الأزمات تعصف باقتصاد الأردن دون مصدات أو حواجز

تفاقمت معظم المؤشرات الاقتصادية الأردنية في العام الماضي في ظل استمرار انفتاح الاقتصاد أمام العواصف المحلية والعالمية دون مصدات أو حواجز. ولم تتمكن السياسات الحكومية من معالجة مشاكل البطالة وارتفاع عجز الموازنة والدين العام، لكنها أبقتها بعيدة عن الانفجار.
الخميس 2018/01/04
ترقيع الأزمات الاقتصادية

عمّان - يؤكد الخبراء والتقارير الدولية أن الاقتصاد الأردني يعاني من مشاكل هيكلية مزمنة وأنه يواصل منذ سنوات ترقيع تلك المشاكل بالاعتماد على المساعدات الدولية دون أن تقدم الحكومة علاجات حاسمة للمشاكل الاقتصادية.

ويعد كون الأردن اقتصادا مفتوحا على العالم الخارجي سلاحا ذو حدين، فهو يجعله أكثر عرضة للصدمات الإقليمية والعالمية، لكنه يمنحه أيضا بعض الثقة من قبل المؤسسات المالية الدولية.

وتتركز مشاكل اقتصاد الأردن في ضعف الإنتاجية وارتفاع عجز الموازنة والدين العام ومستويات الفقر والبطالة، وهو بحاجة ماسة لتعزيز دور الاستثمار المحلي والأجنبي وتنويع الاقتصاد ومصادر إيرادات الموازنة.

وتعاني البلاد من قلة الثروات الطبيعية وقلة مصادر المياه والأراضي الزراعية ومصادر الطاقة، ويصل اعتماد الأردن على الواردات إلى نحو 90 بالمئة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن حجم الدين العام تجاوز في نهاية العام الماضي حاجز 37 مليار دولار، بزيادة 3 مليارات دولار عن بداية العام. ويعادل ذلك أكثر من 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي مستويات مرتفعة بالمعايير العالمية.

زيان زوانة: عام 2018 سيكون امتدادا لظروف اقتصادية صعبة لا تزال تؤثر على الأردن

وتتوقع موازنة العام الحالي أن يرتفع إلى ما يعادل 93.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها تأمل بأن ينخفض بحلول عام 2020 إلى نحو 86.2 بالمئة.

أما عجز الموازنة فيقدر في العام الماضي بنحو 8 بالمئة. وتتوقع موازنة عام 2018 أن يصل إلى 1.75 مليار دولار وأن تتمكن من إطفاء نصفه تقريبا من خلال المساعدات الخارجية.

ويلخّص الاعتماد الشديد على المنح الخارجية حجم أزمات الاقتصاد الأردني خاصة في ظل تداعيات الأزمات في سوريا والعراق، حيث لا يمر شهر دون الحصول على دعم من الدول الكبرى ودول الخليج.

وقفزت معدلات البطالة في نهاية العام الماضي إلى نحو 18.5 بالمئة مقارنة مع 15.8 بالمئة قبل عام، ما يعني أن أزمة البطالة تتفاقم بوتيرة مقلقة.

ويعاني سوق العمل الأردني من منافسة قوية مع العمالة السورية، في حين وصل عدد السكان إلى 9.5 ملايين نسمة منهم 2.9 مليون غير أردني، بينهم 1.3 مليون سوري.

وتعهّدت الحكومة في العام الماضي بتوفير نحو 200 ألف فرصة عمل للاجئين السوريين خلال السنوات المقبلة، لكنها ربطت ذلك بالحصول على منح مالية من المجتمع الدولي.

وتتوقع الحكومة نمو الناتج المحلي بنسبة 2.5 بالمئة هذا العام على أن تبلغ نحو 2.9 بالمئة مع نهاية عام 2020، غير أن الخبراء يشككون في تلك الأرقام نظرا لعدم امتلاك السلطات الأدوات الكافية لبلوغ ذلك الهدف.

وتدهورت القدرة الشرائية بوتيرة سريعة في السنوات الماضية بسبب ارتفاع الأسعار وخفض الدعم الحكومي وزيادة الضرائب والرسوم على الكثير من السلع والخدمات لتتمكن الحكومة من الحصول على قروض من المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي.

ويعتقد مراقبون أن تأخر الإصلاحات والحلول الجذرية لتخفيف الأزمات الاقتصادية سيخلف تكاليف باهظة وقاسية مستقبلا، تزداد أعباؤها على سكان الأردن إذا استمرت مؤشرات الاقتصاد في التراجع إلى معدلات خطيرة.

وتشدد المؤسسات الدولية وخبراء الاقتصاد على تسريع وتيرة الإصلاحات الخجولة التي تتخذها الحكومة لضبط الإنفاق الحكومي ومكافحة الفساد والتخلص من البيروقراطية التي ساهمت في تراجع الاستثمار.

ومن المتوقع أن تعلن الحكومة عن قرارات جديدة في الفترة المقبلة يمكن أن تفاقم الأوضاع المعيشة للسكان إذا تركزت على رفع الدعم الحكومي ورفع أسعار المواد الاستهلاكية وتوسيع القواعد الضريبة.

وتبدو الحكومة مضطرة إلى اتخاذ تدابير قاسية لزيادة إيرادات الموازنة نزولا عند شروط صندوق النقد، لكن البعض يؤكد أن ذلك الاتجاه له انعكاسات سلبية اقتصاديا واجتماعيا.

37 مليار دولار الدين العام للأردن بعدما تقلصت الإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية

ويرى الخبير الاقتصادي زيان زوانة أن عام 2018 سيكون امتدادا لظروف اقتصادية صعبة لا تزال تؤثر على الأردن منذ سنوات طويلة وأن المواطن البسيط سيكون المتأثر من تلك القرارات.

وقال إن “موازنة العام الحالي تظهر وجود فجوة تمويلية تسعى الحكومة لتغطيتها من إيرادات محلية بزيادات في الأسعار وزيادة الضرائب”.

ويمكن أن تؤثر الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول الخليج حاليا بسبب اضطرارها للقيام بإصلاحات اقتصادية واسعة النطاق لمعالجة تداعيات انخفاض إيرادات صادرات النفط للعام الرابع على التوالي، على حجم المنح والمساعدات المقدمة للأردن.

كما أن مشكلة البطالة قد تتفاقم بسبب استغناء دول خليجية عن العمالة الأردنية في إطار برامج لتوطين الوظائف، الأمر الذي يقلص تحويلات المغتربين التي تعد مصدرا رئيسا للعملة الأجنبية.

ويشير محللون إلى غياب الرؤية المستقبلية في السياسات الاقتصادية للحكومة الأردنية في مجالات التنمية والتطوير وتعزيز المشاريع الاستثمارية.

ويقول الخبير الأردني محمد الرفاعي إن غياب الشراكة بين القطاعين العام والخاص وعدم تلمّس حاجات المواطنين قادا الحكومة إلى التخبط في حل الأزمات المزمنة المنتشرة في جميع القطاعات دون استثناء.

11