الإبل تلتقي في أطول مهرجان في السعودية والخليج

تعدُّ الإبل عند العرب منذ آلاف السنين مصدر رزق ووسيلة تنقل في حلهم وترحالهم، ولسان فخر في حياتهم، وثقافة مستمدة من تاريخهم العريق، لذلك تنظم لها السعودية أطول مهرجان في الخليج.
الرياض ـ بمشاركة أكثر من 40 ألفا من الإبل يملكها ثلاثة آلاف شخص، تتواصل فعاليات مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، وهو أحد أطول مهرجانات السعودية، في العاصمة الرياض.
المهرجان، الذي انطلق في التاسع والعشرين من نوفمبر ويستمر 45 يوما، يعد فرصة لمحبي هذه الحيوانات الثمينة لعرض الإبل، التي تقدر قيمتها بالملايين من الريالات، في مزادات.
وقال الأمير خالد بن سلمان رئيس لجنة التحكيم “الاهتمام الحكومي راجع لكون الإبل أولا ثروة حيوانية، وثانيا هي تراث عريق وأصيل. يتعلق بها أهل هذا البلد، والأمر الآخر أن لها محبين ويعتني بها قطاع كبير من المواطنين ومن غيرهم من دول الخليج والدول العربية”.
وتنقسم الإبل إلى نوعين، أولهما، الجمل العربي أو الوحيد السنام، وثانيهما: الجمل ذو السنامين، وهما نوعان منفصلان يتشابهان كثيرا حتى أن ما يقال عن أحدهما يمكن أن ينطبق إلى حد كبير على الآخر، ويقطن الجمل العربي المناطق الصحراوية لشمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وتم إدخاله كحيوان مستأنس في الهند وأستراليا، ولا يوجد الجمل العربي في الواقع بصورة وحشية على الرغم من وجود ما يعرف بالجمال البرية التي هجرت الاستئناس لتهيم على وجهها، أما الجمل ذو السنامين، فهو حيوان قوى البيان يعيش في ‘آسيا’ شمال جبال الهمالايا.
وعبَّر مرتادو مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في دورته السابعة التي انطلقت فعالياتها تحت شعار “همة طويق” عن تجربتهم الاستثنائية، سواء من ناحية المشاركة في الفعاليات والعروض أو لأجل التجارة والبحث عن الرزق الحلال.
وذكر خالد بن حثلين، وهو مالك إبل “أن الإبل من هويتنا وأصالتنا، صرنا نتاجر فيها”.
وعبَّر ماجد السبيعي أحد رواد المهرجان لوكالة الأنباء السعودية (واس) عن أهمية المهرجان في إحياء الموروث الثقافي والرياضي للإبل، علاوة على استفادة أهل المحافظة وضواحيها من الحركة الاقتصادية التي أنعشت الأسواق، مبينا أن هناك طلبا على المنتجات الشعبية مثل السمن والأقط وصناعة السدو والحرف اليدوية والتراثية.
وعبَّرت إحدى كبيرات السن من بائعات الأسر المنتجة، منيرة، عن سعادتها في كل عام وهي تحضر المهرجان لتلتقي بالزبائن الذين اعتادوا الشراء من منتجاتها الشعبية اليسيرة، مثل الأقط والسمن والجريش وخبز القرص، ومدى فرحتهم بالاستمتاع بالمذاق السعودي الأصيل، حيث تأتي من الصباح الباكر؛ لتقوم بتحضير وتجهيز الإفطار في السوق الشعبي، مشيرة إلى أن حياة الماضي باتت محط شغف من قبل الجيل الشاب، خصوصا عندما يشاهدون ويتصورون كيف كانت الحياة صعبة في عهد الآباء والأجداد، وما وصلنا إليه من رغد عيش في الحاضر، متمنية في الوقت ذاته أن ترى المهرجان في تقدم وتطور ونماء في ظل القيادة الحكيمة لهذا الوطن المعطاء.
ويقول المنظمون والمشاركون إن “هوس” السعوديين بالإبل أدى إلى ارتفاع أسعارها مع وصول سعر بعض الجمال إلى ما بين 15 و20 مليون ريال سعودي (ما بين أربعة ملايين و5.5 مليون دولار) للحيوان الواحد.
وقال نايف الراجحي، وهو مالك إبل “في الإبل نحن أكثر من مهووسين، والهوس يصبح أمرا عاديا نريد أن نحافظ على تراثنا، نحن نستمتع مع الإبل ولا يعرف هذه المتعة إلا من يعيش هذه التجربة”.
وذكر محمد الحربي المتحدث الرسمي للمهرجان “طبعا هذه القيمة العالية وهذا الاهتمام الكبير أثّرا على أسعار الإبل وارتفعت ارتفاعا كبيرا، بعض الجمال أسعارها تصل إلى أكثر من 15 و20 مليونا”.
وأضاف أن المهرجان يعتبر من أطول المهرجانات على المستوى المحلي والإقليمي، يقام على مدى 45 يوما حيث تقام يوميا منافسات لفئات متعددة، كما بيّن أن أرقام الإبل تتجاوز الأربعين ألف جمل، منها أكثر من 3000 مشارك، واستقبل المهرجان خلال الفترة الماضية أكثر من مليون زائر.
ويعتبر المهرجان حدثا ثقافيا واقتصاديا ورياضيا وترفيهيا. وقد حدد منافسات لجميع أنواع الإبل على مدى 75 جولة.
وأكدت الشاعرة راجين العنزي إحدى الزائرات والمهتمات بالإبل، أن تطور المهرجان خلال السنوات الماضية نال إعجاب الجمهور ومحبي هذا التراث العريق الذي امتد من مئات السنين حتى عصرنا الحاضر.