الأمير محمد وماكرون يستعجلان إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان

باحث فرنسي يرجح أن تلعب السعودية دورا للتخفيف من حدّة موقف حزب الله وذلك من خلال إيران للتوصل إلى حلّ وسطي، مشيرا إلى المسألة هي معرفة ما إذا كانت مصالحة الرياض وطهران يمكن أن تساهم في تهدئة الساحة السياسية في لبنان.
السبت 2023/06/17
اتفاق على مواصلة العمل على تخفيف التوترات بالمنطقة

باريس - أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون "ضرورة وضع حد سريعا للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان"، وفق ما أعلن الاليزيه مساء الجمعة إثر اجتماع بين الزعيمين.

وأخفق مجلس النواب اللبناني الاربعاء، للمرة الثانية عشرة، في انتخاب رئيس جديد. وتستمر المواجهة السياسية بين حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه من جهة، وخصومه من جهة أخرى.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان مساء الجمعة إن عدم انتخاب رئيس منذ ثمانية أشهر "يبقى العائق الرئيسي أمام معالجة الأزمة الاجتماعية الاقتصادية الحادة" التي يعانيها لبنان.

وفي غمرة أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، تتولى شؤون لبنان حكومة لتصريف الاعمال ذات سلطات محدودة.

وعيّن الرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان-إيف لودريان "مبعوثًا خاصًا" إلى بيروت لمحاولة المساعدة في التوصل إلى مخرج من المأزق السياسي.

ويُتوقع أن يزور السياسي المخضرم العاصمة اللبنانية قريبا، للشروع في مهمته في ضوء نتائج محادثات الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، وهي محادثات يعوّل عليها كثيرون في لبنان، خصوصاً أن فرنسا والسعودية عضوان في مجموعة اللقاء الخماسي حول لبنان، إلى جانب واشنطن والقاهرة والدوحة.

ويعتقد أن هنالك تراجعا سعوديا عن رفض المبادرة الفرنسية القائمة على انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية ونواف سلام لرئاسة الحكومة حيث انتقلت المملكة من السلبية إلى الحياد الإيجابي فيما يتعلق بالتراجع عن وضع فيتو أمام أي مرشح.

وقال وليد بخاري سفير السعودية لدى لبنان إنه بلاده لا تعترض على أي مرشح للرئاسة في لبنان وأنها لن تكون طرفا في أي تسوية، مشيرا وفق ما نقل عنه بعض من محدثيه خلال لقاءات أجراها مع قادة قوى سياسية لبنانية في الفترة الماضية، أن التسوية يجب أن تكون لبنانية، لكن في ظل تعثر انتخاب رئيس للبلاد تقول مصادر محلية إنه قد يصار إلى فرض تسوية من الخارج.

ويشير الباحث ديني بوشار، المستشار لشؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إلى أن الرياض قد "تلعب دورا للتخفيف من حدّة موقف حزب الله وذلك من خلال إيران للتوصل إلى حلّ وسطي" بشأن الرئاسة في لبنان. ويضيف "المسألة هي معرفة ما إذا كانت مصالحة السعودية وإيران يمكن أن تساهم في تهدئة الساحة السياسية في لبنان".

وأعلنت السعودية وإيران في مارس الماضي استئناف علاقاتهما الدبلوماسية في اتفاق مفاجئ أُبرم برعاية الصين، ما أثار آمالا بحلحلة ملفات إقليمية عدة.

كذلك، ذكّر الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي بـ"تمسكهما المشترك بالأمن والاستقرار في الشرقين الأوسط والأدنى، وأعربا عن نيتهما مواصلة جهودهما المشتركة من أجل تهدئة دائمة للتوترات".

وعلى الصعيد الثنائي، يعتزم الجانبان "تطوير الشراكة بين البلدين وتعميقها".

وأبدت باريس استعدادها أيضا "لمواكبة المملكة العربية السعودية في تعزيز قدراتها الدفاعية". وذكّر ايمانويل ماكرون بـ"نية الشركات الفرنسية الاستمرار في مواكبة السعودية في تنفيذ رؤية 2030 الطموحة".

في هذا السياق، أبرز ماكرون "الخبرة المعترف بها للشركات الفرنسية، خصوصا على صعيد الانتقال في مجال الطاقة والنقل والصحة والتكنولوجيات الجديدة".

واستقبل ماكرون الجمعة الأمير محمد بن سلمان في باريس، في مسعى لدفع المملكة إلى تقديم دعم أكبر لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي والعمل على حلّ لأزمة الرئاسة في لبنان.

وبدأت المباحثات على مأدبة غداء وركّزت على العلاقات الثنائية وكذلك على "تحديات الاستقرار الإقليمي"، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية. وقال الإليزيه إن الرجلين سيتطرقان إلى "المسائل الدولية الكبرى، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سائر دول العالم".

وبحسب ما أوردت "الإخبارية السعودية" عقدت مباحثات رسمية حول "العلاقات بين البلدين وقضايا المنطقة والأزمة الأوكرانية".

وأفادت القناة "الإخبارية" بأن "ولي العهد السعودي سيبحث مع ماكرون الوضع في أوكرانيا والأوضاع في السودان"، مضيفة أنه "قد يتم التوصل إلى تفاهمات حول الوضع في أوكرانيا والوضع في السودان، والقضية الفلسطينية، وغيرها من القضايا الاقتصادية". وهي سلسلة من القضايا المتوقع مناقشتها كما أوردت الجمعة وكالات أنباء عالمية ومصادر فرنسية.

وتنأى السعودية بنفسها الى حدّ ما في الملف الأوكراني، وقد دعت إلى إنهاء الحرب.

وحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي جانبا من قمة جامعة الدول العربية التي استضافتها المملكة في مدينة جدّة، في أول زيارة له إلى الشرق الأوسط منذ بدء الغزو الروسي لبلاده. حينها، وضع ماكرون طائرة حكومية فرنسية بخدمة زيلينكسي أقلّته إلى جدّة ثمّ إلى اليابان للمشاركة في قمة مجموعة السبع.

وكانت الرياض صوّتت لصالح قرارات مجلس الأمن المندّدة بالغزو الروسي وضمّ موسكو مناطق في شرق أوكرانيا، لكنّها في الوقت نفسه واصلت التنسيق بشكل وثيق مع روسيا حول السياسات النفطية. وتوسّطت في عملية تبادل للأسرى بين كييف وموسكو.

ويسعى ماكرون علنا إلى إقناع دول غير منحازة على غرار الصين والهند وكذلك السعودية، بالضغط على موسكو لإنهاء حربها على أوكرانيا.

ورأى الرئيس الفرنسي أن زيارة زيلينسكي لجدّة سمحت "بالحصول على دعم واضح جدًا من السعودية وقوى كبرى أخرى في المنطقة".

على خط مواز، أجرى رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المقرب من الأمير محمد بن سلمان، محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش منتدى اقتصادي في سانت بطرسبرغ.

وخلال وجوده في فرنسا، يشارك الأمير محمد بن سلمان في القمة "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" التي ينظّمها ماكرون في باريس في 22 و23 يونيو.

كما يشارك الاثنين المقبل في حفل استقبال رسمي تنظمه المملكة بمناسبة ترشّح الرياض رسميًا لاستضافة إكسبو 2030، وهي مسألة ترغب الرياض في الحصول على دعم فرنسي فيها.

ويناقش الرئيس الفرنسي مع ضيفه التحضيرات لهذه القمة الهادفة إلى "جمع التمويل الخاص والعام وتركيزه حيث تشتد حاجة العالم والناس إليه لمحاربة الفقر وقيادة التحوّل المناخي الضروري وحماية التنوع البيولوجي"، حسب ما أوضح الجانب الفرنسي.

وتعد هذه الزيارة الثانية خلال أقل من عام للأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا، بعد أولى أجراها في يوليو 2022.

وسبق أن التقى ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي في نوفمبر 2022، على هامش قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بالعاصمة التايلندية بانكوك.