الأردن يتحرك ببراغماتية لمعالجة الفقر المائي

عمان- وقع الأردن وإسرائيل الخميس، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 27) المنعقد بمدينة شرم الشيخ المصرية بين السادس والثامن عشر من نوفمبرالجاري، إعلان نوايا لإعادة تأهيل وتحسين بيئة ونظام المياه لنهر الأردن والبحر الميت، وذلك بعد أيام على توقيع اتفاقية مع تل أبيب لتبادل الطاقة مقابل المياه يقول محللون إنها ستساهم بشكل كبير في حل دائم لمعضلة الفقر المائي في المملكة.
ويأتي التوقيع على إعلان النوايا بهدف السعي لإعادة تأهيل نهر الأردن الذي انخفض منسوب جريانه إلى 7 في المئة، وما ترتب عليه من انخفاض منسوب البحر الميت 3 أقدام سنويا الأمر الذي سعى معه الأردن بشكل حثيث ومنذ سنوات للعمل الجاد وتعبئة دعم المجتمع الدولي للسعي لإنقاذ البحر الميت الذي يمثل ميراثا مشتركا للإنسانية.
ويأتي إعلان النوايا كذلك في إطار سعي الأردن لحشد دعم المجتمع الدولي لمعالجة تحديات المناخ وإعادة تأهيل البيئة والتنمية المستدامة لنهر الأردن والبحر الميت، وكذلك خلق فرص عمل تنعكس على تحسين نوعية الحياة وتوفير المزيد من المياه للقاطنين على ضفتي نهر الأردن بما في ذلك الفلسطينيون.
ووقع الأردن مؤخرا اتفاقا لتبادل الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل حيث تتمثل الفكرة التي تم الإعلان عنها لأول مرة قبل عام في أن يقدم الأردن 600 ميغاوات من الطاقة الشمسية ليتم تصديرها إلى إسرائيل. وفي المقابل، ستزود إسرائيل الأردن، الذي يعاني من ندرة المياه، بمئتي مليون متر مكعب من المياه المحلاة.
والأردن من أكثر الدول التي تعاني نقصا في المياه، إذ يواجه موجات جفاف شديدة. وبدأ تعاونه مع إسرائيل في هذا المجال قبل معاهدة السلام الموقّعة في 1994. وكذلك تعاني إسرائيل من الجفاف، إلا أنها تملك تكنولوجيا متقدمة في مجال تحلية مياه البحر.
ويبلغ نصيب الفرد من استهلاك المياه في الأردن الذي يعاني من ندرة المياه أقل من 100 متر مكعب سنويا، وهو أقل من المعدل العالمي لفقر المياه.
وأدى انخفاض مستويات المياه الجوفية وتغير المناخ وزيادة عدد السكان إلى زيادة الضغط على موارده المائية المحدودة.
وفشل الأردن طوال عقود مضت في إيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة شح المياه في مختلف المحافظات، في وقت تصنف فيه المملكة وفق المؤشر العالمي للمياه على أنها ثاني أفقر دولة بالمياه في العالم.
وخلال العامين الماضي والحالي شهد الأردن جفافا للسدود في محافظات الجنوب، طال سدود الوالة والموجب والتنور وشعيب وغيرها، ومع قدوم الصيف ارتفع الطلب على المياه، ووصل إلى معدل 3 ملايين متر مكعب يوميا، في حين لا تتجاوز الكميات الموجودة بالسدود حاليا الـ75 مليون متر مكعب من أصل 285 مليون متر مكعب (قدرتها التخزينية).
60
متر مكعب حصة الفرد في حال استمر الوضع المائي على ما هو عليه بحدود عام 2040
وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال جلسة برلمانية الأسبوع الماضي إن الأردن يعاني فقرا مائيا “غير مسبوق”، مشيرا إلى أن حصة الأردني من المياه “تبلغ نحو 90 مترا مكعبا سنويا لكل الاستخدامات، بينما يبلغ خط الفقر المائي دوليا 500 متر مكعب سنويا”.
وحذر من أن “في حال استمر الوضع المائي على ما هو عليه، ستصل حصة الفرد إلى 60 مترا مكعبا سنويا بحدود عام 2040”.
وأوضح أن كل يوم تأخير عن تنفيذ حلول ومشاريع إستراتيجية ومستدامة توفر كميات إضافية وجديدة من المياه، “يهدد واقعنا ومستقبل أجيالنا”.
ويرى خبراء أن التعاون بين إسرائيل والأردن في مجال الموارد المائية ينتعش تحت ضغط التغير المناخي الذي يتسبب في موجات جفاف تزداد حدة، ما قد يلعب دورا أيضا في تحسين العلاقات بين البلدين على أصعدة أخرى.
وتقول إريكا وينثال الأستاذة في جامعة ديوك الأميركية المتخصصة في السياسة البيئية العالمية، إن “المياه مورد يسمح للخصوم بإيجاد طرق للتعاون”.
وتضيف وينثال “إذا نظرنا إلى المعطيات نلحظ تعاونا بشأن المياه أكثر من نزاعات حولها، وعند الحديث عن نزاع يكون غالبا شفاهيّا”. ويحتاج الأردن سنويا إلى قرابة 1.3 مليار متر مكعب من المياه للاستخدامات المختلفة.