الأسد يتوقع مكافأة سياسية بعد السماح بفتح معبرين أمام المساعدات

الرئيس السوري أجرى أول اتصال هاتفي معلن مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهي خطوة تهدف إلى البناء عليها.
الخميس 2023/02/16
المعابر ورقة سياسية أيضا

دمشق - بالسماح بدخول مساعدات إلى شمال غرب سوريا، الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة، عبر المزيد من المعابر الحدودية من تركيا، استجاب الرئيس بشار الأسد لمطالب خصومه الأجانب، والسؤال الذي يطرحه محللون الآن هو: ما الذي يريده مقابل ذلك؟

وسيوسع قرار الأسد إمكانية وصول مساعدات الأمم المتحدة إلى السوريين الذين تضرروا من زلزال مدمر أودى بحياة أكثر من 5700 شخص في البلاد، مما يمثل تحولا في موقف دمشق التي عارضت لفترة طويلة تسليم مساعدات عبر الحدود إلى جيب المعارضة.

ويمثل هذا واحدة من عدة طرق يتم من خلالها إرسال المساعدات عبر قنوات دبلوماسية، ويبدو أن الأسد استفاد سياسيا من ذلك ويأمل في تحقيق المزيد من الاستفادة.

آرون لوند: فتح المعابر يسمح للأسد بالإفلات من الانتقادات
آرون لوند: فتح المعابر يسمح للأسد بالإفلات من الانتقادات

وينعم الأسد، المنبوذ من الغرب، بفيض من الدعم من دول عربية أعادت العلاقات معه في السنوات الماضية، لاسيما الإمارات. وقال مسؤولان عربيان التقيا بالأسد إنه أجرى أيضا أول اتصال هاتفي معلن مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهي خطوة تهدف إلى البناء عليها.

كما أرسلت السعودية الثلاثاء أول طائرة مساعدات معلن عنها إلى حلب الواقعة تحت سيطرة الأسد، في لفتة بارزة من دولة خليجية لا تزال على خلاف مع الرئيس السوري. وقبل هذا كانت المساعدات السعودية لضحايا الزلزال تذهب فقط إلى مناطق المعارضة.

وفي غضون ذلك تبحث تركيا، حيث أودت الكارثة بحياة 31974 شخصا، مسألة إعادة فتح معبر حدودي أمام مساعدات الأمم المتحدة للوصول إلى مناطق الحكومة السورية، وفقا لمسؤول تركي. وهي خطوة يمكن أن تطور الاتصالات التي تمت في الآونة الأخيرة بين الحكومتين بعد سنوات من العداء.

وسمحت الولايات المتحدة، التي تستبعد إعادة العلاقات مع الأسد، لمدة 180 يوما بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال التي كان من الممكن حظرها بسبب العقوبات التي فرضتها واشنطن على سوريا.

وتقول واشنطن منذ فترة طويلة إن العقوبات لا تعرقل وصول المساعدات. وارتفعت قيمة الليرة السورية منذ صدور القرار.

وقالت الأمم المتحدة إن قرار الأسد السماح للمساعدات بالمرور عبر معبرين حدوديين آخرين لثلاثة أشهر جاء بعد دعوات للسماح بوصول المزيد من المساعدات. وجاء أيضا في وقت دعت فيه الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار من قبل مجلس الأمن الدولي يسمح بفتح المعبرين.

ويتم تسليم مساعدات الأمم المتحدة حاليا عبر معبر واحد سمح به قرار من مجلس الأمن. ويقول دبلوماسيون إنه على الرغم من أن الأسد فقد السيطرة على معظم الحدود المتاخمة لتركيا منذ سنوات، فإن موافقته تعني أن وكالات الأمم المتحدة لا تحتاج إلى قرار آخر من هذا القبيل للدخول من المعبرين الإضافيين.

وقال آرون لوند من مؤسسة سنشري إنترناشيونال البحثية “يبدو هذا إيجابيا بشكل لا لبس فيه، وهذا ليس شيئا يمكنك قوله عن سوريا غالبا في هذه الأيام”. وأضاف لوند “إما أن يكون هناك اتفاق وراء الكواليس يحصل فيه الأسد على شيء في المقابل، أو أنه قرر أن الوقت قد حان لتقديم بادرة حسن نية”.

الأسد

ومضى قائلا “فتح هذه المعابر لفترة مؤقتة لا يكلف الأسد شيئا حقا، لكنه يسمح له بالإفلات من الانتقادات ويبرز قدرته على السماح وعدم السماح بإمكانية الوصول إلى الحدود كما يشاء”.

وقال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ردا على سؤال حول القرار خلال مؤتمر صحفي الاثنين، إنه يأمل في أن يكون الأسد جادا.

وتابع “دأب نظام الأسد على المجادلة بعدم زيادة المعابر الإنسانية. لكن إذا كان النظام جادا بشأن هذا وعلى استعداد لتنفيذ ما يقول، فسيكون هذا أمرا جيدا بالنسبة إلى الشعب السوري”.

وجدد سفير سوريا لدى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إقرار حكومته بأن المساعدات يجب أن تتم بالتنسيق مع الحكومة وتوصيلها من داخل سوريا وليس عبر الحدود التركية.

ونقلت الرئاسة عن الأسد قوله، في لقاء مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الثلاثاء، إن الحكومة تريد وصول المساعدات إلى جميع المناطق السورية لمساعدة المتضررين.

50

مليون دولار تعهدت بتقديمها الإمارات كمساعدات لسوريا لكنها لم تذكر في أي جزء من سوريا سيتم إنفاق هذه الأموال

وضرب الزلزال السوريين الذين يعانون بالفعل من أزمة إنسانية حادة بعد أكثر من عقد من الصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف وشرد أكثر من نصف سكان سوريا وقسم البلاد.

وأحبطت الخصومة الشديدة بين الأطراف المتناحرة محاولتين على الأقل لتقديم المساعدة إلى الشمال الغربي الخاضع لسيطرة متمردين والذي سجل القسط الأكبر من القتلى حتى الآن. وتضررت مناطق تسيطر عليها الحكومة بشدة أيضا.

وتعهدت الإمارات بتقديم 50 مليون دولار كمساعدات لسوريا لكنها لم تذكر في أي جزء من سوريا سيتم إنفاق هذه الأموال. وقالت وسائل إعلام حكومية سورية إن الدعم الإماراتي للمناطق التابعة للحكومة يشمل فريق بحث وإنقاذ.

وقال مصدران خليجيان إن الإمارات التي كانت ذات يوم تدعم أعداء الأسد أصبحت تضغط على الدول العربية الأخرى لإعادة التعامل مع دمشق، على الرغم من معارضة حليفتها الإستراتيجية الولايات المتحدة.

وتم تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية عام 2011 بعد نشوب الحرب. لكن مع إلحاق الأسد الهزيمة بعدد من أعدائه بمساعدة روسيا وإيران، ترى بعض الدول العربية في إعادة التواصل مع الأسد وسيلة لمواجهة نفوذ إيران الشيعية من بين اعتبارات أخرى.

وقال مسؤول عربي اجتمع مع الأسد، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته لأن الاجتماع كان خاصا، إن الأسد شعر بالارتياح من مكالمته مع السيسي وقال إن الاتصال سيتم “البناء عليه”. وكانت الرئاسة المصرية قد تحدثت عن اتصال مع الأسد في السابع من فبراير الجاري لكنها لم تسهب في التفاصيل.

6