اكتشاف علمي ثوري: أوعية دموية في العظام

برلين- اكتشف علماء جامعة “دويسبورغ-إسن” الألمانية نوعا جديدا من الأوعية الدموية في العظام، توفر معظم إمدادات الدم اللازمة. وتبيّن الدراسة أن الأوعية الشعرية المكتشفة حديثا، والتي تسمّى الأوعية العابرة للقشر (تي.سي.في.أس)، تخترق القشرة الصلبة لعظام الفئران.
ووفقا للباحثين، يمكن أن تحتوي قصبة ساق الفأرة الطويلة على أكثر من ألف من هذه الأوعية الدموية، ويمر خلالها أكثر من 80 بالمئة من الشرايين و59 بالمئة من الدم الوريدي.
وتعمل الأوعية الجديدة كمسار “مختصر” عن طريق نقل الخلايا المناعية من النخاع العظمي إلى المنطقة المصابة من الجسم، بدلا من الخلايا التي يجب “التقاطها” بالدم عند دخوله إلى نهاية العظم، عبر نخاع العظام، للخروج من الطرف الآخر. وعند تحليل عظام البشر، وجد العلماء أنه توجد لدينا أيضا أوعية دموية مماثلة في العظام الأكبر حجما في أجسامنا.
ويأمل العلماء في أن يؤدي اكتشافهم الثوري إلى تطوير علاجات جديدة، تستخدم هذا التدفق في الدم و”هجرة” الخلايا المناعية، للمساعدة في علاج الحالات الالتهابية، مثل هشاشة العظام. ونادرا ما يكون تشريح الإنسان موضوع اختراقات علمية، حيث أن معظم الخبراء واثقون من أن الأعضاء والأنسجة الرئيسية قد اكتُشفت بالفعل.
ونقلت صحيفة ديلي ميل البريطانية عن الدكتور ماتياس غونزر، وهو معد مشارك في الدراسة ورئيس معهد المناعة والتجارب، قوله “من غير المتوقع حقا أن نتمكن من العثور على هيكل تشريحي جديد ومركزي لم يتم وصفه في أي كتاب في القرن الحادي والعشرين. ومن الجنون تماما أنه لا تزال هناك أشياء يمكن اكتشافها عبر التشريح البشري. لقد اكتشفنا أوعية دموية في مكان جديد لم نكن نعرفه من قبل”.
مع التقدُّم بالعمر يحدث تحوُّل تدريجي نحو نخاع العظم الأصفر وعند البالغين يوجد نقي العظم الأحمر بشكل رئيسي في الهيكل العظمي المركزي كالحوض والقص والأضلاع والفقرات ولوح الكتف
وفي الدراسة، حقن العلماء “الفلورسنت” في العظام الطويلة لدى الفئران. وتتميز العظام الطويلة بأنها صلبة وكثيفة، وتوفر القوة ودعم الهيكل. ثم فُحصت العظام تحت المجهر الفلوري والأشعة السينية.
وكشفت النتائج المنشورة في مجلة “نايتشر كوميونيكاشنز″، عن وجود عظام طويلة لدى الفئران مزودة بالأكسجين والمواد المغذية من قبل المئات من الشعيرات الدموية المكتشفة حديثا، على طول العمود الفقري بأكمله.
وعندما درس الباحثون قطعا صغيرة من عظام الفخذ البشري، وجدوا الأوعية الدموية نفسها، وإن كانت أكثر كثافة، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت تحمل الخلايا المناعية.
وشارك البروفيسور غونزر نفسه في عملية التصوير عبر الماسح الضوئي، لمدة 6 ساعات متواصلة. وتربط الشعيرات الدموية المكتشفة الأغشية الداخلية والخارجية المحيطة بالعظام.
ويُعتقد أنها تلعب دورا حاسما في المساعدة على نقل الدم داخل وخارج قشرة العظام الصلبة. كما وُجد أن هذا الدم غني بالخلايا المناعية، التي تحملها الشعيرات الدموية من النخاع العظمي إلى الدورة الدموية.
وحتى الآن، كان من المفترض أن يدخل الدم إلى عظام طويلة عبر الشرايين في نهاية العظام، أو عبر الأوعية القليلة على طول عمود العظام، قبل أن يمر عبر نخاع العظام ويخرج من الطرف الآخر.
ويعتقد العلماء أن إعادة نمذجة (تي.سي.في.أس) يمكن أن تلعب دورا في شفاء الكسور. ويمكن أن يؤدي اكتشاف الأوعية الدموية، التي لم تكن معروفة من قبل في عظام البشر، إلى إعادة التفكير في بنية ووظائف تشريح الهيكل العظمي العام.
يذكر أن نخاع العظم هو نسيج حيوي شبه صلب يوجد داخل الأجزاء الإسفنجيَّة من العظام الطويلة، وهو الموقع الرئيسي لإنتاج خلايا الدم الجديدة. ويتكون نخاع العظم من الخلايا الجذعية المنتجة للدم ونسيج شحمي وأنسجة داعمة أخرى ويوجد عند البالغين بشكل أساسي في عظام الأضلاع والحوض والقص والفقرات، ويشكل تقريبا 4 بالمئة من وزن الجسم، فتقريبا هو يشكِّل 2.6 كغ عند شخص وزنه 65 كغ.
ينتج نخاع العظم قرابة 500 مليار خلية دموية يوميا والتي تدخل للدوران عبر جيوب وريدية خاصة. وجميع مكونات الدم وخلاياه يتمُّ إنتاجها في نخاع العظم ومع ذلك فبعض أنواعها كالخلايا اللمفاوية يجب أن تهاجر خارج نخاع العظم إلى الأعضاء اللمفاوية الأخرى لكي تنضج بشكل كامل وتصبح قادرة على القيام بوظيفتها.
العلماء الألمان يرون أن الشعيرات المكتشفة تلعب دورا حاسما في المساعدة على نقل الدم داخل وخارج قشرة العظام الصلبة
ومع التقدم في العمر ونتيجة لعدة عوامل أخرى، يتحوَّل نخاع العظم عند البشر من اللون الأحمر إلى اللون الأصفر بحسب نسبة الخلايا المكوِّنة للدم إلى الخلايا الشحمية، حيث تحتوي عظام الأطفال حديثي الولادة على نقي عظم أحمر.
ومع التقدُّم بالعمر يحدث تحوُّل تدريجي نحو نخاع العظم الأصفر وعند البالغين يوجد نقي العظم الأحمر بشكل رئيسي في الهيكل العظمي المركزي كالحوض والقص والأضلاع والفقرات ولوح الكتف، وقد يوجد أحيانا في النهايات المشاشية للعظام الطويلة كالفخذ والعضد. وأحيانا عند نقص الأكسجة، يقوم الجسم بتحويل نقي العظم الأصفر إلى نقي عظم أحمر لزيادة إنتاج كريات الدم الحمراء وتعويض النقص.
وتُشكِّل الأوعية الدموية في نخاع العظم حاجزا يمنع خلايا الدم غير الناضجة من مغادرته إلى الدورة الدموية. ويسمح هذا الحاجز بعبور خلايا الدم الناضجة فقط التي تحتوي على بروتينات خاصة في غشائها الخلوي وبفضل هذه البروتينات الغشائية تعبر الخلايا بطانة الأوعية الدموية إلى الدورة الدموية. وأحيانا تعبر بعض الخلايا الجذعية هذا الحاجز ويتم التعرُّف عليها في الدم.