اكتشاف جديد يمكّن مرضى السكري من النوع الثاني من التخلص من جرعات الأنسولين

يؤكد الأطباء أنه يمكن للإجراء الجديد المتمثل في إعادة الخلايا عن طريق العلاج بالكهرباء، أن يسمح لمرضى السكري من النوع الثاني الذين يتناولون الأنسولين بالتخلص منه، مشيرين إلى أن هذا الاكتشاف يعد اختراقا علميا يمكن أن يريح الآلاف من المرضى من تناول جرعات الأنسولين غير المريحة التي يحتاج تناولها إلى حسابات دقيقة.
لندن - اكتشف العلماء أن تحريك بطانة الأمعاء الدقيقة بنبضات كهربائية خفيفة في علاج لمرة واحدة يبقي مستويات السكر في الدم تحت السيطرة بنفس فعالية مادة الأنسولين، ما يعني أن الإجراء الجديد يمكن أن ينهي جرعات الأنسولين اليومية للآلاف من الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني. وفي حين أن جرعات الأنسولين يمكن أن تتحكم في الحالة، إلا أنها قد تكون غير مريحة وتحتاج إلى تناولها بانتظام، بعد حسابات دقيقة.
وفي تجربة سريرية حديثة، تمكّن 86 في المئة من مرضى النوع الثاني الذين خضعوا للإجراء من إدارة حالتهم من خلال النظام الغذائي والأقراص وحدها وتوقفوا عن الحاجة إلى الأنسولين تماما. ويرتبط مرض السكري من النوع الثاني بالنظام الغذائي السيء ونمط الحياة الخامل والسمنة، ويتميز بارتفاع مستويات السكر في الدم. ويتطور عندما لا ينتج الجسم ما يكفي من الأنسولين (هرمون يفرزه البنكرياس لمساعدة خلايا العضلات على امتصاص السكر من الدم لاستخدامه كطاقة)، أو عندما تصبح خلايا الجسم مقاومة لهذا الهرمون.
وبمرور الوقت، يؤدي ارتفاع السكر في الدم أو عدم السيطرة عليه إلى إتلاف الأعضاء الحيوية وتضييق الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى انخفاض الدورة الدموية. ويمكن أن تساعد الأدوية مثل الميتفورمين، إلى جانب التغيير في نمط الحياة، على عمل الأنسولين بشكل أفضل. لكن ما يقرب من ربع المرضى يحتاجون إلى حقن يومية من الأنسولين الاصطناعي. وهذا يعني تكرار الجرعة المطلوبة اعتمادا على ما يأكلونه.
ويمكن للإجراء الجديد (إعادة الخلايا عن طريق العلاج بالكهرباء) أن يسمح للمرضى من النوع الثاني الذين يتناولون الأنسولين بالتخلص منه. ولا يزال مرضى النوع الثاني ينتجون بعض الأنسولين، على عكس المصابين بالنوع الأول، والذين لن يستفيدوا من الأجراء الجديد.
ويتم توصيل النبضات الكهربائية إلى بطانة الاثني عشر (الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة) عبر منظار داخلي، وهو أنبوب رفيع يمر عبر الحلق. ويقع الاثني عشر أسفل المعدة مباشرة، حيث يتم امتصاص معظم العناصر الغذائية من الطعام، ويُعتقد أن مستويات السكر المرتفعة في الدم تؤدي إلى تغيرات في الخلايا المبطنة لهذا الجزء من الأمعاء، ما يجعل الجسم مقاوما للأنسولين الخاص به.
وتُحدث النبضات الكهربائية ثقوبا صغيرة في هذه الخلايا، ما يؤدي إلى موتها بحيث تستبدلها بطانة الأمعاء بخلايا جديدة صحية تستجيب بشكل صحيح للأنسولين في الجسم، ما يحسن التحكم في نسبة السكر في الدم. وبعد الخضوع لهذا الإجراء، تم وضع 14 مريضا في التجربة على نظام غذائي سائل لمدة أسبوع لشفاء القناة الهضمية.
ثم بدأوا في تناول عقار "سيماغليتيد" وهو الاسم التجاري لـ"أزومبيك"، والذي يساعد البنكرياس على إطلاق الكمية المناسبة من الأنسولين. ويمكن أن يسمح "سيماغليتيد" بمفرده أحيانا للمرضى المصابين بالنوع الثاني بالتوقف عن تناول الأنسولين، ولكن فقط في حوالي 20 في المئة من الحالات.
ومع ذلك، عندما تم تناول الدواء بعد العملية، كان 86 في المئة منهم يتحكمون بشكل جيد في نسبة السكر في الدم دون الحاجة إلى الأنسولين. ولم يتم الإبلاغ عن أي آثار جانبية من هذا الإجراء. ويقوم الباحثون من المركز الطبي بجامعة أمستردام الذين قدموا النتائج التي توصلوا إليها في مؤتمر أسبوع أمراض الجهاز الهضمي في شيكاغو في وقت سابق من هذا العام، الآن بإجراء دراسات أكبر ومقارنة العلاج مع الدواء الوهمي.
وهذه ليست المرة الأولى التي تساعد فيها إجراءات في القناة الهضمية على علاج مرض السكري من النوع الثاني. ويمكن لجراحة المجازة المعدية أن تعالج المرض حتى قبل أن يفقد المرضى الوزن، عن طريق إحداث تغييرات في هرمونات الأمعاء التي تشجع على استقرار مستويات السكر في الدم. ونظرت دراسات أخرى في الاستئصال باستخدام الحرارة لتغيير بطانة الأمعاء الدقيقة، لكن هذا يمكن أن يتلف بطانة الأمعاء.
◙ ارتفاع السكر في الدم أو عدم السيطرة عليه يؤدي إلى إتلاف الأعضاء الحيوية وتضييق الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى انخفاض الدورة الدموية
وداء السكري من النوع الثاني هو حالة تحدث بسبب مشكلة في تنظيم الجسم للسكر واستخدامه لتزويد الجسم بالطاقة. ويسمى هذا السكر أيضًا الغلوكوز. وتُسبب هذه الحالة طويلة الأمد وجود كمية كبيرة جدًا من السكر في الدم. وفي النهاية، يمكن أن تؤدي مستويات سكر الدم المرتفعة إلى حدوث اضطرابات في الدورة الدموية والجهاز العصبي والجهاز المناعي.
وعند الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، تظهر مشكلتان أساسيتان، حيث لا يتنج البنكرياس كمية كافية من الأنسولين، وهو هرمون ينظم حركة السكر في الخلايا. ولا تستجيب الخلايا لهرمون الأنسولين استجابة صحيحة ومن ثمَّ تمتص كمية قليلة من السكر.
واشتُهر داء السكري من النوع الثاني بأنه يبدأ عادةً عند البالغين، لكن يمكن أن تبدأ الإصابة بداء السكري من النوعين الأول والثاني في سن الطفولة والبلوغ. ومع هذا فالنوع الثاني أكثر شيوعًا بين البالغين الأكبر سنًا. لكن زيادة أعداد الأطفال المصابين بالسمنة أدت إلى ارتفاع عدد حالات الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بين الأشخاص الأصغر سنًا.
ولا يوجد علاج لداء السكري من النوع الثاني. وإنما يمكن أن يساعد فقدان الوزن وتناول طعام جيد وممارسة التمارين في السيطرة عليه. وفي حال لم يكفِ اتباع نظام غذائي وممارسة الرياضة للسيطرة على سكر الدم، فقد يوصى باستخدام أدوية السكري أو العلاج بالأنسولين.