الأردن أمام معادلة احتواء كورونا وإنعاش الاقتصاد المنهك

الأردن يراهن على الدعوات الأممية وصندوقي النقد والبنك الدوليين لضرورة توخي استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الدول التي تواجه أزمات اقتصادية وتحتضن الآلاف من النازحين.
الجمعة 2020/03/27
الأردنيون بين الهاجس الاقتصادي والخشية من كورونا

عمان- تجد الحكومة الأردنية نفسها أمام معادلة صعبة في مواجهة خطر تفشي جائحة كورونا بين تطبيق الإغلاق التام وما لذلك من انعكاسات مدمّرة على اقتصاد المملكة المنهك بطبعه منذ سنوات أو اعتماد مقاربة تخفيفية لاحتواء الفايروس والتي لا يمكن التكهن بمآلاتها، خاصة مع ارتفاع عدد الإصابات إلى 172 حالة.

وتقول أوساط سياسية إن ما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة إلى حكومة عمر الرزاز هو انشغال الدول الداعمة بمكافحة هذه الجائحة التي أودت بحياة أكثر من 22 ألف شخص وإصابة نحو 500 ألف، وبالتالي فإن المملكة ستجد صعوبة في الحصول على المساعدات المرجوّة.

وتراجع الدعم الدولي للأردن في السنوات الأخيرة بسبب المتغيرات الطارئة على المنطقة والتي أفضت إلى تغير في أولويات الدول العربية والغربية التي لطالما شكلت سندا لاقتصاد المملكة، وبانتشار فايروس كورونا المستجد فإن هذا التراجع من شأنه أن يتفاقم ما يضع أصحاب القرار في المملكة في وضع صعب.

ويراهن الأردن على الدعوات التي تبرز من هنا وهناك وآخرها من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصندوقي النقد والبنك الدوليين لضرورة توخي استراتيجية شاملة في مواجهة كورونا التي “تشكل خطرا على البشرية جمعاء” وتأخذ هذه الاستراتيجية بعين الاعتبار تلك الدول التي تواجه أزمات اقتصادية وتحتضن الآلاف من النازحين (بينها المملكة).

محمد العسعس: الموافقة على البرنامج تشير إلى الثقة في عملية الإصلاح الاقتصادي في الأردن
محمد العسعس: الموافقة على البرنامج تشير إلى الثقة في عملية الإصلاح الاقتصادي في الأردن

وفي خطوة من شأنها أن تشكل متنفسا للاقتصاد الأردني في هذا الظرف الدقيق وافق صندوق النقد الدولي الأربعاء على برنامج قرض يمتد لأربع سنوات للأردن بقيمة 1.3 مليار دولار، بينها 139.2 مليون دولار سيتم صرفها على الفور.

وقال الصندوق إن البرنامج يتناسب مع التزامات الأردن بإجراء إصلاحات هيكلية تهدف إلى خفض تكاليف الكهرباء للشركات وتقديم حوافز لها لتوظيف المزيد من الشباب. وأضاف في بيان “الهدف هو دعم نموّ أقوى وأكثر شمولا وخلق فرص عمل لاسيما للنساء والشباب والحد من الفقر”.

وتم تصميم البرنامج قبل تفشي فايروس كورونا، لكن الصندوق أوضح أنه تم إجراء تغييرات لدعم الإنفاق غير المدرج في الميزانية والذي يغطي نفقات الطوارئ والإمدادات والمعدات الطبية، وقال “إذا كان تأثير التفشي عميقا بدرجة تضع أهداف البرنامج في خطر، فسيتم تطويع البرنامج بشكل أكبر مع الظروف المتغيرة بناء على التوصل لتفاهمات مع السلطات”.

وأضاف الصندوق أن الموافقة ستوفر على الفور حوالي 139.2 مليون دولار على أن تكون المبالغ المتبقية طوال مدة البرنامج خاضعة لثماني مراجعات.

وكان وزير المالية الأردني محمد العسعس أعلن في وقت سابق أن مجلس إدارة الصندوق وافق على القرض. وقال في بيان إن القرض والإصلاحات المرتبطة به ستساعد الأردن على جذب أموال المانحين والمستثمرين. وأوضح العسعس أن الموافقة على البرنامج تشير إلى الثقة في عملية الإصلاح الاقتصادي في الأردن وتدعم جهود تخفيف أثر تفشي فايروس كورونا على القطاعات الاقتصادية المعرّضة للخطر. وضرب تفشي الفايروس جميع القطاعات في المملكة بينها قطاع السياحة الذي كان يدر حوالي خمسة مليارات دولار سنويا. ما انعكس سلبا على توقعات النمو وعمّق الركود الاقتصادي.

وزادت الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها المملكة مع بداية ظهور الإصابات بالفايروس، المتمثلة في إغلاق تام وحظر شامل للتجوال، من المخاوف على الوضع الاقتصادي الأمر الذي دفع الحكومة إلى تخفيف تلك الإجراءات.

ولئن بررت الحكومة تراجعها عن تلك الإجراءات المشددة بالانتقادات التي طالتها من قبل المواطنين فإن خبراء اقتصاد اعتبروا أن الأمر يتعلق أساسا بتحذيرات متصاعدة بأن تلك الإجراءات ستكون لها تداعيات وخيمة خاصة لجهة تراجع معدل الاستهلاك، في ظل غياب أفق انحسار التهديد.

وخرج الآلاف من الأردنيين الخميس لليوم الثاني على التوالي من منازلهم للتسوق من المتاجر والأفران والصيدليات القريبة بعد قرار السلطات تخفيف إجراءات حظر التجول لثماني ساعات يوميا.

ونشرت المواقع الإخبارية المحلية صورا لعشرات الأشخاص الأربعاء يصطفون في طوابير أمام المحال تاركين مسافة متر بينهم وقد ارتدى العديد منهم الكمامات والقفازات الواقية، في حين ينظم شخص عملية الدخول.

وأعلنت مديرية الأمن العام في بيان أنه “سيتم في تمام الساعة السادسة مساء من كل يوم إطلاق صافرات الإنذار، ايذانا بانتهاء الوقت المسموح للتزود بالمؤن، حيث سيتم ضبط كل من يتواجد بالشارع العام بعد إطلاق الصافرات”.

الصندوق يعتبر أن البرنامج يتناسب مع التزامات الأردن بإجراء إصلاحات هيكلية
الصندوق يعتبر أن البرنامج يتناسب مع التزامات الأردن بإجراء إصلاحات هيكلية 

وناشد نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق أصحاب البقالات ومحال السوبرماركت “ضرورة الالتزام بشروط وتعليمات الوقاية، وذلك بارتداء الكمامات والقفازات، وتوفير مواد التعقيم، وضمان عدم وجود اكتظاظ داخل المحلات”.

وحددت السلطات أعمار الأشخاص المسموح لهم بالخروج والشراء من البقالات في الأحياء السكنية من 16 إلى 60 عاما على أن يقوموا بذلك سيرا دون سيارات.

وقال رئيس الوزراء عمر الرزاز في رسالة للمواطنين إن “مخزون الأردن الاستراتيجي من الغذاء كاف ومطمئن ولا داعي للتهافت والاكتظاظ عند شراء المواد الأساسية” تحت طائلة “إغلاق” المتاجر.

وإلى جانب حظر التجوال كانت عمّان اتخذت الأسبوع الماضي قرار وقف الرحلات الجوية وغلق المدارس وتأجيل الفعاليات الرياضية ومنع الصلاة في المساجد والكنائس والتجمعات ومجالس العزاء وغلق صالات السينما والمطاعم.

بالتوازي مع ذلك اتخذت السلطات النقدية والمالية سلسلة إجراءات من ضخ ما يربو على 700 مليون دولار من السيولة إلى تخفيض أسعار الفائدة وتأجيل أقساط القروض المصرفية والجمارك والمدفوعات الضريبية للمساعدة في تخفيف الأثر السلبي.

2