الأمازيغ في الجزائر يحتفلون بيناير في أوقات مختلفة

في كل سنة يحتفل الأمازيغ بـ"ينّاير" على طريقة الأجداد بتحضير أطباق خاصة بالمناسبة لإحياء السنة الأمازيغية التي تبشر بسنة جديدة مليئة بالسلم والرفاهية.
الخميس 2022/01/13
عيد النساء والرفيس أيضا

تحتفل الشعوب برأس السنة، ولكن باختلاف في التواريخ وطريقة الاحتفال، وفي الجزائر كما في دول شمال أفريقيا ما يزال الأمازيغ يحتفلون بـ”ينّاير” كموعد لبداية السنة الفلاحية، لكن الأمازيغ في الجزائر يختلفون في توقيت الاحتفال بين السادس من شهر يناير والثاني عشر منه.

غرداية (الجزائر)- لا يزال إحياء رأس السنة الأمازيغية “ينّاير” راسخا لدى العائلات الأمازيغية في الجزائر كما في دول شمال أفريقيا، وذلك من خلال ممارسة طقوس روحية وثقافية متنوعة وإحياء عادات طبخ عريقة.

وهناك روايتان تاريخيتان حول أصول الاحتفال بهذه المناسبة، تقول الأولى إن “ينّاير” يرمز إلى الاحتفال بالأرض والفلاحة عموما، تفاؤلا بعام خير وغلة وفيرة على الفلاحين وعلى الناس.

أما الرواية الثانية فتقول إنه اليوم الذي انتصر فيه الملك الأمازيغي شاشناق على فرعون مصر رمسيس الثاني في مصر.

وتختلف هذه الطقوس من منطقة جزائرية إلى أخرى، ففي غرداية على سبيل المثال تتم التحضيرات لهذه المناسبة في بداية شهر يناير، إذ تعتمد عادات إحياء “ينّاير” بمنطقة مزاب (ليلة السادس إلى السابع من يناير) على مرجعية ذات بعد فلاحي مراعاة للدورات الزراعية بحيث يرمز “ينّاير” إلى بداية موسم الشتاء والسنة الفلاحية الجديدة بهذه المنطقة الصحراوية ذات المناخ الجاف.

ويبقى الاختلاف في موعد الاحتفال بـ”ينّاير” في هذه المنطقة بالمقارنة مع المناطق الجزائرية الأخرى التي يتم الاحتفال بها في الثاني عشر من شهر يناير لغزا ولم يتمكن أي مصدر من تفسير تاريخ الاحتفال به في السادس إلى السابع من يناير بمنطقة ميزاب.

إحياء رأس السنة الأمازيغية لا يزال راسخا لدى العائلات الأمازيغية في دول شمال أفريقيا

ويشكل الاحتفال بـ”ينّاير” الذي يصادف انتهاء حملة جني التمور مرحلة لمراجعة الوضعية البيئية لواحات النخيل وإعلان بداية عملية تنظيف أشجار النخيل المنتج.

وقال أحمد نوح أحد أعيان المنطقة “إن هذا اليوم يعلن عن سنة فلاحية زاهرة، فيما يشكل كذلك للعنصر النسوي مناسبة لبحث وضعية المرأة في المنطقة، لاسيما المتزوجات حديثا”.

وتقدم بالمناسبة كل أسرة طبق “الرّفيس” الشهير للعروس الجديدة وتنصح النساء بعضهن البعض في ما يخص الحياة الزوجية والأولاد والاستفسار عن أوضاع الأرامل والمطلقات في جو من التضامن.

وتتنوع هذه الطقوس التي تستمد رمزيتها التاريخية من ارتباط سكان ميزاب بثقافة أجدادهم وترسيخ التماسك الاجتماعي والتضامن، بين الرغبة في جذب البركات وضمان عام جيد وإبعاد الحظ السيء.

ويحتفل في كل سنة بـ”ينّاير” على طريقة الأجداد وبنفس الحماس والاعتزاز وأيضا بنفس مشاعر التأمل وبتحضير أطباق خاصة بالمناسبة تعد بكل عناية لإحياء ليلة السنة الأمازيغية التي تبشر بسنة جديدة مليئة بالسلم والرفاهية.

الاحتفال بـ"ينّاير" الذي يصادف انتهاء حملة جني التمور يشكل مرحلة لمراجعة الوضعية البيئية لواحات النخيل وإعلان بداية عملية تنظيف أشجار النخيل المنتج

ويحضر طبق “الرّفيس” في رأس السنة الأمازيغية الجديدة من مادة السميد والسكر والبيض والحليب، حيث تقوم ربات البيوت بإعداده على شكل قطع صغيرة تطهى عن طريق البخار قبل جمعها في طبق واحد قبل دهنه بمادة السمن الطبيعي ورصعه بحبات العنب المجفف والبيض المسلوق، حيث يجتمع حوله كافة أفراد الأسرة لتذوقه وبعده تتلى أدعية وقراءة فاتحة الكتاب تضرعا إلى المولى عز وجل أن يجعل من السنة الجديدة التي تعتبر بداية الموسم الفلاحي سنة وفيرة في المحاصيل والمياه.

وتختتم ليلة الاحتفال بـ”ينّاير” بميزاب ضمن تلك الأجواء العائلية بلعبة ”أليوان” بين النسوة والتي تشبه لعبة “البوقالة” لدى سكان العاصمة. كما تعد أيضا أطباق أخرى في هذه المناسبة من بينها “الشرشم” و”الشخشوخة” و”الكسكسي”، حيث تستهلك هذه الأطباق بشكل جماعي لدى سكان مناطق أخرى بولاية غرداية، كما أشار إليه أحمد بن صغير الباحث بجامعة الأغواط والذي أكد أنه وفي كل الحالات تعد وجبات غنية وبشرى خير لسنة جديدة وفيرة.

ويندرج أيضا “ينّاير” في إطار إعادة الاعتبار للثقافة والتراث والقيم والتقاليد الأمازيغية التي تشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة الوطنية بمختلف تنوعاتها.

وبرمجت عدة تظاهرات احتفالية بحلول السنة الأمازيغية الجديدة بمبادرة من الجمعيات عبر عدة مؤسسات بولاية غرداية بغرض غرس تاريخ وثقافة الأمازيغيين في الجزائر بشتى تنوعاتها في أوساط الناشئة، حسب منظمي هذه المبادرات، متمنين أنأن تكون السنة سنة خير وأن يسقيهم الله بغيث نافع لرفع منسوب المياه الجوفية وامتلاء الآبار لمكافحة الجفاف.

20