الإشراف الأكاديمي في الجزائر

تدرج معظم التقارير التي تقيم البحث العلمي في منظومات التعليم العالي، سواء في العالم العربي أو في الغرب، أن الجامعات الجزائرية في ذيل الترتيب على المستوى العربي والدولي معا ومع الأسف فإن سلطات التعليم في الجزائر لم تعالج هذه الآفة الخطيرة.
يعود تدهور التعليم العالي الجزائري إلى أسباب كثيرة منها ضعف إطارات التدريس العاملين في الميدان وغياب المسؤولين المشرفين الأكفاء بوزارة التعليم العالي نفسها وخاصة في دائرة التكوين ودائرة البحث العلمي.
وفي الواقع لا يمكن فصل ظاهرة تدهور التعليم العالي في الجزائر عن الضعف المتفاقم لمستوى منظومة التعليم الابتدائي والتكميلي والثانوي، لأن ثمة ترابطا عضويا بين كل هذه الفروع التي تشكل في جملتها ما يدعى بالمنظومة التعليمية والتربوية في البلاد.
وفي الحقيقة فإن أزمة التعليم الجزائري تطال أيضا التعليم المهني بكل فروعه، حيث يمكن القول بنزاهة وحياد موضوعي إن الجزائر لم تحدث تطويرا نوعيا وعصريا في ميدان التكوين والتعليم أما ما يروج له السياسيون الجزائريون مثل الادعاء بوجود تقدم ملموس على صعيدي المستوى وديمقراطية التعليم فليس سوى جعجعة مقنعة.
من بين المشكلات الأساسية المطروحة بحدة راهنا مشكلة الإشراف على مذكرات الليسانس، وأطروحات الماجستير والدكتوراه في مجال العلوم الإنسانية بشكل خاص.
ويلاحظ أن الطلاب والطالبات يفتقدون إلى المشرفين المهنيين القادرين فعليا على قيادتهم أثناء إعدادهم لمشاريع البحث العلمي، ثم أثناء ممارستهم لعمليات البحث الميداني نظريا وتطبيقيا، وجراء هذا يصطدم هؤلاء الطلاب بشتى المشكلات وفي مقدمتها مشكلة التوجيه النظري والمنهجي فضلا عن مواجهة غياب روح متابعة خطوات البحث حتى يكتمل بنجاح.
ومن الملاحظ أيضا هو أن أطروحات الطلاب الباحثين في الجامعات الجزائرية لا تربط موضوعاتها بالتنمية الوطنية وبالحاجات الفكرية المستجدة من جهة .
ومن جهة أخرى فإن هؤلاء الباحثين الشبان لا يعلمون كيف ينخرطون في مهام الابتكار كأن يحققوا الأهداف الأكاديمية المتوخاة في تخصصات البحث العلمي الرصين مثل معالجة نظرية من النظريات سواء في علم الاجتماع، أو الأدب، أو الفكر والفلسفة قصد معالجة نقائصها وتطويرها أو تعديلها أو دحضها علميا وابتكار نظرية بديلة تحقق الإنجاز الأكاديمي العلمي المنشود.
إن هذا الهدف الاستراتيجي غائب طبعا الأمر الذي جعل ولا يزال يجعل الطلاب الباحثين يكررون القضايا والموضوعات التي أكل الدهر عليها وشرب. والأدهى والأمر هو انتشار ظاهرة سرقة المذكرات والأطروحات أو الأفكار الأساسية التي تتضمنها هذه الأطروحة أو تلك.