الأردن يضع آماله وأزماته الاقتصادية على طاولة مؤتمر لندن

عرض الأردن الخميس أزماته الاقتصادية وآماله بالخروج منها على طاولة مؤتمر لدعم الاقتصاد الأردني عُقد في العاصمة البريطانية أمس، ولم تصدر أرقام شاملة عن حجم الدعم باستثناء إعلان فرنسا عن تقديم مليار يورو، في صورة قروض ومنح على مدى السنوات الأربع المقبلة.
لندن - أقرّ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الخميس خلال افتتاح مؤتمر “النمو والفرص في الأردن” أن النمو الاقتصادي الحالي في السوق الأردنية بطيء، ولا يوفر فرص عمل كافية للعاطلين عن العمل.
وأضاف خلال المؤتمر الذي استمر يوما واحدا ونظمته دول مانحة بالشراكة مع الحكومة الأردنية وقطاعها الخاص، إن بلاده لن تنتظر “الظروف الحالية حتى تنفرج من تلقاء نفسها”، مؤكدا أن “هذا المؤتمر يشكّل نقطة البداية لبرنامج وجهد جديد للنمو الاقتصادي في الأردن”.
وتهدف مبادرة لندن، إلى تشكيل تحالف دولي من قادة الأعمال والشركات والمستثمرين العالميين، لدعم وتحفيز مسار الأردن نحو التحول الاقتصادي لإخراجه من أزماته المزمنة وتداعيات الصراعات في الدول المجاورة.
ولم تصدر حتى نهاية المؤتمر مساء الخميس تعهدات وأرقام محددة بحجم الدعم الذي ستقدمه الدول المانحة، باستثناء إعلان وزيرة الدولة بوزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية أنييس بانييه روناشير خلال المؤتمر أن بلادها ستقدم مليار يورو للأردن، في صورة قروض ومنح على مدى السنوات الأربع المقبلة.
ويبدو أن شحة التعهدات في مؤتمر لندن قد يعود إلى انتظار المانحين للمبادرة الأوروبية المتعلقة بعقد مؤتمر دولي في بروكسل في أبريل المقبل، لدعم الدول المستضيفة للاجئين وبضمنها الأردن.
وقال الملك عبدالله في كلمته أمام المؤتمر “لن نتمكن من الوصول إلى المستقبل الواعد، والذي نعلم أنه ممكن، في ظل نمو اقتصادي بطيء. فهو لن يوفر فرص العمل ولن يؤمّن المعيشة الكريمة التي ينشدها ويستحقها الأردنيون”.
وقالت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن معدل البطالة في صفوف الذكور بلغ 16.9 بالمئة مقابل 25.7 بالمئة للإناث، في الربع الرابع 2018. وبلغ بين حملة الشهادات الجامعية نحو 24.5 بالمئة.
وتبدو الصورة أكثر قتامة في تقرير للبنك الدولي صدر الشهر الماضي، وقال إن نسبة البطالة في الأردن بلغت 30 بالمئة، وإن 29 بالمئة من الشباب يفتقرون للمهارات والتأهيل المهني.
وقد استقبلت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية الملك عبدالله وزوجته الملكة رانيا، وأقامت لهما مأدبة غداء في قصر بكنغهام الملكي في وسط لندن.
وشارك في المؤتمر ممثلون عن 60 دولة وشاركت فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، إضافة إلى مؤسسات دولية كبرى، وقادة لمؤسسات مالية دولية ومن القطاع الخاص على مستوى العالم.
ويرى محللون إن الأردن بدأ بتسريع معالجة أزماته الاقتصادية المزمنة بإجراء إصلاحات هيكلية كبيرة في إطار استراتيجية اقتصادية تمتد على مدى 5 أعوام، من أجل ضمان الاستدامة والاستمرارية في الاقتصاد.
وسلط مؤتمر لندن الخميس الضوء على 4 قطاعات في الأردن، تحمل ميزة نسبية في الأردن وهي السياحة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية والخدمات المهنية.
ويعاني الاقتصاد الأردني، من صعوبات تتمثل في تباطؤ النمو، وبقاء عجز الميزان التجاري مرتفعا، رغم تراجعه قليلا في العام الماضي في ظل عدم كفاية الإيرادات المالية للالتزامات الحكومية.
وارتفع إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي المستحق على الأردن بنسبة 3.5 بالمئة خلال العام الماضي مقارنة بعام 2017 ليصل إلى 39.9 مليار دولار أي ما يعادل 98 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرتفعة جدا قياسا إلى متوسط مستويات الدين السيادي في العالم.
وتزامن حديث الملك عبدالله الثاني أمس مع صدور بيانات تتفق مع تصريحاته وتظهر أن معدلات البطالة في الأردن بلغت في نهاية العام الماضي نحو 18.6 بالمئة ارتفاعا من 18.3 بالمئة في نهاية العام السابق.
وقال رئيس الوزراء عمر الرزاز إن الاقتصاد الأردني “بدأ يتحسن بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة مطلوبة لخفض الدين وحاسمة لتحفيز النمو الذي تضرر بالصراعات في المنطقة”.
وكشف عن خطوات بلاده والتزاماتها بتنفيذ الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي لتحفيز الاقتصاد.
وقال الرزاز لقد “أخذنا الدواء المر الذي كان مطلوبا وفعل الأردن كل ما بوسعه على الصعيد المالي لإتاحة المجال أمام النمو”، مشيرا إلى أن العبء يقع الآن على مجتمع المانحين الدولي لدفع البلاد “لتحقيق نمو مستدام”.
ويعتقد محللون أن عمّان لا تزال أمامها الكثير من التحديات لتجاوزها في طريق دعم مناخ الأعمال عبر تحفيز القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.
ويجري الأردن منذ فترة مناقشات مع كبار المانحين والبنك الدولي للحصول على قروض ومنح وضمانات بشروط ميسرة لسداد الديون المستحقة، لخفض خدمة الدين العالية التي تضغط بقوة على الميزانية البالغ حجمها 13 مليار دولار.
ودعا صندوق النقد إلى تقديم منح للميزانية وتمويلات ميسرة لدعم إصلاحات الأردن واحتياجاته المالية الضخمة التي زادت، نتيجة إيواء الكثير من اللاجئين السوريين.