الأعضاء المزروعة تغير شخصية المضيف الجديد

أشارت دراسة حديثة إلى أن متلقي زراعة القلب ليسوا الوحيدين الذين تظهر عليهم علامات تغير الشخصية، حيث يمكن أن تحدث هذه التغييرات بعد زرع أي عضو. ويمكن أن يعاني متلقو عمليات زرع الأعضاء الأخرى من الشعور بالذنب ونوبات الاكتئاب وغيرهما من المشكلات النفسية. كما رصد العلماء تغييرات في تفضيلات الطعام والعلاقة الحميمة وحتى الأنشطة المهنية.
واشنطن ـ وجد العلماء أن عمليات زرع الأعضاء يمكن أن تكون لها عواقب غير متوقعة، بما في ذلك تغييرات عميقة في شخصية الفرد وتفضيلاته الجنسية.
وقد لوحظت تغيرات في الشخصية بعد عملية زرع القلب إلى حد كبير منذ بدء مثل هذه العمليات.
وفي إحدى الحالات، تطور لدى شخص يكره الموسيقى الكلاسيكية شغف بهذا النوع بعد حصوله على قلب موسيقي. وفي حالة أخرى، لاحظ رجل يبلغ من العمر 45 عاما كيف أنه منذ أن حصل على قلب صبي يبلغ من العمر 17 عاما، أصبح يحب وضع سماعات الرأس والاستماع إلى الموسيقى الصاخبة، وهو أمر لم يفعله مطلقا قبل عملية الزرع.
وتشير دراسة حديثة إلى أن متلقيّ زراعة القلب قد لا يكونون فريدين في ما يتعلق بتجربة تغيرات الشخصية. ويمكن أن تحدث هذه التغييرات بعد زرع أي عضو.
وأبلغ العديد من المرضى عن حدوث تغيرات في الشخصية بعد الجراحة، بغض النظر عن العضو الذي خضعوا لزراعته. وشملت هذه التغييرات تفضيلات الطعام، والعلاقة الحميمة، وحتى الأنشطة المهنية.
ويتمثل أحد الاقتراحات التي يمكن أن تفسر هذه التغييرات في “تأثير الدواء الوهمي”، حيث تمنح الفرحة الغامرة بالحصول على فرصة جديدة للحياة الشخص تصرفا أكثر انفتاحا وأملا.
ويعاني متلقو عمليات زرع الأعضاء الآخرون من الشعور بالذنب ونوبات الاكتئاب وغيرهما من المشكلات النفسية التي قد يُنظر إليها أيضا على أنها تغيرات في الشخصية.
ومع ذلك، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن هذه التغيرات في الشخصية ليست كلها نفسية. وقد تلعب البيولوجيا دورا أيضا.
العضو المتبرع الذي لديه مستوى أساسي مختلف من الهرمونات وإنتاج الببتيد عن العضو الأصلي، يمكن أن يغير مزاج المتلقي
وستؤدي خلايا العضو المزروع وظيفتها المتوقعة، حيث تنبض خلايا القلب، وتقوم خلايا الكلى بعملية الترشيح، وتؤدي خلايا الكبد عملية الاستقلاب، ولكنها تلعب أيضا دورا في مكان آخر من الجسم، حيث تطلق العديد من الأعضاء وخلاياها هرمونات أو جزيئات إشارة لها تأثير موضعي وفي أماكن أخرى من الجسم.
ويبدو أن القلب يرتبط بشكل شائع بتغيرات الشخصية. وتفرز حجرات القلب هرمونات الببتيد، بما في ذلك “الببتيد الأذيني الناتريوتريك” و”الببتيد الناتريوتريك الدماغي”، والتي تساعد على تنظيم توازن السوائل في الجسم عن طريق التأثير على الكلى.
كما أنها تلعب دورا في توازن الإلكتروليت وتثبيط نشاط جزء من النظام العصبي المسؤول عن استجابة الكر أو الفر (استجابة عامة للجسم في الطوارئ). والخلايا المسؤولة عن ذلك موجودة في منطقة ما تحت المهاد، وهو جزء من الدماغ يلعب دورا في كل شيء بدءا من التوازن (توازن النظم البيولوجية) وحتى الحالة المزاجية.
لذا فإن العضو المتبرع الذي قد يكون لديه مستوى أساسي مختلف من الهرمونات وإنتاج الببتيد عن العضو الأصلي، يمكن أن يغير مزاج المتلقي وشخصيته من خلال المواد التي يطلقها.
وقد ثبت أن مستويات الببتيد الناتريوتريك تكون أعلى بعد عملية الزرع، ولا تعود أبدا إلى وضعها الطبيعي.
وعلى الرغم من أن بعض الارتفاع ربما يكون استجابة لصدمة الجراحة، إلا أنه قد لا يكون مسؤولا عن كل شيء.
ويقوم الجسم بتخزين الذكريات في الدماغ والتي يصل إليها الإنسان عند التفكير أو يمكن تحفيزها عن طريق البصر أو الشم. لكن الذكريات هي في الأساس عمليات كيميائية عصبية حيث تنقل الأعصاب النبضات بعضها إلى بعض وتتبادل المواد الكيميائية المتخصصة “الناقلات العصبية” بينها.
عملية زراعة الأعضاء هي عملية معقدة وصعبة جدا، ولكنها تُعد أفضل طريقة لعلاج الفشل الوظيفي لعضو معين
وأثناء جراحة زرع الأعضاء، يتم قطع العديد من الأعصاب التي تحكم وظيفة العضو ولا يمكن إعادة ربطها، وهذا لا يعني أن الأعصاب الموجودة داخل العضو تظل لا تعمل. وفي الواقع، هناك أدلة على إمكانية استعادتها جزئيا بعد عام من الجراحة.
وهذه الإجراءات والتفاعلات الكيميائية العصبية يمكن أن تغذي الجهاز العصبي للمتلقي، ما يؤدي إلى تفعيل استجابة فسيولوجية تؤثر بعد ذلك على شخصية المتلقي وفقا لذكريات المتبرع.
وجدير بالذكر أنه يتم العثور على خلايا من المتبرع منتشرة في جسم المتلقي، ويتم رؤية الحمض النووي للمتبرع في جسم المتلقي بعد عامين من عملية الزرع.
وأيا كانت الآلية، أو مجموعة الآليات، المسؤولة عن التغييرات في السمات الشخصية أو وظائف الأعضاء، فإن هذا المجال يتطلب المزيد من البحث حتى يتمكن المتلقون من فهم التغيرات الجسدية والنفسية التي يمكن أن تحدث لهم بعد الجراحة.
وزراعة الأعضاء هي علاج حديث وهدفه استبدال الأعضاء أو الأنسجة المصابة بأعضاء أو أجزاء من أعضاء أو أنسجة سليمة.
ومن الممكن أن يتم نقل الزرع من قسم إلى قسم آخر في الجسم، أو من متبرع إلى إنسان آخر، أو من الحيوانات إلى البشر.
إن عملية زراعة الأعضاء هي عملية معقدة وصعبة جدا، ولكنها تُعد أفضل طريقة لعلاج الفشل الوظيفي لعضو معين، فالعلاج بواسطة الزراعة يزيد من فترة بقاء المريض على قيد الحياة ويحسن من جودة حياته.
وتشمل عمليات زراعة الأعضاء التي يتم القيام بها الكبد والكلى والبنكرياس والقلب والرئتين والأمعاء والقرنية والأذن الوسطى والجلد والعظام ونخاع العظم وصمامات القلب والنسيج الضام.
وعملية زراعة الأعضاء من متبرِّعين أحياء هي إجراء جراحي لإزالة عضو أو جزء من عضو من شخص حي وزرعه في جسم شخص آخر لم يعد عضوه يعمل بشكل صحيح.

وقد زادت شعبية التبرُّع بالأعضاء الحية زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة كبديل للتبرُّع بالأعضاء من مُتبرِّع متوفى، بسبب الحاجة المتزايدة إلى الأعضاء من أجل عمليات الزراعة ونقص الأعضاء المُتبرَّع بها من متبرِّعين متوفين. ويُجرى تسجيل أكثر من 5700 تبرُّع بالأعضاء من مُتبرِّعين أحياء كل عام في الولايات المتحدة.
ويعد التبرُّع بالكلى من مُتبرِّع حي أكثر أنواع الزراعة من المُتبرِّعين الأحياء شيوعا. ويمكن للأشخاص التبرُّع بإحدى الكليتين. وتكون الكلية الباقية قادرة على أداء الوظائف الضرورية.
ويمكن للمُتبرِّعين الأحياء أيضا التبرُّع بجزء من الكبد. ويتجدد الجزء المتبقي من الكبد ويعود إلى حجمه الأصلي تقريبا ويؤدي وظيفته الطبيعية.
وعمليات زراعة الكلى والكبد هي أكثر أنواع عمليات التبرع بالأعضاء من مُتبرِّعين أحياء شيوعا. ولكن قد يتبرع الأشخاص الأحياء أيضا بالأنسجة لعمليات الزراعة، مثل الجلد ونخاع العظم والخلايا المكوِّنة للدم.
هناك نوعان من التبرع بالأعضاء من متبرع حي، وهما:
ـ التبرع الموجه: وهذا هو النوع الأكثر شيوعا للتبرع بالأعضاء من مُتبرِّعين أحياء. في هذا النوع، يقوم المُتبرِّع بتوجيه العضو إلى متلق محدد لعملية الزراعة.
وقد يكون المُتبرِّع قريبا من الدرجة الأولى، مثل أحد الوالدين أو الأخ أو الأخت أو طفل كبير، أو من الأقارب بالولادة، مثل الأعمام والعمات وأبناء العمومة، أو شخص غير قريب بيولوجيا وله علاقة بالمُرشح لعملية الزراعة، مثل الزوج أو له علاقة وطيدة أخرى كصديق، أو زميل في العمل.
ـ التبرع غير الموجه: في التبرع الحي غير الموجه بالأعضاء، والمعروف أيضا باسم التبرع الإيثاري، لا يُحدِّد المُتبرِّع المتلقي للجهاز المُتبرَّع به. ويستند التوافق على الحاجة الطبية والتناسق.
وفي بعض الحالات، قد يختار المُتبرِّع عدم معرفة مُتلقي العضو. في حالات أخرى، قد يجتمع المُتبرِّع والمتلقي إذا وافق كلاهما، وإذا سمحت بذلك سياسة مركز زراعة الأعضاء.