الأجواء الرمضانية تضفي الحيوية والنشاط على أزقة المدينة القديمة بفاس

أزقة المدينة الضيقة تشهد حركة دؤوبة حيث يعرض ما لذ وطاب من الحلويات التقليدية التي تزين موائد الإفطار الرمضانية.
السبت 2024/03/16
حلة رمضانية مميزة

مع حلول شهر رمضان المبارك، تشهد مدينة فاس، العاصمة الروحية للمملكة المغربية، ديناميكية خاصة، لاسيما أزقة المدينة العتيقة التي استعدت لاستقبال الزوار المستمتعين بالأجواء الخاصة لهذا الشهر الفضيل، أو الباحثين عن مختلف الأطباق التقليدية التي تشتهر بها المدينة.

فاس (المغرب) - اكتست فاس المدينة القديمة، التي أسسها مولاي إدريس الأول قبل 12 قرنا، والتي تم تصنيفها ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حلتها الرمضانية الخاصة، واستعد الباعة والسكان، على حد سواء، لاستقبال شهر الصيام والطاعات على النحو الذي يليق بهذا الشهر الفضيل.

 تشهد المدينة وأزقتها الضيقة، حركة دؤوبة حيث يعرض ما لذ وطاب من الحلويات التقليدية التي تزين موائد الإفطار الرمضانية مثل “الشباكية” و”البريوات” و”المحنشة” و”المقروط” جنبا إلى جنب مع الحلويات العصرية الأخرى.

وخلال هذا الشهر الفضيل، يشهد بيع الحلويات التقليدية رواجا كبيرا، وهو ما يعبر عنه بكل ارتياح باعة هذه الحلويات في العديد من الأحياء الشعبية والأزقة الأكثر ازدحاما وكثافة، من قبيل “الرصيف” و”الطالعة” و”باب بوجلود” وكذلك بالقرب من جامع القرويين والأندلس ومولاي إدريس، حيث تبرز أجواء الاحتفاء بشهر رمضان المبارك. كما يحتفي أصحاب الدكاكين بحلول رمضان بطريقتهم الخاصة، والتي تزيد من روحانية الشهر الفضيل.

وأعرب أمين التواتي، بائع الحلويات التقليدية، الذي يقع دكانه غير بعيد عن باب سيدي عواد، عن ارتياحه للإقبال الكبير الذي تعرفه المدينة القديمة خلال هذه الأيام المباركة، موضحا “تعيش المدينة القديمة على وقع تدفقات الزوار والوفود التي تبحث عن وجبات وأطباق شهية تزين مائدة الإفطار.. في حين يفد البعض الآخر على هذه الأماكن ضيوفا على أقاربهم أو للانغماس فقط في هذه الطقس الاستثنائي غير الغريب عن عاصمتنا العلمية”.

◙ بيع الحلويات التقليدية يشهد رواجا كبيرا وهو ما يعبر عنه الباعة في العديد من الأحياء الشعبية والأزقة الأكثر ازدحاما وكثافة

ويحرص هذا البائع على إخفاء الإحساس بالتعب الذي يرافق الإقبال الكبير، قائلا “هذه الأيام قطعا أكثر ازدحاما، لكن هذا لا يمنعنا من الحفاظ على بشاشتنا وفاء لحفاوة أهل المدينة وكرم الترحاب الذي يميزها. نعمل على الاستجابة على النحو الأمثل لطلبات الزبائن، أيا كانت نوعية الحلويات المرغوبة”.

وبقلب المدينة القديمة، تستشعر فاطمة العلمي، بائعة حلويات أخرى، حلاوة هذه الدينامية التي تعرفها مدينة فاس، مؤكدة “لا يقوى الزوار على مقاومة الروائح الزكية لهذه الحلويات، سواء لتأثيث مائدة الإفطار أو لتقديمها للأطفال والأقارب الذين يستقرون بعيدا عنهم”.

بدوره، قال محسن مزور، اختصاصي اللحم المجفف “الخليع” والحلويات، إن “الإقبال على مدينة فاس يكثر عشية الشهر الفضيل، حيث يعتبر الأمر مناسبة مواتية للأجيال الصاعدة لتجديد الوصل مع التقاليد العريقة التي يتعين عليهم الحفاظ عليها. كما أن عددا من الأسر تنتهز هذه الأيام لإرسال هذه الحلويات لأبنائهم المستقرين بالخارج”. فسواء تعلق الأمر بأسر فاسية، أو زوار من مدن أخرى، أو سياح أجانب، كل هؤلاء يستسلمون لسحر تقليد عريق يضج بالحياة، ويزكيه شهر فضيل ذو خصوصيات متفردة.

وتسود مدينة فاس المغربية في هذا الشهر المبارك عادة اجتماعية فريدة من نوعها، ففي مساء اليوم الأول من شهر رمضان يبدأ أفراد الأسرة الفاسية بزيارة بعضهم للتهاني ”مبروك العواشر” أو ”عواشر مبروكة” هي العبارة الأكثر تداولا بين المغاربة قبل وخلال، بل وبعد رمضان أيضاً. وهي تعني: “رمضان مبارك”، ومبروك الأيام الفضيلة التي تكثر فيها العبادات وصلة الرحم والتضامن.

وعندما يقول الفاسي ”مبروك العواشر”، فإنه يقصد العشرة أيام من الرحمة، والعشرة أيام من المغفرة، والعشرة أيام من العتق من النار. ولا تقتصر ”مبروك العواشر” على رمضان، إذ يرددها المغاربة في مناسبات دينية أخرى، فمثلا ترتبط بالعشرة الأواخر من شهر ذي الحجة. وأهم ما يقوم به ”الفاسيّون” هو توافدهم إلى مجلس كبير الأسرة فيقبلون يده مباركين بقدوم رمضان وغالباً ما يكون إفطار اليوم الأول عند عميد العائلة وكبيرها وإفطار اليوم الثاني عند أكبر أولاد عميد العائلة سناً، وهكذا تستمر هذه الحال أياماً وقد تمتد إلى معظم أيام الشهر المبارك.‏

18