الأنشطة الحركية تحافظ على لياقة ممارسيها البدنية والذهنية

دمج النشاط البدني في الحياة اليومية يقلل احتمالات الإصابة بالأمراض.
الأحد 2023/08/20
الأمر لا يتطلب إشراف متخصصين

تسهم المواظبة على الحركة في تعزيز صحة الجسم البدنية والذهنية؛ فممارسة التمارين الرياضية مثل المشي والركض والسباحة وركوب الدراجات الهوائية، إلى جانب الأعمال المنزلية أو أداء أنشطة حركية متعلقة بالعمل أو القيام ببعض المهام سيرا على الأقدام، تحمي من عدة أمراض خطيرة بينها السرطان، لذلك يوصي متخصصون في اللياقة البدنية وبعض الدراسات والبحوث بالحرص على الحركة المستمرة.

برلين - أظهرت الكثير من الدراسات العلمية أن الأنشطة الحركية تساعد في الحفاظ على اللياقة البدنية والذهنية لممارسيها. ولفتت البروفيسورة الألمانية كريستينا جويستين إلى أن للأنشطة الحركية فوائد صحية جمّة؛ فهي تقي من العديد من الأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والزهايمر والروماتيزم وأمراض العظام والأمراض النفسية.

وأضافت رئيسة قسم النشاط البدني وتعزيز الصحة بالجامعة الرياضية في كولن بألمانيا أن "الأنشطة الحركية تحارب أيضا العديد من عوامل الخطورة المؤدية إلى أمراض خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري". ومن المعروف أن ممارسة الأنشطة البدنية بشكل عام تقلل مخاطر الإصابة بالسرطان، بما في ذلك سرطان الرئة والثدي والكلى والكبد، ولكن البعض يجد صعوبة في مداومة ممارسة الرياضة على اعتبار أنها تستهلك الوقت والمجهود وتتطلب قدرا عاليا من الالتزام.

وأثبتت دراسة أجريت في أستراليا أن الأنشطة البدنية العارضة التي يمارسها الإنسان في حياته اليومية يمكن أن تقلل أيضا مخاطر الإصابة بالسرطان. وتتضمن هذه الأنشطة القيام بالأعمال المنزلية أو أداء بعض الأنشطة الحركية التي تتعلق بالعمل أو أداء بعض المهام سيرا على الأقدام.

◙ ممارسة التمارين الرياضية والحركة المستمرة تؤثران بشكل إيجابي على الذاكرة قصيرة المدى للأشخاص 

ويؤكد الباحثون الذين أشرفوا على هذه الدراسة من جامعة سيدني أن هذه “الدفقات من الأنشطة البدنية” التي يقوم بها الشخص على مدار اليوم، مثل السير إلى محطة الترام أو صعود درجات السلم أو حمل أمتعة ثقيلة بعض الشيء أثناء التسوق على سبيل المثال، لا تتطلب وقتا إضافيا أو أجهزة رياضية خاصة ولا إشراف متخصصين، ولكنها تساعد بالفعل في التقليل من مخاطر الإصابة بالسرطان.

وأظهرت نتائج الدراسة التي أوردها الموقع الإلكتروني "The Conversation" المتخصص في الأبحاث العلمية أن ممارسة الحركة لمدة 3.5 دقائق يوميا تقلل مخاطر الإصابة بالسرطان بنسبة تتراوح بين 17 في المئة و18 في المئة، وأن زيادة فترة الحركة إلى 4.5 دقائق على الأقل يوميا تؤدي إلى تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان بنسبة 20 في المئة إلى 21 في المئة.

ولتحقيق الاستفادة المرجوة من الرياضة ينبغي ممارسة رياضات قوة التحمل (مثل المشي والركض والسباحة وركوب الدراجات الهوائية) بمعدل لا يقل عن 150 دقيقة بشكل معتدل أو 75 دقيقة بشكل مكثف في الأسبوع، مع ممارسة تمارين تقوية العضلات بمعدل لا يقل عن مرتين أسبوعيا من أجل تدريب المجموعات العضلية الكبيرة، وذلك وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية.

ويعمل المشي بمعدل 2400 خطوة في اليوم على الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، في حين أن المشي بمعدل 4000 خطوة يوميا يسهم في الحد من خطر الموت العام، وذلك بحسب كريستينا جويستين.

ويؤدي عدم ممارسة الأنشطة البدنية والرياضة بشكل منتظم إلى ضمور العضلات وضعفها مع تقدم السن، والشيخوخة المبكرة أو ما يُعرف بـ"ساركوبينيا". وتسهم المواظبة على التمارين الرياضية في بناء العضلات ودعم العلاقة بين الأعصاب وخلايا العضلات للحفاظ عليها. كما تساعد تدريبات القوة أيضا على تحسين استجابة الجسم للبروتينات الغذائية.

◙ رياضة مثل المشي أفضل طريقة ممكنة للحفاظ على لياقة طبيعية
◙ رياضة مثل المشي أفضل طريقة ممكنة للحفاظ على لياقة طبيعية 

ويمكن دمج الأنشطة الحركية في الحياة اليومية من خلال بعض الإجراءات البسيطة مثل صعود الدرج بدلا من ركوب المصعد، باِلإضافة إلى ركوب الدراجة الهوائية بدلا من السيارة في المسافات القصيرة. ويؤكد الخبراء أنه مع التقدم في العمر تتراجع القدرات الذهنية إلى جانب القدرات البدنية، ما يمهد الطريق للإصابة بالخرف، مشيرين إلى أن بعض التدابير البسيطة، مثل ممارسة ألعاب الذاكرة وتعلم لغة جديدة، تقي من الخرف وتحافظ على اللياقة الذهنية.

وكشفت بعض البحوث أن الوقاية من أمراض مثل الخرف تتطلب الاهتمام باللياقة البدنية والتغذية الصحية والتواصل الاجتماعي، وذلك إلى جانب تنمية اللياقة الذهنية. ويعد التواصل الاجتماعي مع الأصدقاء والأقارب ركيزة أساسية للحفاظ على اللياقة الذهنية في الكِبر.

وكانت عدة دراسات وبحوث علمية أشارت إلى أن ممارسة الرياضة والحركة المستمرة تؤثران بشكل إيجابي على الذاكرة قصيرة المدى وتزيدان من سرعة الاستجابة، إلى جانب أن التواصل الاجتماعي مع الأصدقاء يحافظ على اللياقة الذهنية في الكبر.

◙ الوقاية من أمراض مثل الخرف تتطلب الاهتمام باللياقة البدنية والتغذية الصحية والتواصل الاجتماعي، وذلك إلى جانب تنمية اللياقة الذهنية

ويرى مدربو اللياقة البدنية أن الحركة تساعد على تحسين توازن الجسم وتحد من خطر السقوط، إضافة إلى أنها تحسن الحالة النفسية والمزاجية، لافتين إلى أن الأنشطة الحركية تعمل على تزويد المخ بالأكسجين بشكل جيد، واعتبروا أن ممارسة الرياضة صالحة لجميع المراحل العمرية شريطة عدم وجود موانع طبية.

ويحذر بعض الأطباء من أن خطر الإصابة بأحد أمراض القلب والأوعية الدموية يزداد بمعدل يتراوح بين 5 مرات و50 مرة إذا شرع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 35 عاما ولم يمارسوا أيّ نشاط رياضي، طوال حياتهم تقريبا، في ممارسة الرياضة بعد بلوغهم هذه المرحلة العمرية.

ومن جهتها توصي هيئة التأمين الصحي الألمانية موظفي العمل المكتبي، بصفة خاصة، بالمواظبة على ممارسة الرياضة والأنشطة الحركية. وتأتي هذه التوصيات بهدف الحد من المخاطر الصحية الجسيمة الناجمة عن الجلوس لفترات طويلة والمتمثلة في داء السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، إلى جانب الأمراض المتعلقة بالعضلات والعظام والمفاصل.

وأوضحت الهيئة أنه إذا قام الشخص الذي يجلس كثيرا باستبدال ساعة واحدة من الجلوس بالمشي، فإنه يقلل بذلك خطر الوفاة المبكرة بنسبة 20 في المئة، كما أوصت بدمج بعض الأنشطة الحركية البسيطة أثناء الدوام، حيث ينبغي تغيير وضعية الجلوس بانتظام وممارسة تمارين الإطالة من وقت إلى آخر.

ويمكن أيضا النهوض والتجول أثناء التحدث في الهاتف، كما يمكن الذهاب إلى الزملاء بدلا من الاتصال بهم أو إرسال رسالة بريد إلكتروني لهم، بالإضافة إلى إمكانية توظيف الوقت المتبقي من استراحة الغداء في ممارسة رياضة المشي.

تسهم المواظبة على التمارين الرياضية في بناء العضلات ودعم العلاقة بين الأعصاب وخلايا العضلات للحفاظ عليها
◙ المواظبة على التمارين الرياضية تسهم في بناء العضلات ودعم العلاقة بين الأعصاب وخلايا العضلات للحفاظ عليها

14