الأسد في الإمارات في أول زيارة لبلد عربي منذ النزاع السوري

دبي - قام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة إلى الإمارات العربية المتحدة الجمعة هي الأولى له لدولة عربية منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، وفق ما أعلنت وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام".
ووفق ما أوردت "وام"، استقبل ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس السوري لبحث "العلاقات الأخوية" بين البلدين وجهود "ترسيخ الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط".
وزيارات الأسد خارج سوريا منذ اندلاع الحرب كانت لإيران وروسيا فقط، لكن هذه الزيارة تعدّ أحدث إشارة إلى عودة دفء العلاقات بين سوريا والإمارات التي قطعت روابطها مع دمشق في فبراير 2012.
ويحمل اختيار الرئيس السوري لدولة الإمارات لتدشين بدء عودته إلى الحاضنة العربية، أكثر من رسالة، أبرزها التقدير الذي يحمله لدولة الإمارات في ظل موقفها الداعم لوحدة الأراضي السورية ودعمها لحل سياسي للأزمة.
ونقلت الوكالة عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قوله إنه يأمل في أن تكون "فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا الشقيقة والمنطقة جمعاء".
وأضافت أن الجانبين ناقشا خلال اللقاء الذي حضره مسؤولون بارزون من البلدين، عددا من القضايا "محل الاهتمام المشترك وتأكيد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية، إضافة إلى دعم سوريا وشعبها الشقيق سياسيا وإنسانيا للوصول إلى حل سلمي لجميع التحديات التي يواجهها".
وأكد الشيخ محمد بن زايد أن "سوريا الشقيقة تعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي وأن دولة الإمارات حريصة على تعزيز التعاون معها، بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو الاستقرار والتنمية".
كما تبادلا وجهات النظر وموقف البلدين تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقالت الوكالة الإماراتية، إن عددا من كبار المسؤولين في الدولة حضروا اللقاء بين الرئيس السوري وولي عهد أبوظبي وبينهم الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعلي بن حماد الشامسي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني.
ورافق الأسد في زيارته إلى الإمارات فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين، ومنصور عزام وزير شؤون الرئاسة، وبشار الجعفري نائب وزير الخارجية والمغتربين، وعدد من المسؤولين.
كما التقى الأسد بنائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي الشيح محمد بن راشد في استراحة المرموم بدبي.
وحسب بيان نشرته الرئاسة السورية عبر صفحتها على فيسبوك، أعرب الشيخ محمد بن راشد لضيفه عن تمنياته بعودة الاستقرار والسلام إلى سوريا، مضيفا أن اللقاء تناول مجمل العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون الثنائي لاسيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والتجاري، بما يرقى إلى مستوى تطلعات الشعبين السوري والإماراتي.
وكان في استقبال الأسد لدى وصوله إلى مطار دبي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
وتزامن توقيت الزيارة مع ذكرى مرور 11 عاما على الانتفاضة السورية التي بدأت في مارس 2011، وفي وقت تعمل فيه واشنطن على مستوى العالم لتوحيد الحلفاء والشركاء ضد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وغادر الرئيس السوري الإمارات وكان في وداعه في مطار البطين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وكانت الإمارات قد أعادت في 2018 فتح سفارتها في دمشق بعد سبع سنوات على إغلاقها عام 2011 على خلفية الاحتجاجات في سوريا، وشكل الحدث حينها أول إشارة على إعادة تطبيع العلاقات.
وفي نوفمبر من العام الماضي قام وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد بزيارة دمشق التقى خلالها بالرئيس السوري، وكانت أول زيارة لمسؤول إماراتي رفيع إلى العاصمة السورية.
وارتفعت في الآونة الأخيرة، وتيرة إقبال دول عربية على إعادة علاقاتها مع نظام بشار الأسد، فيما يبدو وكأنه إطار تطبيع متسارع، خصوصا بعد زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن، في سبتمبر الماضي.
كما أجرى وزراء خارجية كل من مصر والأردن وتونس والجزائر والعراق وعُمان، لقاءات مع فيصل المقداد وزير الخارجية السوري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ومن الواضح أن عملية التطبيع مع نظام الأسد بقيت خيارا حاضرا ضمن أجندات بعض الدول العربية، تنتظر الفرصة المواتية لتفعيلها، حيث قامت كل من الإمارات والبحرين بفتح سفارتيهما في دمشق، لتنضم إلى مجموعة من الدول العربية التي لم تغلق سفاراتها أساسا، مثل مصر والأردن والعراق وعمان والجزائر.
لكن مسار قطار التطبيع ظل مرتبطا بالمواقف والتفاهمات الدولية حيال القضية السورية، وبسياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة، خصوصا بعد قانون قيصر، الذي انتظر منه السوريون الكثير على صعيد إبقاء الدول على مسافة من النظام السوري، وكف يد إيران عن التدخل السافر في سوريا.
بينما تبدو إدارة الرئيس جو بايدن متجهة نحو تطبيق استثناءات قانون قيصر قبل تفعيلها للقانون نفسه عمليا، فقد منحت كلا من الأردن ولبنان استثناءات هامة، لحل أزمات لبنان المستفحلة، وخاصة في مجال الطاقة، وبهدف تقديم عوائد وفوائد مالية واقتصادية إلى الأردن، الذي يبحث عن حلول لتدهور أوضاعه الاقتصادية والمعيشية، نتيجة الأزمات الخانقة التي تعصف به.