الأزمة المالية تهدد بانفجار في الشارع الفلسطيني

محللون سياسيون يرون أنه في حال استمرت الأزمة المالية على حالها فإنها يمكن أن تؤدي إلى "انفجار" في الشارع الفلسطيني.
السبت 2019/03/23
الأوضاع صعبة

رام الله (الأراضي الفلسطينية) - أدخلت الخلافات بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية، التي تفجرت في بداية العام 2018، إضافة إلى خلافات السلطة القائمة مع إسرائيل، وضعها المالي في “أزمة خانقة”، تتجاوز تداعياتها حدود السلطة الفلسطينية مهددة بأن تتحول الاحتجاجات التي يشهدها قطاع غزة ضد الغلاء والضرائب وغياب الخدمات، إلى موجة تزحف على كل الأراضي الفلسطينية، في غضب شعبي موجه هذه المرة للسلطة لا فقط ضد الإسرائيليين.

وكانت الإدارة الأميركية أوقفت مساعدات بأكثر من 500 مليون دولار كانت تقدمها للسلطة الفلسطينية، إثر خلافات نشأت عقب إعلان إدارة دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس الشرقية بداية العام 2018.

جهاد حرب: إذا بقيت الأوضاع الاقتصادية صعبة فستؤدي إلى انفجار
جهاد حرب: إذا بقيت الأوضاع الاقتصادية صعبة فستؤدي إلى انفجار

ونشبت مؤخرا خلافات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إثر قيام إسرائيل بخصم حوالي 138 مليون دولار من الأموال الضريبية، التي تجبيها شهريا لصالح السلطة الفلسطينية عن سنة كاملة معلنة، أن ذلك يأتي كون “الأموال تدفع لصالح عائلات منفذي هجمات معتقلين في السجون الإسرائيلية”.

وتجبي إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية ما بين 150 إلى 200 مليون دولار كضريبة على المشتريات المتبادلة. وتبلغ إيرادات السلطة الشهرية نحو 280 مليون دولار فيما تبلغ نفقاتها حوالي 350 مليون دولار.

ويرى محللون سياسيون أنه في حال استمرت الأزمة على حالها، فيما يتوقع خبراء اقتصاديون اشتدادها، فإنها يمكن أن تؤدي إلى “انفجار” في الشارع الفلسطيني.

ويقول المحلل السياسي جهاد حرب “إذا بقيت الأوضاع الاقتصادية صعبة هكذا مع عدم قدرة السلطة الفلسطينية على دفع الرواتب وتقديم الخدمات، إضافة إلى استمرار الاستيطان وتهويد القدس، كل هذا سيؤدي إلى انفجار”.

وتبلغ قيمة فاتورة الرواتب الشهرية التي تدفعها السلطة الفلسطينية لموظفيها حوالي 130 مليون دولار، أي قيمة المبلغ الذي خصمته إسرائيل من ضريبة المقاصة.

وفي مواجهة ضغط هذه الأزمة على السلطة، كلّف الرئيس الفلسطيني محمود عباس قياديا من حركة فتح لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة تكون قادرة على مواجهة الأزمات القائمة.

جعفر صدقة: مثل هذه الأزمة وقعت 8 مرات منذ تأسيس السلطة الفلسطينية
جعفر صدقة: مثل هذه الأزمة وقعت 8 مرات منذ تأسيس السلطة الفلسطينية

لكن محللين يعتبرون أن أي حكومة فلسطينية قادمة لن تكون قادرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين طالما لا يوجد حلّ سياسي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي القائم، وطالما ظلت الحكومات تتعامل بذات العقلية والأسلوب مع هذه الأزمة وغيرها.

ويشير الخبير والمحاضر الاقتصادي نصر عبدالكريم إلى “هذه الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة الفلسطينية ليست بالجديدة، وهي تتكرر وتختفي حسب تطور العلاقة ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أو الدول الداعمة”.

ويقول عبدالكريم “شهدنا أزمات سابقة وربما أشد تعقيدا، وهذه الأزمات ترتبط مع الأفق السياسي والأمني الذي يشهد حالة انسداد”، مضيفا أن هذه الأزمة كانت متوقعة، وسبب ذلك “أن الحكومات السابقة لم تنجح في الابتعاد عن التبعية والهيمنة الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني، ومن المدهش أن تكون نسبة الضريبة التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية تشكل 70 بالمئة من الإيرادات”.

ويؤيده الصحافي الاقتصادي جعفر صدقة الذي يقول إن “الأزمة الاقتصادية موجودة منذ بداية السلطة الفلسطينية في العام 1995، وهي تتضاعف من سنة لأخرى، ولا تؤثر على العجز المالي لأن العجز أصلا موجود”.

ويضيف صدقة أن “مثل هذه الأزمة وقعت ثماني مرات منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، لكن هذه المرة تختلف بأنها جاءت نتيجة تراكمية لأغراض سياسية بدأتها الولايات المتحدة من بداية 2018، والمشكلة أن عملية الخصم تحولت إلى قانون”.

6