الأردنية جمان النمري ترسم أحلاما أسطورية عامرة بالتجريب والتجديد

عمّان - ترسم الفنانة الأردنية جمان النمري بفطرية وعفوية، مجسّدة أشكالا تعبّر عن معان خفيّة تنبثق من اللون والتشكيل، كأنما هي تتحرّك في منطقة اللاوعي مقاربة هواجس الذات وأحلامها وخيالاتها ورؤاها وتطلعاتها.
وتقدّم النمري بألوانها فنا من نوع خاص، منه ما يمكن وصفه بالكوميديا السوداء، ومنه ما هو متفجّر من منبع سعادة خالصة، وذلك لإدهاش المتلقي واصطحابه إلى عوالم التشكيل المنتشرة على سطح اللوحة وصولا به إلى التفكير في مضمونها وما تريد البوح به من خلال اللون.
وتؤكّد النمري من خلال تجربتها المتنوّعة، أن الفن “حقل من التجريب المستمر”، وهو يكتسب ديمومته وفعاليته وتفاعله من هذه السمة. فقد تأثّرت الفنانة الأردنية التي درست الفن في الجامعة بالثقافة الغربية، وقدّمت في بواكير تجربتها أعمالا فنية رسمت فيها الطبيعة من زاوية نظرها الخاصة، ثم اتجهت إلى فن الحفر “الغرافيك” الذي وجدت فيه القناة المثلى للتعبير عمّا يؤرقها ويشغلها، من خلال الخطوط خشنة الملمس والألوان التي تبدو كأنها نثار فوق السطح، وبصورة تجعل كل لمسة للسطح الخشن ممرّ عبور إلى أعماق اللوحة.
تنقّلت النمري المولودة في عمّان عام 1974 بين العديد من الدول متنوّعة الثقافات والحضارات، فأكسبها ذلك رؤى وتصوّرات فنية جديدة، سواء على صعيد الشكل أو اللون، وأسهمت مشاركاتها الفنية في إثراء التجربة وتنوّعها لتشمل النحت والخزف والحفر والإنشاء الفني، إذ حضرت أعمالها في معرض نيبال الفني الدولي حول وضع المرأة (2009)، وفي ملتقيات فاس والقنيطرة (2013)، وفي أورفا التركية والبحرين (2014)، وفي دلهي الهندية (2015)، وفي كوالالمبور الماليزية (2017) وغيرها.
ومن المحطات اللافتة في تجربة النمري، معرض “راحة الروح” (2010) الذي أقيم في عمّان، وقد استلهمت الفنانة فكرته من الدمى التي تصنعها البدويات في البترا جنوب الأردن، إذ قدّمت منحوتات للدمى تتّخذ شكل نساء لهنّ أجنحة. وكشفت تلك المنحوتات التي نفّذتها الفنانة بتقنية الطباعة، عن فطرية وعفوية من جهة، وعن طاقة تعبيرية فيّاضة بالدلالات من جهة أخرى.
وتقدّم النمري المرأة في أعمالها بأسلوب تعبيري يركّز على حركة الجسد، وتظهر فيه الليونة والخفة بالقدر نفسه الذي تظهر فيه المعاناة، وكأنها توصل رسالةَ المرأة بالمطلق كصرخة في وجه العالم.
وتعبّر الفنانة في أعمالها عن شعور المرأة بالحزن والوحدة والصبر وألم الانتظار، كما في لوحاتها التي جعلت من نبتة الصبار رداء يلفّ المرأة. وهو ما تكرّر في تجربتها المسمّاة “عالم خفي” التي أظهرت النساء يلتحفن ماء البحر والأسماك، وتقول الفنانة في هذا السياق “هناك عالم آخر حولي مليء بالحياة، لكنني عالقة في شباكها وأمارس اصطياد الأرواح التي تحمل الحب في طريقها إليّ بسلاح الصبر الذي يمارسه الصيادون المهرة”.
