الأوروبيون يكابدون لتوفير الأموال اللازمة لتعزيز دفاعاتهم

أورسولا فون دير لايين: حان الوقت لكي تستيقظ أوروبا فيما يتعلق بالدفاع والأمن.
السبت 2024/04/20
النزعة الوطنية ما زالت قوية في أوروبا

بروكسل - مع ازدياد المخاطر في العالم، يؤكد الأوروبيون على رغبتهم في تعزيز صناعتهم الدفاعية وأمنهم، لكنهم يواجهون صعوبات لتوفير الأموال اللازمة لترجمة رغبتهم على أرض الواقع.

وبعد عقود من تخفيض ميزانيات الدفاع، أثار الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 شعورا بالصدمة. ومنذ ذلك الحين، زاد قادة الدول السبع والعشرين الدعوات إلى إحداث تغيير عميق في النهج المتبع، ولا سيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تحدث عن الحاجة إلى اعتماد “اقتصاد حرب” في عام 2022.

وأصرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين هذا الأسبوع على أنه “حان الوقت لكي تستيقظ أوروبا فيما يتعلق بالدفاع والأمن”. وحذرت من أن “التهديد بالحرب قد لا يكون وشيكاً لكنه ليس مستحيلاً”.

وفي مارس، اقترحت المفوضية إستراتيجية دفاعية جديدة بقيمة مليار ونصف المليار يورو لمساعدة شركات الصناعات العسكرية على العمل معًا بشكل أفضل والإنتاج في أوروبا.

الاحتياجات المالية الهائلة التي تصل إلى 100 مليار يورو تثير القلق في وقت يتعين أيضًا تمويل التحول في مجال الطاقة

ويؤكد فرانسوا أربو، أحد مهندسي هذه الإستراتيجية الجديدة داخل المؤسسة الأوروبية، أنه “لا يمكن لأي دولة عضو، حتى الأكثر استثمارًا في مجال الدفاع، أن تتحمل وحدها الاستثمارات اللازمة”. لكن الكثير من هذه الدول ما زالت مترددة في العمل معًا.

ولخص فرانك هاون، رئيس شركة الأسلحة الألمانية KNDS، خلال مؤتمر حول الدفاع والأمن الأوروبي عقد هذا الأسبوع في بروكسل الوضع بقوله إنه “ما زال هناك الكثير من الأنانية والنزعة الوطنية ما زالت قوية في أوروبا”.

ويرى فيديريكو سانتوبينتو، الخبير في القضايا الأمنية في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS)، أن الدول الأعضاء “ما زالت مترددة جداً في رؤية المفوضية الأوروبية تتولى المزيد من السلطة في شؤون الدفاع”.

وتمثل المساعدات الأوروبية لأوكرانيا دليلاً على هذا التردد. فاعتبارًا من عام 2022، جادت بروكسل بالمال لتشجيع الدول السبع والعشرين على أن توقع معًا عقودًا لشراء الأسلحة والذخيرة لصالح أوكرانيا.

وأعدت وكالة الدفاع الأوروبية (EDA) نحو ستين بروتوكولاً لتطوير تصنيع قذائف من عيار 155 ملم ضرورية للمدفعية الأوكرانية.

لكن تسع دول أوروبية فقط تقدمت حتى الآن بطلبات لشراء ما يصل إلى 350 مليون يورو، أو ما يكفي “بالكاد لبضعة أيام” من المخزونات التي يحتاجها الجيش الأوكراني، وهو أمر استنكره هذا الأسبوع في عاصمة الاتحاد الأوروبي الأمين العام للوكالة الأوروبية للدفاع أندريه دينك.

وقال إريك بيرانجيه، رئيس شركة MBDA المصنعة للصواريخ الفرنسية “إن إبرام عقود مشتركة يعني أيضًا وضع المعايير أو العقيدة العسكرية المشتركة”، وهو الأمر الذي تتردد الجيوش في بعض الأحيان في القيام به، وفق تعبيره.

وأوضح فرانك هاون أن “كل دولة تريد نظام دفاع خاصًا بها، وهو ما نراه في حالة دبابة ليوبارد الألمانية التي يجهزها كل جيش بشكل مختلف”، على حساب الحصول على دبابة ذات ميزات موحدة يمكن لكل الجيوش تشغيلها.

وكالة الدفاع الأوروبية أعدت ستين بروتوكولاً لتطوير تصنيع قذائف من عيار 155 ملم ضرورية للمدفعية الأوكرانية

وعلاوة عن ذلك، فإن الاحتياجات المالية هائلة وتصل إلى “100 مليار يورو” على الأقل وفق تقدير المفوض الأوروبي للصناعات الدفاعية تييري بريتون. ومثل هذا المبلغ يكفي لإثارة قلق أغلب الدول الأعضاء في وقت يتعين عليها أيضًا تمويل التحول في مجال الطاقة، بين أمور أخرى.

وفي ظل غياب الاتفاق على قرض أوروبي جديد، مثلما حدث لمواجهة الصدمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد، تبحث الدول الأوروبية عن حلول أخرى.

ويعد بنك الاستثمار الأوروبي أحدها، فهو سيكون بمقدوره الآن تمويل المشاريع ذات الاستخدام المزدوج، المدني والعسكري. لكنه لا يستطيع تخصيص أكثر من ستة مليارات يورو حتى عام 2027.

وهذا يترك خيار اللجوء إلى القطاع الخاص. ولكن هنا أيضا توجد العديد من العقبات. فالمستثمرون يريدون “تحقيق الربح”، وفق هلموت فون غلاسيناب، الأمين العام للرابطة الأوروبية للمستثمرين للمشاريع طويلة الأمد الذي قال قبل أيام إن “لا أحد له استعداد فعلا لتمويل مصنع ذخيرة … من دون ضمانات جدية”.

وفي غضون ذلك، تنتج روسيا قذائف أكثر بثلاثة أضعاف من تلك التي يصنعها حلفاء أوكرانيا الغربيون، وفق قال جيمس أباثوراي، نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، في بروكسل الأربعاء.

ولخص أندريه دينك الأمر بقوله “أعتقد أننا نتحدث كثيرًا، وعلينا حقًا أن ننتقل الآن إلى العمل”.

7