اكتشاف بروتين في الدماغ يساهم في تنظيم استهلاك الطعام

يساهم بروتين "أو.بي.أن 3" المتركز في منطقة ما تحت المهاد، في تعديل سلوك التغذية وتنظيم استهلاك الطعام. وأظهرت التجارب أن الفئران، التي تم تعديلها وراثيا لتفتقر إلى "أو.بي.أن 3" في هذه المنطقة، تناولت كميات أقل من الطعام وظهرت أقل نشاطا مقارنة بالفئران الضابطة، ما يؤكد تأثير "أو.بي.أن 3" في تنظيم سلوك التغذية.
رود آيلاند (الولايات المتحدة) ـ اكتشف فريق من العلماء دورا مهما يلعبه بروتين محدد في تنظيم استهلاك الطعام داخل الدماغ.
ويتركز بروتين “أو.بي.أن 3” في منطقة ما تحت المهاد، وهي المنطقة المسؤولة عن العديد من الوظائف الحيوية مثل التحكم في درجة حرارة الجسم والجوع والرغبة الجنسية والنوم.
وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هذا البروتين يساهم في تعديل سلوك التغذية عبر مستقبل الميلانوكورتين 4، الذي يعد أساسيا لتنظيم توازن الطاقة.
وأشار فريق البحث، بقيادة هالة حداد من جامعة براون (بالتعاون مع إيلينا أونسيا، أستاذة العلوم الطبية، وريتشارد لانغ، مدير مجموعة الأنظمة البصرية في مستشفى سينسيناتي للأطفال)، إلى أن بروتين “أو.بي.أن 3” يعمل بالتعاون مع “أم.سي 4 آر” وقناة البوتاسيوم “كيو.إي.آر 7.1 ” لتنظيم إشارات خلوية محددة وضبط إطلاق التحفيز العصبي في منطقة تحت المهاد المسؤولة عن توازن الطاقة.
وأظهرت التجارب أن الفئران التي تم تعديلها وراثيا لتفتقر إلى “أو.بي.أن 3” في هذه المنطقة، تناولت كميات أقل من الطعام، وظهرت أقل نشاطا مقارنة بالفئران الضابطة، ما يؤكد تأثير “أو.بي.أن 3” في تنظيم سلوك التغذية.
وقال الباحثون “نحن متحمسون لأننا حددنا لأول مرة الآلية الخلوية التي يعمل من خلالها ‘أو.بي.أن 3’ في الدماغ”.
بروتين "أو.بي.أن 3" يتركز في منطقة ما تحت المهاد، وهي المنطقة المسؤولة عن العديد من الوظائف الحيوية في الجسم
وعلى الرغم من هذه النتائج الواعدة، أشار الباحثون إلى أن المزيد من الدراسات ضرورية لفهم كيفية تأثير هذه الآلية على الدماغ البشري.
وقالت أونسيا “بينما تمكنا من تحديد وظيفة ‘أو.بي.أن 3’ في منطقة ما تحت المهاد، فإن فهم كيفية تأثيره في مناطق أخرى من الدماغ لا يزال يحتاج إلى المزيد من البحث.”
وأضاف لانغ “لم نتمكن بعد من تحديد ما إذا كان ‘أو.بي.أن 3’ يعمل كمستشعر للضوء في دماغ الفأر، وهذه مسألة تحتاج إلى دراسة مستقبلية.”
كما كشف علماء من معهد سكريبس للأبحاث عن مجموعة من الخلايا العصبية في منطقة نواة ما تحت المهاد الجانبية في الدماغ، والتي تلعب دورا رئيسيا في توقيت اتخاذ قرار تناول الطعام.
وتعتمد هذه الخلايا على إشارات من داخل الجسم والمعلومات الحسية عن الطعام أمامنا لتحديد سلوكياتنا الغذائية.
وقام فريق البحث بقيادة الدكتور جيف دونينغ بالتلاعب انتقائيا بمجموعة من خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية، التي يزداد نشاطها خلال فترات تناول الطعام بنهم.
ونشر الفريق نتائج دراسته في مجلة “موليكيوار سايكايتري” في الرابع من يوليو الماضي، حيث ركزت الدراسة على كيفية تأثير هذه الخلايا على الشهية.
بروتين "أو.بي.أن 3" يساهم في تعديل سلوك التغذية عبر مستقبل الميلانوكورتين 4، الذي يعد أساسيا لتنظيم توازن الطاقة
ووجد فريق البحث أن التلاعب بخلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية يمكن أن يغير بشكل كبير من سلوك الفئران. وعادة ما تبدأ الفئران الجائعة في تناول الطعام بسرعة عند توفره، ولكن عندما نشط الباحثون هذه الخلايا، كانت الفئران أبطأ في بدء تناول الطعام وأسرع في شرب الماء.
وأوضح الدكتور دونينغ قائلا “تشير نتائجنا إلى أن هذه الخلايا توجه المراحل المبكرة من اتخاذ قرارات ناتجة عن الجوع قبل بدء الأكل فعليا، وتأثيرها على شرب الماء قد يكون مرتبطا بالعطش الناتج عن تناول الطعام.”
بدورها، كشفت دراسة أجراها باحثون في كلية “بايلور للطب” ومركز العلوم الصحية بجامعة تكساس الأميركية، دوائر الدماغ والرسائل الكيميائية التي تُسهم في تنظيم مشاعر الجوع والشبع وبدء الوجبات الغذائية وتناول الطعام.
وأظهرت النتائج التي نُشرت في دورية “ميتابولزم” أن الأشخاص عندما يشعرون بالجوع يتّخذ الدماغ مجموعة من الخطوات لبدء تناول وجبة الطعام. وأفادت بأنّ عددا من الخطوات التي تتضمّنها هذه الآلية غير معروف جيدا حتى الآن.
وقال المؤلّف المشارك أستاذ طبّ الأطفال والتغذية والمدير المساعد للعلوم الأساسية في مركز بحوث التغذية للأطفال التابع لوزارة الزراعة الأميركية في بايلور الدكتور يونغ شو “من المعروف أنّ السيروتونين، وهو ناقل عصبي في الدماغ، يمكن أن يثبط عملية تناول الطعام. أدّى هذا الاكتشاف إلى تطوير أدوية تتفاعل مع السيروتونين أو مستقبلاته لتنظيم عملية استهلاك الطعام، وعلاج مرض السمنة.”
الأشخاص عندما يشعرون بالجوع يتّخذ الدماغ مجموعة من الخطوات لبدء تناول وجبة الطعام
وأضاف في بيان “مع ذلك، فإنّ لبعض هذه الأدوية آثارا جانبية غير مرغوب فيها، ولم تعد تُوصف للمرضى لهذا السبب، لذا احتجنا إلى فهم أفضل لكيفية تنظيم الدماغ لعملية تناول الطعام لتحسين تصميم الأدوية المرتبطة بتلك العمليات”.
يتوقّع باحثو الدراسة أن تكون لهذه النتائج آثار على تطوير علاجات محسنة لعلاج السمنة. من أجل ذلك، درس مختبر شو دور السيروتونين في التحكُّم في التغذية فترة طويلة.
وفي الدراسة، ركّزوا على عنصر غير معروف إلى حد ما في تنظيم السيروتونين لتناول الطعام، وبحثوا عن الدوائر الدماغية والناقلات العصبية التي تنظّم نشاط الخلايا العصبية المنتجة للسيروتونين، وتنشيطها أو تثبيطها في الفترات المناسبة للوصول إلى استهلاك متوازن للطعام.
وقال شو “سألنا، كيف يمكننا الاستفادة من هذا الأمر لتنظيم عملية التغذية.”
ويُصنَّع السيروتونين في المقام الأول بواسطة الخلايا العصبية في منطقة محدّدة وسط الدماغ. وهي تنقله من هذه المنطقة إلى مناطق عدة أخرى منه، بما في ذلك دائرة قوس الوطاء الموجودة في أدمغة البشر وجميع الثدييات، وينظِّم عددا من العمليات الحيوية، في مقدّمتها عمليات الأيض.
وأظهر الفريق أنّ دائرة قوس الوطاء وناقلين عصبيين، هما غابا والدوبامين، تلعب دورا رئيسيا عند بدء تناول الوجبات الغذائية وتنظيم عمليات الجوع والشبع.
وعلّق شو “بالعمل مع نماذج من حيوانات التجارب، وجدنا أن هذه الحيوانات عندما تشعر بالجوع، يجري تثبيط الخلايا العصبية المنتجة للسيروتونين في الدماغ بواسطة النواقل العصبية غابا والدوبامين. وهذا بدوره يقلّل من مستويات السيروتونين في الدماغ، ما يسمح ببدء تناول الوجبة الغذائية”، موضحا أن الحيوانات عندما تصل إلى حالة الشبع، تنخفض معدلات الإشارات المثبطة، إذ يُنتَج المزيد من السيروتونين، وبالتالي يبدأ التوقُّف عن تناول المزيد من الطعام.