الأعاصير تغير مواعيدها لتفاجئ الأميركيين

درجة حرارة الكوكب وراء الطقس الدافئ غير المعتاد في الشتاء.
الثلاثاء 2021/12/14
اختلاط فصول السنة يخلف الخراب

يدفع البشر ثمن التغييرات المناخية التي غيرت مواعيد الفصول والعواصف والأعاصير، وتواجه الولايات المتحدة أعاصير في شهر ديسمبر قبل موعدها المعتاد، وذلك بسبب الطقس الدافئ الذي اعتاده الناس في الربيع، فحل في فصل الشتاء ليخلف خسائر فادحة.

واشنطن- نحن في ديسمبر، لكن الهواء الدافئ الرطب كان يشعرنا بأننا في فصل الربيع، كما شهدنا عاصفة متجهة شرقا مسترشدة بنمط النينا، أنتجت الأعاصير التي قتلت العشرات من الأشخاص في خمس ولايات أميركية.

وتعتبر الأعاصير في ديسمبر غير عادية، لكنها حدثت من قبل. يقول خبراء الأرصاد الجوية إن ضراوة مسار أعاصير ليلة الجمعة وطولها من المحتمل أن يضعاها في فئة خاصة بها.

وقال الخبراء إن أحد الأعاصير حطم على الأرجح رقما قياسيا -عمره يقارب 100 عام- من ناحية مدة بقاء الإعصار على الأرض.

وقال فيكتور جينسيني -وهو أستاذ الأرصاد الجوية بجامعة شمال إلينوي- “لقد كان طقسا عهدناه في أواخر الربيع ونعيشه اليوم في منتصف ديسمبر”.

ويقول خبراء الأرصاد الجوية إن الطقس الدافئ كان عنصرا حاسما في حدوث الإعصار، وهم يبحثون في مسألة ما إذا كان لتغير المناخ دور في ذلك.

العواصف الشديدة أصبحت أكثر شيوعا
العواصف الشديدة أصبحت أكثر شيوعا 

كما أكد العلماء أن اكتشاف كيفية تأثير تغير المناخ على وتيرة الأعاصير أمر معقد، ولا يزال فهمهم يتطور في هذا المجال. لكنهم يقولون إن الظروف الجوية التي تؤدي إلى ظهور مثل هذه الظواهر تتزايد في الشتاء مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

وينتقل الإعصار شرقا بعيدا عن منطقة كانساس – أوكلاهوما تاركا عددا من القتلى.

وهذه نظرة إلى ما هو معروف عن اندلاع إعصار يوم الجمعة ودور تغير المناخ في مثل هذا الحدث الجوّي.

الأعاصير هي أعمدة هوائية عمودية تتشكل من مجموعة من العواصف الرعدية وتمتد إلى الأرض. وتنتقل من مكان إلى آخر بسرعة شرسة مدمرة كل شيء في طريقها.

وتنشأ العواصف الرعدية عند اصطدام هواء بارد أكثر كثافة وجفافا بهواء رطب ودافئ لعدم الاستقرار في الغلاف الجوي، عندها يرتفع الهواء الدافئ. وعندما تختلف سرعة الرياح أو اتجاهها على ارتفاعات مختلفة يشرع التيار الصاعد في الدوران.

وتُنتج هذه التغييرات في الرياح الدوران اللازم للإعصار. وتشهد الأعاصير القوية تغييرات في كل من سرعة الرياح واتجاهها.

وقال بول ماركوفسكي -أستاذ الأرصاد الجوية في جامعة ولاية بنسلفانيا- “عند حدوث تباين كبير في الرياح على مستوى أقرب مسافة تفصل عن الغلاف الجوي (بضعة آلاف من الأقدام)، من الممكن أن تنتج عواصف رعدية عملاقة. وهذا ما شهدناه”.

وقال جينسيني “عادة ما يكون هناك الكثير من اصطدامات الرياح في الشتاء بسبب الاختلاف الكبير في درجة الحرارة وضغط الهواء بين خط الاستواء والقطب الشمالي، لكن في العادة لا يوجد قدر كبير من عدم الاستقرار في الشتاء وهو ما تحتاجه الأعاصير لأن الهواء ليس دافئا ورطبا على عكس هذه المرة”.

وسيستمر خبراء الأرصاد الجوية في دراسة بعض العوامل المسببة لهذه الظاهرة. لكن درجات الحرارة الشبيهة بتلك التي نسجلها خلال الربيع في معظم أنحاء الغرب الأوسط والجنوب في ديسمبر أنتجت الهواء الدافئ الرطب الذي ساعد في تكوين العواصف الرعدية.

وهذا يرجع -في جزء منه- إلى ظاهرة النينا التي تجلب عموما درجات حرارة أكثر دفئا من درجات الحرارة العادية في الشتاء إلى جنوب الولايات المتحدة، لكن العلماء يتوقعون أيضا أن يصبح الطقس الدافئ غير المعتاد في الشتاء أكثر شيوعا مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

وقال جون جوردون -وهو خبير في الخدمة الوطنية للأرصاد الجوية في لويزفيل بكنتاكي- “حدث أسوأ سيناريو؛ هواء دافئ في منتصف ليل موسم البرد”.

ويقول الخبراء إنه بمجرد تشكل العاصفة يبدو أن اصطدام الرياح القوي بشكل استثنائي قد منع الأعاصير من التبدد.

بلدات تغرق

ويُعتقد أن الأعاصير تموت عندما تفقد العواصف الرعدية طاقتها. وعادة ما تفقد الأعاصير الطاقة في غضون دقائق، ولكنها كانت ساعات في هذه الحالة، على حد قول جينسيني.

وقال إن هذا كان السبب الجزئي في مسار عاصفة الجمعة الطويل، حيث تجاوزت 322 كيلومترا أو نحو ذلك.

وكان الرقم القياسي 352 كيلومترا وسجله إعصار ضرب أربع ولايات في 1925. ويعتقد جينسيني أن هذا الرقم سيتصاعد بمجرد انتهاء خبراء الأرصاد الجوية من تحليله.

وتابع “يجب أن تكون العاصفة سريعة الحركة لتسجل مسارا طويلا. وكانت هذه العاصفة تتحرك بسرعة تزيد عن 80 كيلومترا في الساعة. وليست هذه سرعة الرياح، بل سرعة حركة العاصفة الكلية”.

وما زال العلماء يحاولون تحليل العديد من العوامل المتضاربة بشأن ما إذا كان تغير المناخ الذي يسببه الإنسان يجعل الأعاصير أكثر شيوعا أو أكثر حدة.

ويضرب حوالي 1200 إعصار الولايات المتحدة كل سنة على الرغم من أن هذا الرقم يمكن أن يختلف وفقا للمختبر الوطني للعواصف الشديدة. ولا يشهد أي بلد آخر هذا العدد.

الولايات المتحدة ستشهد المزيد من الأعاصير في الشتاء، حيث ترتفع درجات الحرارة فوق المتوسط ​​طويل الأجل

ولا يزال عزو عاصفة معينة مثل عاصفة الجمعة إلى آثار تغير المناخ أمرا صعبا للغاية. وقال هارولد بروكس -وهو عالم الأعاصير في المختبر الوطني للعواصف الشديدة- إن أقل من 10 في المئة من العواصف الرعدية الشديدة تنتج الأعاصير، مما يجعل استخلاص النتائج بشأن تغير المناخ والعمليات التي أدت إليها أمرا صعبا.

ولاحظ العلماء التغييرات التي تحدث في عوامل العاصفة الرعدية الأساسية مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ويقول جينسيني إن العواصف الشديدة “أصبحت أكثر شيوعا لأن لدينا الكثير من الكتل الهوائية الأكثر دفئا في الموسم البارد والتي يمكن أن تدعم هذا الطقس القاسي”.

وقال بروكس إنه من المرجح أن تشهد الولايات المتحدة المزيد من الأعاصير في الشتاء، حيث ترتفع درجات الحرارة فوق المتوسط ​​طويل الأجل. وقال فرتادو من جامعة أوكلاهوما إن نمط الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة تحول شرقا إلى وادي نهر المسيسيبي بسبب الزيادات في درجة الحرارة والرطوبة. وبمرور الوقت أصبح وادي نهر المسيسيبي ووادي نهر أوهايو أكثر عرضة لمخاطر الأعاصير.

18