الآن.. وقت الحديث عن الأسعار لا عن حماية البيئة

أبوظبي- تبوّأت معالجة مسألة خطر تغير المناخ ذروتها هذا الأسبوع في جميع أنحاء دبي، أو أقرّت الحاجة، على الأقل، إلى الابتعاد عن الوقود الأحفوري نحو مصادر أنظف للطاقة لمنع ارتفاع درجات الحرارة. ومع ذلك، فإن خطوط الصدع الصارخة تكمن في متى وكيف يتحقّق ذلك. حيث أن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمارات في النفط والغاز بالنسبة إلى منتجي الوقود الأحفوري، مثل الإمارات العربية المتحدة التي استضافت الاجتماعات.
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي في منتدى للطاقة في دبي إن الحاجة خلال هذه الفترة تكمن في تضمين جميع الموارد المتاحة. واعتبر الوقت غير مناسب للتخلي عن بعض الإنتاج. واعتبر أن القيام بذلك سيجعل الأسعار مرتفعة للغاية بالنسبة إلى الملايين حول العالم.
وكان صدى قرع الطبول يتردد على مدار الأسبوع في دبي، مما يعكس سعي منتجي الوقود الأحفوري للحديث بصوت عال في محادثات تغير المناخ العالمي. وقد انعقدت في منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، وقمة الحكومات العالمية، وأسبوع المناخ الذي ترعاه الإمارات بالشراكة مع الأمم المتحدة.
وقال الأمين العام لمنظمة أوبك محمد سانوسي باركيندو إنه في محادثات المناخ المقبلة للأمم المتحدة، كوب 27 في مصر وكوب 28 في الإمارات، يمكن للمنتجين معالجة القضايا المتعلقة بـ”الشمولية لضمان عدم ترك أي قطاع وراء الركب، لمعالجة قضية الاستثمار في الصناعة وإعادة تقييم المحادثة”.

سهيل المزروعي: الوقت غير مناسب للتخلي عن بعض الإنتاج
وقال إن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية بما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية ودور النفط والغاز “لا يستبعد أحدهما الآخر”. لكن هذا القدر من الاحترار مقارنة بأزمنة ما قبل الثورة الصناعية يعدّ معيارا، ويقول العلماء إن ارتفاع درجة الحرارة بعد ذلك سيعرض الناس في جميع أنحاء العالم لظواهر أكثر تطرفا.
ولإثارة الجدل داخل الوطن، أشار مؤيدو المزيد من الاستثمارات في الوقود الأحفوري مرارا وتكرارا إلى ترفيع أسعار النفط والغاز الحالية كتذكير بالطلب العالمي على النفط. وكان هناك ما يشبه السخرية في بعض الأحيان من أن دولا مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى تدعو إلى التخفيض من استخدام الوقود الأحفوري على المدى الطويل، ولكنها تطالب أيضا بالمزيد من النفط بخفض الأسعار للمستهلكين.
وقالت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى إنه لمعالجة تغير المناخ لا ينبغي أن تكون هناك استثمارات جديدة في البنية التحتية للوقود الأحفوري وأن الوقود، المسؤول في الغالب عن تغير المناخ، يجب أن يتوقف بمرور الوقت.
وقد تم التأكيد على ذلك في تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة المكوّن من 350 صفحة، والذي قال إن العالم يجب أن يتخذ “إجراءات جذرية” من خلال استثمار 5.7 تريليون دولار كل سنة حتى 2030 للتخلص من الوقود الأحفوري. وقالت إيرينا، التي يقع مقرها الرئيسي في أبوظبي، إنه يجب تحويل استثمارات بقيمة 700 مليار دولار بعيدا عن قطاع الوقود الأحفوري كل عام.
وقال فرانشيسكو لا كاميرا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة إن “تحول الطاقة بعيد كل البعد عن المسار الصحيح وأي شيء أقل من العمل الجذري في السنوات القادمة سيقلل فرص تحقيق أهدافنا المناخية ويقضي عليها”.
وتتوقع أوبك، التي ترجح وزنها بالمملكة العربية السعودية، أن هناك حاجة إلى المزيد من النفط حتى 2040 وما بعده، لاسيما في آسيا.
ويبلغ سعر خام برنت 105 دولارات للبرميل، وهو أعلى مستوى في ثماني سنوات. وتعدّ الأسعار جيدة للاقتصادات التي يحركها النفط في السعودية والإمارات وروسيا، مما يساعد موسكو على تعويض بعض الآلام الناجمة عن العقوبات التي تقودها واشنطن والمتعلقة بالحرب في أوكرانيا.
◙ هناك ما يشبه السخرية من أن دولا تدعو إلى التخفيض من استخدام الوقود الأحفوري لكنها تطالب أيضا بالمزيد من النفط
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في تصريحات موحية ولكن حذرة في القمة العالمية للحكومات في دبي “انظر إلى ما يحدث اليوم. من يتحدث عن تغير المناخ الآن؟”. وأشار إلى أنه لا يمكن معالجة تغير المناخ دون النظر إلى أمن الطاقة.
وتظهر البيانات الحديثة أنه على الرغم من النمو السريع في الطاقة المتجددة، فإن إجمالي انبعاثات الغازات التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض ترتفع بزيادة الطلب على الطاقة والتوسع في استخدام الوقود الأحفوري.
وشجعت كريستالينا غورغييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي الاقتصادات المتقدمة على تحقيق هدف توفير 100 مليار دولار سنويا لتمويل المناخ للبلدان النامية. وأدلت بهذه التصريحات هذا الأسبوع في القمة العالمية للحكومات في دبي، حيث كشفت عن ورقة صندوق النقد الدولي بعنوان “الشعور بالحرارة” حول التكيف مع تغير المناخ في الشرق الأوسط.
لكن الحجة التي أثارها سلطان الجابر مرارا وتكرارا، وهو المبعوث الخاص لدولة الإمارات المعني بتغير المناخ والمدير العام لشركة النفط المملوكة للدولة، هي أن انتقال الطاقة سيستغرق وقتا. ويقول إنه في تلك الفترة الزمنية سيحتاج العالم إلى المزيد من النفط والغاز. وشدد على غياب القدرة على فصل نظام الطاقة الحالي قبل بناء النظام
الجديد.
وفي حدث أسبوع المناخ المدعوم من الأمم المتحدة، والذي أقيم في فندق اتلانتس، قال إن الضغط على سحب الاستثمارات من الهيدروكربونات أدى إلى أزمة في الإمدادات.
ويرمز الجابر في أدواره المزدوجة كمبعوث للتغير المناخي ورئيس أدنوك إلى المسارين اللذين تسلكهما الإمارات. فمن ناحية، التزمت الدولة بصافي انبعاثات صفرية داخل حدودها بحلول سنة 2050. ومن ناحية أخرى، تلتزم بزيادة إنتاج النفط والغاز للتصدير. ولا تنطبق التزامات الدولة على الانبعاثات الناتجة عن حرق هذا الوقود.
ولخص الجابر هذا المسار المزدوج، قائلا إن الإمارات توسع طاقتها الإنتاجية لما أسماه “النفط الأقل كثافة للكربون في العالم إلى أكثر من 5 ملايين برميل في اليوم” وطاقتها من الغاز الطبيعي بنسبة 30 في المئة. وفي نفس الوقت تخطط دولة الإمارات العربية المتحدة لاستثمار 160 مليار دولار في الطاقة المتجددة لتحقيق تعهدها بصافي الصفر.
وتخفض السعودية، التي تعهدت بخفض الانبعاثات الصافية بحلول 2060، بالمثل الانبعاثات محليا بينما تتعهد بمواصلة ضخ النفط حتى آخر انخفاض. وتأتي الزيادات في الطاقة الإنتاجية في الوقت الذي تشهد فيه دول الخليج العربية ارتفاعا في درجات الحرارة والرطوبة، فضلا عن ندرة المياه، مما يهدد الأمن الغذائي والحياة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وفي حدث أسبوع المناخ في الأمم المتحدة احتسى المشاركون المهتمون بالبيئة القهوة والشاي وتناولوا وجبات غداء من البوفيه أثناء الاستراحات بين اللجان وورش العمل التي شملت قضايا استدامة الغذاء وندرة المياه ومقايضات ائتمان الكربون. وكانت المصرية يارا وائل، البالغة من العمر 23 سنة، متحمسة لدور بلدها في استضافة قمة المناخ العالمية الكبرى لهذا العام، لكنها تشعر بالحيرة. وتعمل مع شركة بانلاستيك المصرية، والتي تهدف إلى إنهاء اعتماد البلاستيك الذي يستخدم مرة واحدة، وكانت هذه أول رحلة لها خارج مصر.
وتساءلت كيف يمكن أن تكون أكواب القهوة والشاي الورقية قابلة للتحلل أو إعادة الاستخدام، وعن المكان الذي تذهب إليه جميع بقايا الطعام من البوفيه. وقالت “عندما نعقد حدثا بشأن البيئة أو تغير المناخ، علينا أن نفكر في أنفسنا وما نقوم به الآن”.