع، وكبار قادة المنظومتين.
وظهرت المقاعد فارغة في جلسة ختامية لمؤتمر الترتيبات الأمنية والعسكرية، التي كان من المفترض أن ينتج عنها لملمة للشمل وإصلاح طال انتظاره.
وكان السر وراء تغيب قادة الجيش -بحسب وسائل إعلام سودانية- احتجاجهم على عدم تضمين إدماج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.
وأنهت الأطراف العسكرية والمدنية المشاركة بالعملية السياسية، الورشة، دون تلاوة توصيات.
وأفادت وسائل إعلام محلية نقلا عن مسؤولين عسكريين بأن القوات المسلحة سحبت ممثليها من جلسة التوصيات بشأن "ورشة الإصلاح الأمني والعسكري"، مشيرة إلى أن الجيش وصف التوصيات المقرر إخراجها بـ"المنقوصة".
وقال المسؤولون إن "القوات المسلحة ترفض التوصيات المنقوصة التي من المقرر إخراجها من الورشة"، مبررة ذلك بأنها "غير شاملة".
وأضافوا أن " البرهان ودقلو لن يشاركا في الجلسة الختامية لـ"ورشة الإصلاح الأمني والعسكري".
كما أكد موقع "سودان تربيون"، خبر تغيب البرهان ودقلو عن المؤتمر، حيث أفاد نقلا عن مسؤول عسكري رفيع بأن "التوصيات الختامية للمؤتمر تجاهلت مقترحات الجيش بخصوص فترة دمج قوات الدعم السريع بالجيش، والتي اقترحها الجيش بعامين".
وأضاف أن "الورقة المقدمة اشترطت كذلك على مسؤولي القوات المسلحة وقف أي عمليات تجنيد جديدة للدعم السريع، والاتفاق خلال الأشهر الأولى على قيادة موحدة، وتعديل قانون قوات الدعم السريع بعودة المادة التي تنص على تبعيتها للجيش".
وأكد المسؤول أن "الآلية الثلاثية وأطراف الإطاري المدنيين متماهين مع قوات الدعم السريع".
وكان البرهان أكد، في وقت سابق، أن "أحد أسباب تأييدهم للاتفاق الإطاري هو نصه على بند واضح بشأن دمج قوات الدعم السريع في الجيش".
وكشف مسؤول في قوات الدعم السريع، أن "أطراف العملية السياسية وقعوا على مسودة اتفاق حول مبادئ وأسس الإصلاح الأمني والعسكري في 15 مارس الجاري".
ولفت في تصريحات صحافية، إلى أن "مبادئ وأسس الإصلاح الأمني والعسكري تشمل عملية دمج قوات الدعم السريع بالجيش وحددت له 10 سنوات ووافق قائد الجيش على ذلك البند ووقع عليه".
وتؤكد ورقة المبادئ والأسس على "وضع آليات متدرجة للقيادة والسيطرة لمراحل دمج قوات الدعم السريع في الجيش، تبدأ بتوحيد القيادة، ثم يعقبها توحيد هيئة الأركان، وقيادة المناطق، والفرق تباعا، في فترة لا تتعدى 10 سنوات".
وأوضح المسؤول أن "المسودة بعد توقيع الجميع عليها بما في ذلك الآلية الثلاثية (بعثة الأمم المتحدة في السودان، والاتحاد الأفريقي، هيئة إيغاد، التي تيسر العملية السياسية التي تهدف إلى استعادة الانتقال المدني)، باتت هي الأساس المعتمد للعمل عليها في الورشة".
ويأتي المؤتمر استكمالا لعملية سياسية انطلقت في 8 يناير الثاني الماضي بين الموقعين على "الاتفاق الإطاري" المبرم في 5 ديسمبر الماضي بين مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية أبرزها "الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي"، للتوصل إلى اتفاق يحل الأزمة في البلاد.
وقال متحدث العملية السياسية بالسودان خالد يوسف عمر في كلمة بنهاية المؤتمر، إن "المؤتمر هدف إلى بحث عملية الإصلاح الأمني والعسكري بغرض تطوير الأسس للتصورات المتفق عليها لعمليات الإصلاح والدمج والتحديث للمؤسسات الأمنية والعسكرية بما يعزز عملية الانتقال الديمقراطي وسيادة حكم القانون".
والإصلاح الأمني والعسكري من قضايا الاتفاق النهائي التي اتفقت عليها الأطراف المدنية والعسكرية، وتشمل كذلك 4 أخرى وهي: العدالة والعدالة الانتقالية، والسلام، ومراجعة وتفكيك نظام 30 يونيو 1989، وقضية شرقي السودان.
وأوضح يوسف أن "عملية الإصلاح الأمني والعسكري جزء لا يتجزأ من الإصلاح السياسي والاقتصادي والحزبي والمؤسسي الشامل للدولة السودانية".
وذكر أن المؤتمر "تناول الإصلاح الأمني والعسكري بكل أبعاده فيما يتعلق بالقوانين والقوات والهياكل والعقيدة العسكرية وتعدد الجيوش والقوات وتنقية القوات من العناصر الحزبية".
وتابع أن "ستواصل اللجان الفنية المتخصصة من العسكريين والمدنيين النقاشات حول الصياغات الفنية والعامة النهائية للتوصيات التفصيلية للمؤتمر، بغية نشرها للرأي العام وإدراجها في مسودة الاتفاق السياسي النهائي، وذلك عقب فراغ اللجان الفنية من نقاشاتها".
وقررت القوى المنخرطة في العملية السياسية توقيع اتفاق نهائي، السبت المقبل، يعقبه توقيع مشروع الدستور الانتقالي، تمهيدًا لتشكيل حكومة مدنية في 11 أبريل المقبل.
وفي كلمة للآلية الثلاثية في ختام المؤتمر، اعتبر مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد بلعيش، أن "إقامة مؤتمر الإصلاح الأمني والعسكري هو نجاح لأن المؤتمر يعنى بمستقبل واستقرار السودان".
وأضاف بلعيش "لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية في ظل وجود جيوش متعددة، والسودان بحاجة لمزيد من الاتحاد، والإصلاح ضروري".
وتابع "القيادة العسكرية السودانية أكدت التزامها مجددا بتأسيس قطاع أمني محترف، وإصلاح القطاع الأمني والعسكري بداية لإصلاح يحتاج زمنا طويلا، ونأمل في استمرار الحوار بين جميع السودانيين".
وتهدف العملية السياسية الجارية بالسودان إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر2021، حين فرض قائد الجيش البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.