الأفغانيات يتحولن إلى يوتيوبرز في مواجهة قيود طالبان

عدد متزايد من الفتيات والنساء يلجأن إلى الإنترنت بحثا عن سبل العيش.
السبت 2024/04/20
التضييقات تتزايد على الأفغانيات

تزايدت التضييقات على النساء في أفغانستان منذ وصول طالبان إلى الحكم ومنعن من الذهاب إلى العمل والدراسة، فاختار بعضهن العمل كيوتيوبرز من أجل الحصول على المال وقمن بإنتاج مقاطع فيديو على موقع يوتيوب في المنزل وكان شيئا ممتعا بالنسبة إليهن. وحفاظا على سلامتهن عند التصوير في الخارج، يرتدي بعضهن  قناعا طبيا ونظارة شمسية حتى لا يعرفن.

كابول - ليست غرفة معيشة سيتيش حياة مثل أماكن تصوير الأفلام ذات الإضاءة الساطعة التي كانت تحبها. لكنها تقول إن إنتاج مقاطع فيديو على موقع يوتيوب في المنزل كان ثاني أفضل شيء في أفغانستان حيث تترك مراسيم الحركة التي تفرضها طالبان النساء سجينات في بيوتهن.

وكانت حياة، البالغة من العمر 21 عاما، ممثلة ناشئة في السينما والتلفزيون المحلي حتى استولت طالبان على السلطة في 2021 ووضعت مراسيم خاصة بالنساء شملت حظر الأعمال الدرامية التلفزيونية التي تعتمد ممثلات وأمرت النساء بارتداء الحجاب أثناء تقديم الأخبار.

وتنتج حياة الآن حوالي 30 مقطع فيديو شهريا. وتتطرق إلى مواضيع تتراوح بين الطبخ والأزياء والمكياج، كما تصور مسرحيات هزلية مع عائلتها.وأصبحت بهذا واحدة من أنجح النساء في أفغانستان اللاتي يلجأ عدد متزايد منهن إلى الإنترنت بحثا عن سبل العيش.

وقالت حياة، التي جمعت قناتها على موقع يوتيوب أكثر من 20 ألف مشترك منذ إطلاقها في سبتمبر الماضي، “نحن لا نستخدم أي معدات خاصة مثل الكاميرات والأضواء والرافعات أو الدعائم الفاخرة، بل نسجل البرامج على هواتفنا”.

طالبان منعت جل الموظفات الأفغانيات من العمل في وكالات الإغاثة وأغلقت صالونات التجميل، وأوقفت عشرات الآلاف عن العمل
طالبان منعت جل الموظفات الأفغانيات من العمل في وكالات الإغاثة وأغلقت صالونات التجميل، وأوقفت عشرات الآلاف عن العمل

وأكدت أنها واجهت عداءً بسبب قناتها. وترتدي لذلك قناعا طبيا ونظارة شمسية حفاظا على سلامتها عند التصوير في الخارج أحيانا.

وصرّحت لمؤسسة تومسون رويترز من كابول “هذا أمر صعب بالنسبة للفتيات والنساء اللاتي يعملن خارج المنزل، وخاصة اللاتي يظهرن أمام الكاميرا ويصنعن محتوى على موقع يوتيوب”.

ورفضت حياة الإفصاح عن المبلغ الذي تمكنت من جمعه، لكنها قالت إنه يكفي لإعالة أسرتها.

وتقيد العقوبات الدولية المعاملات مع البنوك الأفغانية، مما دفع منشئي المحتوى على يوتيوب لاعتماد مساعدة أصدقاء في الخارج يمررون أرباحهم عبر شركات تحويل الأموال.

وقالت حياة إن معظم مشاهديها كانوا في الولايات المتحدة وكندا والدنمارك وأستراليا وتركيا وباكستان وأفغانستان.

منعت حركة طالبان جل الموظفات الأفغانيات من العمل في وكالات الإغاثة وأغلقت صالونات التجميل، وأوقفت عشرات الآلاف عن العمل، ومنعت النساء من دخول المتنزهات وقيدت سفر النساء دون أولياء أمورهن.

ومُنعت معظم الفتيات والنساء من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات.

وقالت ماينا السادات، وهي طالبة حقوق سابقة تنشر مقاطع فيديو على موقع يوتيوب بعد أن مُنعت من الالتحاق بالجامعة، “تعد قنوات اليوتيوب خيارا جيدا في الظروف التي تكون فيها أيدي النساء مقيدة عن العمل في الإعلام. ويمكنني ذلك أيضا تغطية نفقاتي”.

وعكست عودة طالبان المفاجئة إلى السلطة عقدين من الجهود الغربية الهادفة لتعزيز فرص النساء الاقتصادية. وتشدد طالبان على أنها تحترم الحقوق التي تتماشى مع الشريعة الإسلامية.

وقالت فوزية كوفي، الناشطة الأفغانية في مجال حقوق المرأة التي أصابها أحد المنتمين إلى حركة طالبان برصاصة في ذراعها خلال 2020، إن قنوات اليوتيوب توفر الدخل، وتعد وسيلة تمكن النساء من إيصال رسائلهن وتجاربهن وتطلعاتهن.

العقوبات الدولية تقيد المعاملات مع البنوك الأفغانية، مما دفع منشئي المحتوى للاعتماد على مساعدة أصدقاء في الخارج

وأضافت من منزلها الجديد في لندن “لكل امرأة في أفغانستان هاتف محمول وهي متصلة بالعالم. كيف يمكنهم إيقاف الجيل المتمكن؟”.

لكن العديد من النساء، كحياة، تخشى إغلاق حركة طالبان لقنوات يوتيوب التي لا تملك ترخيص بث من وزارة الإعلام والثقافة، حيث يعد ذلك إلزاميا للمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي ومنشئي المحتوى.

وقال شادابغولزار، نائب رئيس اتحاد مستخدمي اليوتيوب في أفغانستان، “تحاول طالبان مطالبة كل قناة يوتيوب تعمل في أفغانستان بالحصول على ترخيص”.

وحذر من أنها “ستكون تحت السيطرة بمجرد ترخيصها، وستكون ملزمة بالعمل وفقا للاتفاقيات والالتزامات الموقعة”.

أكدت طالبان لمستخدمي اليوتيوب أنهم يستطيعون مواصلة نشر المحتوى إذا استوفوا معايير الترخيص. وتشمل المعايير شهادة في الصحافة وخبرة عمل لمدة ثلاث سنوات، وهي متطلبات يصعب على النساء الوفاء بها إذا لم يكن قد درسن وعملن قبل استيلاء طالبان على السلطة.

وقال عبدالواحد ريان، المتحدث باسم وزارة الإعلام والثقافة، إن “على المنشورات ألا تتعارض مع النظام الإسلامي والقيم الدينية. ويجب الابتعاد عن التحيز الديني والعرقي. ولهم مطلق الحرية بالنسبة للجوانب الأخرى، بما في ذلك محتوى برامجهم”. وحدد أن تكلفة الترخيص تبلغ 4 ألاف أفغاني (56.16 دولار).

وكان غير متأكد من عدد مستخدمات اليوتيوب في أفغانستان. لكن توجد أكثر من ألف قناة نشطة على يوتيوب، وتلقت 250 منهن تراخيص.

وقال غولزار إن قنوات يوتيوب أصبحت مصدر دخل مهم للعديد من النساء، حيث يعد محتواهن مصدر دخلهن.

ما بين 10 في المئة و15 في المئة من جميع مستخدمي يوتيوب الأفغان يحققون ما بين 1500 وألفي دولار شهريا

وتحدد بيانات الموقع أن ما بين 10 في المئة و15 في المئة من جميع مستخدمي يوتيوب الأفغان يحققون ما بين 1500 وألفي دولار شهريا. ويحقق ما يزيد قليلا عن 50 في المئة ما يصل إلى 500 دولار في المتوسط. وتعدّ هذه مبالغ جيدة في بلد يبلغ فيه نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ما يزيد قليلا عن 350 دولارا، وفقا للبنك الدولي.

وتقول النساء إن الوظائف في المنزل كانت مفتاحا للبقاء على قيد الحياة.

ولجأت عائشة نيازي، مذيعة الأخبار التلفزيونية السابقة، مع زوجها إلى موقع يوتيوب لدعم أسرتهما الصغيرة عندما أُجبرت على ترك العمل الصحفي.

وقالت نيازي، التي تنشر فيديوهات ثقافية وتاريخية ثلاث مرات أسبوعيا على موقع يوتيوب وتكسب نحو 300 دولار شهريا، إن “الظهور على الشاشة في ظل الظروف الحالية في أفغانستان لا يخلو من مخاطر… لكن علينا أن نفعل أي شيء لتوليد الدخل. لم أتحمّل رؤية توأمي يعانيان من الجوع”.

وبعد عودتها إلى السلطة في أفغانستان ضيقت حركة طالبان التدابير المقيّدة للحريات، لاسيّما في حقّ النساء اللواتي استبعدن تدريجياً من الحياة العامة ومن غالبية الوظائف العامة وأقصين من المدارس الثانوية والجامعات.

وفي أول مؤتمر صحافي لها بعد استيلائها على السلطة في 15 أغسطس 2021 قالت طالبان إنها ستسمح للنساء بالدراسة والعمل ضمن إطار عملها. وستكون النساء فاعلات جداً في المجتمع.

وبعد مرور عامين، نُسفت هذه التطمينات بحزم من خلال أفعال حكومة طالبان. فقمع حقوق المرأة تحت حكمهم هو الأقسى في العالم، وقد تحقق من خلال سلسلة قاسية من المراسيم الدينية الصادرة عن قيادة حركة طالبان، والأحكام الإقليمية التي تفرض بصورة متزايدة في مختلف أنحاء أفغانستان.

في أحدث ضربة لحقوق المرأة منذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، أبلغت الحركة، جميع المنظمات غير الحكومية بوقف عمل موظفاتها تحت طائلة إلغاء ترخيصها.

وفي 20 ديسمبر، أعلنت حكومة طالبان أن الجامعات الأفغانية باتت محظورة لأجل غير مسمى على الفتيات المحرومات أصلا من التعليم الثانوي منذ وصول الحركة المتشددة إلى الحكم.

وكانت طالبان قد أغلقت “المدارس الثانوية” بعد بضع ساعات من إعادة فتحها، ومنعت تعليم “الفتيات” منذ 23 مارس 2021.

Thumbnail

وفي نوفمبر، حظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.

ومنعت “الحركة المتشددة” النساء من ممارسة العديد من الوظائف الحكومية ومن السفر من دون محرم فيما أُمرن بارتداء “البرقع”.

وعندما كانت طالبان في السلطة قبل عقدين من الزمن، منعت إلى حد بعيد “تعليم الفتيات”، لكنها قالت إن “سياساتها قد تغيرت.”

ويرى الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، أن “حركة طالبان لم تتغير ومازالت تطبق الرؤية التي سارت عليها عند وصولها للحكم في أفغانستان المرة الأولى”.

وأكد أن طالبان سارت على ذلك النهج عند وصولها للسلطة أول مرة ولمدة 5 سنوات ووقتها منعت الفتيات أيضا من التعليم، وعادت لتكرر الأمر في تجربتها الثانية”.

وفي عام 1996 وصلت طالبان إلى الحكم في أفغانستان للمرة الأولى، وامتدت فترة حكمها إلى عام 2001.

ويعتمد رجال الدين في نظام طالبان أحد “أكثر تفسيرات الشريعة تشددا”، بما في ذلك عقوبات الإعدام والعقوبات الجسدية التي لا تستخدمها معظم الدول الإسلامية الحديثة.

في الفترة الفاصلة بين حكمي طالبان، كانت الفتيات مخولات لارتياد المدارس وتسنى للنساء إيجاد فرص عمل في كل القطاعات، حتى لو بقي المجتمع محافظا.

وبعد عودتها للحكم، تعهدت طالبان بإبداء مرونة أكبر، لكنها سرعان ما عادت إلى تفسيرها المتشدد جدا للشريعة الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.

ومنذ وصولها للحكم، أدخلت طالبان تدريجيا قواعد صارمة بشكل متزايد، ولاسيما القيود الشديدة للغاية على حقوق وحريات المرأة.

16