الأمازيغ يحتفلون بحلول رأس السنة 2975

يحتفل الأمازيغ في مختلف أنحاء العالم، لاسيما في شمال أفريقيا، بمناسبة رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2975 عبر تنظيم مجموعة من الفعاليات التي تبرز التراث الثقافي وتروج لقيم المشاركة والتعاون.
الرباط - يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء العالم، خصوصًا في شمال أفريقيا، بحلول رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2975، التي تصادف يوم 14 يناير في المغرب. وفي بعض دول المنطقة، مثل المغرب، الجزائر، وليبيا مؤخرًا، اكتسب هذا اليوم طابعًا رسميًا بعد اعتماده كعطلة مدفوعة الأجر، مشابهًا لأيام العطل الرسمية مثل الأول من محرم ورأس السنة الميلادية. ويُعرف هذا اليوم بعدة أسماء منها “إيض يناير” أو “يناير” أو “رأس السنة الأمازيغية”، كما يُسمى أحيانًا بـ”رأس السنة الفلاحية”.
يعد هذا الاحتفال العريق، الذي يمتد لآلاف السنين، مناسبة للاحتفاء بقيم المشاركة والكرم. ويجتمع الأمازيغ في هذه المناسبة لتحضير أطباق تقليدية في أجواء عائلية، مما يعزز قيم التعاون والمشاركة. وتعكس هذه الاحتفالات روح الحياة الجماعية، حيث يتعاون الجميع من رجال ونساء وأطفال لتحقيق المنفعة العامة من خلال العمل المشترك الذي يُثمر خيرات الأرض.
وتظل العادات المتوارثة مستمرة، إذ تحضر العائلات الأمازيغية طبق الكسكس بلحم الدجاج، مغطى بالخضروات الجافة، ويتجمع أفراد الأسرة حوله للغناء والترحيب بالعام الجديد، مع الدعاء بأن يكون عامًا مباركًا مليئًا بالخير، خاصة للمزارعين، وأن تُمطر السماء بغزارة لتسقي الأراضي في المناطق الجبلية التي تعد مصدر رزقهم.
ويُحتفل بـ"يناير" في 12 يناير في بعض الدول الأمازيغية، وهو ما يُعرف أيضًا بـ"إخف أوسغاس" في اللغة الأمازيغية، ويعد هذا الحدث إرثًا تاريخيًا مهمًا. وتتجسد قيم “يناير” في الأطباق التقليدية التي تعتمد على ما توفره الأرض، مثل زيت الزيتون، زيت الأركان، العسل، السمن، الفاصوليا البيضاء، العدس، الحمص، الشعير، الذرة، البقوليات المجففة، الفواكه المجففة، الخضروات المجففة، الأعشاب المحلية، واللحوم المجففة بما في ذلك أقدام الماعز (“إكيكر”)، حسب المناطق.
وتشهد عدة مدن مغربية تنظيم مهرجانات احتفالًا برأس السنة الأمازيغية. ففي مدينة تزنيت، عاصمة الفضة في المغرب، تُنظم فعاليات تظاهرة “تيفلوين.. احتفالية الأرض والهوية” خلال الفترة من 11 إلى 14 يناير الجاري، بمبادرة من جماعة تزنيت. وفي مدينة أغادير، عاصمة جهة سوس – ماسة، يتم تنظيم برنامج ثقافي متنوع إحياءً لهذه المناسبة التاريخية، يمتد من العاشر إلى الرابع عشر من يناير الجاري. ويشمل البرنامج فقرات فنية وتراثية، ومعارض للتراث الأمازيغي، وعروضا موسيقية، وفقرات سينمائية، بالإضافة إلى ندوات ثقافية.
◙ يُحتفل بـ"يناير" في 12 يناير في بعض الدول الأمازيغية، وهو ما يُعرف أيضًا بـ"إخف أوسغاس" في اللغة الأمازيغية
وحسب المنظمين، فإن هذه التظاهرة تعد فرصة لسكان المدينة وزوارها لاكتشاف المعاني الرمزية للاحتفال بـ”إيض يناير” والتعرف على الحضارة الأمازيغية كمكون أساسي للثقافة المغربية. كما تهدف إلى إبراز المعالم الثقافية لمدينة تزنيت وجعلها منارة ثقافية على الصعيدين الجهوي والدولي. ويتضمن برنامج التظاهرة فعاليات في فضاءات ذات بعد تراثي داخل المدينة القديمة، حيث يتم عرض غنى وتنوع الموروث الثقافي، وأشكال التعبير الفرجوي المميزة لعاصمة الفضة.
كما تسلط التظاهرة الضوء على الحمولات الرمزية، الثقافية، الدينية والاجتماعية للمدينة، وعلاقتها الثقافية مع الحضارات المجاورة. ويشمل البرنامج أيضًا مجموعة من المعارض، منها معرض الأدوات الفلاحية وأواني الطبخ التقليدية التي تعد جزءًا من الموروث الأمازيغي. بالإضافة إلى ذلك، يُنظم معرض للحرف والحلي التقليدية التي تشتهر بها المدينة، مع تنظيم زيارات استكشافية للمعالم الثقافية والتراثية. كما سيتم تخصيص فضاء للأطفال لعرض الألعاب التقليدية الأمازيغية، بالإضافة إلى جناح للإبداع والفنون الأمازيغية الشبابية.
وفي الدار البيضاء، يتم الاحتفال بهذه المناسبة من خلال العديد من الأنشطة الفنية التي تُنظم في مختلف أنحاء المدينة. ويهدف الاحتفال إلى تسليط الضوء على تنوع التراث الأمازيغي، عبر برنامج غني يضم فقرات موسيقية وفنية. ومن أبرز المشاركين في هذه الفعاليات نجوم الموسيقى الأمازيغية مثل مجموعة “أودادن”، والفنانة فاطمة تيحيحيت، والرايس عراب أتيكي، وفرقة “أحواش تازويت”، بالإضافة إلى الفنانة كوثر براني والمطربة فاطمة تامانارت وعبدالعزيز أحوزار، الذين سيلتقون الجمهور في أمسيات موسيقية مميزة.
وفي مدينة إفران، شمال المغرب، تُنظم عدة أنشطة من بينها معرض للمنتجات المجالية، وعروض للفرق الشعبية الأمازيغية، بالإضافة إلى حفل للحناء والألبسة وتذوق الأطعمة المحلية، فضلاً عن أمسية شعرية أمازيغية. كما يتداول نشطاء منصات التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو لاحتفالاتهم برأس السنة الأمازيغية، والتي تتضمن فقرات فنية جماعية تهدف إلى التعريف بالتقاليد والطقوس الاحتفالية الخاصة.
إلى جانب المغرب، تحتفل بعض دول الساحل مثل مالي، النيجر، موريتانيا، وبوركينا فاسو، إضافة إلى مصر وجزر الكناري في إسبانيا، برأس السنة الأمازيغية. كما تشهد المدن الفرنسية احتفالات مماثلة نظرًا لوجود جالية أمازيغية كبيرة هناك.