الأمير تشارلز رسام في أوقات الفراغ

معرض الأمير تشارلز يحمل زائريه في رحلة استكشافية لأماكن أحبها واستلهمها من أسفاره.
السبت 2022/01/15
نصف قرن من الألوان

في زمن التطور التكنولوجي وكاميرات التصوير الرقمي فائقة الدقة يختار وريث العرش البريطاني الأمير تشارلز الريشة والألوان لرسم لوحاته، التي يمزج فيها خياله بما شاهده في ترحاله معتقدا أن الصورة الفوتوغرافية تظل بلا مشاعر.

لندن- يشكّل الرسم أقدم هوايات وريث العرش البريطاني الأمير تشارلز، وهو يعرض حاليا في لندن 79 لوحة مائية في مكان يرتدي طابعا حساسا هو عبارة عن كنيسة مشيدة في القرن التاسع عشر رممت أخيرا.

ويُعتبر هذا المعرض الذي يستمر إلى الرابع عشر من فبراير المقبل الأهم حتى الآن للوحات الأمير الذي يرسم منذ نحو خمسين عاما في الهواء الطلق الأماكن التي يحبها، على غرار أسكتلندا والقصور الملكية. ويستلهم من أسفاره، من سويسرا إلى تنزانيا، مرورا بفرنسا واليونان.

وتولى الأمير تشارلز بنفسه اختيار لوحاته المائية للمعرض، حيث وزعت بحسب الموقع والبلد.

الأمير اعتاد أن يحمل معه قماشا وحقيبة الرسم الجلدية في جولاته الملكية

ومن لوحة إلى أخرى، يسافر الزائر من الجبال الأسكتلندية المغطاة بالثلوج إلى بلاد الغال، ومن سلسلة جبال دانتيل دو مونميراي في منطقة الآلب الفرنسية إلى جبل آثوس في اليونان، وصولا إلى ترانسيلفانيا في رومانيا.

وخلّدت ريشة الأمير كذلك كلا من قرية كلوسترز ومدينة سانت موريتز في سويسرا، وقلعة بارو التي شيدت في القرن الثاني عشر في جنوب فرنسا.

وتستهوي الجبال والأنهار والبحار الأمير البالغ 73 عاما، ويبدو لافتا اهتمامه بالجبل الأسكتلندي بن أبهيرد الذي رسمه مرات عدة وفي أوقات مختلفة من السنة ومن زوايا مختلفة.

وأوضح في نص مكتوب يرافق أعماله المعروضة في كنيسة غاريسون في حي بلغرافيا أنه اختار الرسم بالألوان المائية لأنه وجد أن “الصورة الفوتوغرافية غير مرضية”.

وشرح أن هذا النمط من الرسم “يتطلب تركيزا شديدا وهو تاليا من الأنشطة التي توفر أكبر قدر من الاسترخاء والمنافع العلاجية”. وأضاف أنه وجد ضالته في الرسم، فهذه الهواية تريحه إلى درجة أنه، “ينقلني إلى بُعد آخر ينعش أجزاء من الروح لا تستطيع الأنشطة الأخرى بلوغها”.

وقالت روزي ألدرتون القيّمة على المعرض، “قال صاحب السمو الملكي إنه الانغماس في الواقع والرسم في الهواء الطلق، وبالنسبة إليه، لا يتمتع التقاط صورة بالشعور نفسه الذي ينتابه حين يرسم لوحة، وهذا المعرض يُظهر بقوة شغفه بإبداع فن جميل”.

الأمير وجد على مرّ السنين وقتا لرسم 680 لوحة مائية

وليس هذا معرضه الأول، ففي عام 1998 وبمناسبة عيد ميلاده الخمسين، عرض الأمير 50 لوحة مائية في قصر هامبتون كورت، بينما احتفل معرض أستراليا الوطني في عام 2018 بعيد ميلاده السبعين وعرض 30 لوحة من لوحاته.

ووجد الأمير على مرّ السنين وقتا لرسم 680 لوحة مائية، وقع بعضها باسمه المستعار إيه. جي. كاريك، وهو مركّب من الحرفين الأولين لاسمي آرثر وجورج ومن لقبه كونت كاريك الذي يحمله.

ويتحدر الأمير تشارلز من “سلالة من الفنانين”، بحسب منسقة المعرض روزي ألدرتون التي ذكرت بلوحات لوالده الأمير فيليب، وكذلك بلوحات مائية ورسوم بريشة الملكة فيكتوريا (1819-1901).

ولم تعرض يوما أي لوحة مائية للأمير تشارلز للبيع، ولكن نُسخت بعضها ليتوغرافيا، ويمكن أن تصل أسعارها إلى الآلاف من الجنيهات الإسترلينية على الإنترنت. وبيعت أيضا بعض لوحاته المطبوعة ليتوغرافيا في قصره في هايغروف.

وأشارت روزي ألدرتون إلى أن ريع المبيعات يُخصص لـ”مؤسسة الأمير” التي نظمت المعرض، أو للجمعيات الخيرية التابعة لها. وأفادت صحيفة “ديلي تلغراف” بأن هذه المبيعات حققت إيرادات بالملايين من الجنيهات على مدى السنين.

وانهمك الأمير بوظائفه الملكية منذ العام 2019، ولم يعد لديه الوقت الكافي للرسم. يرسم الأمير تشارلز كلما سمحت له مشاغله بذلك، وهو اعتاد أن يحمل معه قماشا وحقيبة الرسم الجلدية في جولاته الملكية، على أمل أن يتسع له الوقت ليرسم. وهذا اهتمام نما فيه خلال السبعينات والثمانينات حين كان قادرا على مقابلة كبار الفنانين. فقد ناقش تقنية الألوان المائية مع الراحل إدوارد سيجو، وتلقى دروسا إضافية من رسامين محترفين مثل ديريك هيل وجون وارد وبريان أورغن.

هل سيكون لديه الوقت للرسم عندما سيعتلي العرش ويصبح ملكا؟ أجابت روز ألدرتون “آمل في ذلك”، مضيفة أن “أعماله ساحرة حقا”.

20