الأسد يربط تطبيع العلاقات مع تركيا بإنهاء الاحتلال

أنقرة - اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد الخميس، وفق بيان صادر عن الرئاسة، أن اللقاءات السورية - التركية برعاية روسيا يجب أن تكون مبنية على إنهاء "الاحتلال"، أي التواجد العسكري التركي، "حتى تكون مثمرة"، وذلك في أول تعليق له على التقارب بين الدولتين بعد قطيعة استمرت أحد عشر عاما، فيما شدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على أنه قد يلتقي بنظيره السوري فيصل المقداد في أوائل فبراير، نافيا بالتالي التقارير التي تفيد بأنهما قد يجتمعان الأسبوع المقبل.
وفي نهاية الشهر الماضي التقى وزيرا الدفاع التركي والسوري في موسكو، في أول لقاء رسمي على هذا المستوى بين الدولتين منذ بدء النزاع في سوريا في 2011، كما من المفترض أن يعقد قريبا لقاء على مستوى وزيري الخارجية.
وقال الأسد إثر لقائه المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف إنّ "هذه اللقاءات حتى تكون مثمرة فإنّها يجب أن تُبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا، من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات، انطلاقا من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب".
وقبل اندلاع النزاع العام 2011، كانت تركيا حليفا اقتصاديا وسياسيا أساسيا لسوريا. وجمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقة صداقة بالأسد.
لكنّ العلاقة بين الطرفين انقلبت رأسا على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد النظام في سوريا. ودعت أنقرة بداية حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، قبل أن يدعو أردوغان الأسد إلى التنحي.
وقدمت تركيا على مر السنوات الماضية دعما للمعارضة السياسية والفصائل المقاتلة في سوريا، والتي تصفها السلطات في دمشق بأنها إرهابية.
ومنذ العام 2016، إثر ثلاث عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد، باتت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها تسيطر على منطقة حدودية واسعة في شمال سوريا. وتعتبر دمشق التواجد العسكري التركي في شمال البلاد "احتلالا".
وبعد قطيعة استمرت 11 عاما، برزت خلال الفترة الماضية مؤشرات تقارب بين الطرفين، توّجها في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي لقاء في موسكو بين وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال نهاية الشهر الماضي إنه جرى الاتفاق على عقد اجتماع ثلاثي بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وروسيا في النصف الثاني من يناير، إلا أن الموعد لم يحدد بعد، كما لم يتّضح مكان عقد اللقاء.
لكن أوغلو أكد الخميس أنه قد يلتقي بنظيره السوري فيصل المقداد في أوائل فبراير، نافيا التقارير التي تفيد بأنهما قد يجتمعان الأسبوع المقبل.
وقال جاويش أوغلو "قلنا من قبل إن هناك بعض المقترحات بشأن لقاء الأسبوع المقبل لكنها لا تناسبنا... قد يكون ذلك في بداية فبراير، ونحن نعمل على تحديد موعد".
وتسرع تركيا الخطى لإحداث تقارب مع الحكومة السورية بوساطة روسية لمواجهة ملف وحدات الشعب الكردي، حيث لا يستبعد أن تتوج اللقاءات بين وزراء من البلدين بلقاء قمة بين أردوغان والأسد، رغم أن الجانب السوري لم يظهر حماسا كبيرا إلى حد الآن، وهو ما تكشف عنه تصريحات رئيس النظام السوري الأخيرة.
ويتخوف الجانب التركي من خطر المسلحين الأكراد شمال سوريا، والذين يرتبطون بعلاقات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني الذي يطالب بانفصال المحافظات التركية ذات الغالبية الكردية عن أنقرة،
وهددت تركيا بشن عملية برية واسعة لاستئصال القوات الكردية بعد عملية شهدتها إسطنبول قبل أشهر، لكن حدة التهديدات خفت على وقع مسار جديد ربما يشرك القوات الحكومية السورية في أي خطة للتخلص من خطر المسلحين الأكراد.
وانتقدت القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، جهود التقارب التركي - السوري برعاية روسية، واصفة النظام السوري بأنه وحشي وأن تلك الخطوات لن تكون في مصلحة الشعب السوري، فيما عبّرت المعارضة السورية بدورها عن قلقها من مصيرها بعد التقارب، رغم رسائل الطمأنة التركية.
وعززت واشنطن قبل أيام من تواجدها العسكري في مناطق تحت سيطرة القوات الكردية، خاصة في الحسكة، لطمأنة حلفائها الأكراد بأنها لن تتخلى عنهم في خضم التقارب التركي مع النظام السوري.
وتمتلك روسيا بدورها قوات على الأرض وشاركت في دعم القوات السورية في استعادة العديد من المساحات خلال السنوات الماضية، ما يكشف أن سوريا ستشهد كذلك في المستقبل تصاعدا للصراع الإقليمي والدولي.