اقتحام المخيمات يؤسس لانخراط أوسع لفلسطينيي الضفة الغربية في حرب غزة

الاقتحامات الإسرائيلية للمخيمات التي تحتضن فصائل مقاومة مسلحة منفصلة عن القيادة السياسية قد تدفع بهؤلاء إلى ساحة المواجهة وتوسيع نطاقها.
الخميس 2024/08/29
المخيمات ساحة ساخنة للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني

جنين - كانت مداهمة المخيمات في الضفة الغربية لوقت طويل تجنب إسرائيل مواجهة أوسع مع الفلسطنيين، لكن مع الحرب في غزة قد لا تخدم هذه المداهمات أهداف تل أبيب لتحييد الضفة وتأتي بدلا من ذلك بنتائج عكسية.

ويقول محللون إن الفلسطنيين في الضفة الغربية لم ينخرطوا في حرب غزة رغم دعوات حركة حماس إلى توحيد الساحات وحافظت المنطقة على منسوب خفيف من التوتر، لكن الاقتحامات الإسرائيلية للمخيمات التي تحتضن فصائل مقاومة مسلحة منفصلة عن القيادة السياسية قد تدفع بهؤلاء إلى ساحة المواجهة وتوسيع نطاقها.

وتشكل مخيمات اللاجئين منذ إقامتها مصدر قلق لإسرائيل، خاصة مخيم جنين الذي تحوّل بالنسبة إلى الفلسطينيين إلى رمز للمقاومة.

ويعرف مخيم جنين بصلابته في مواجهة الجيش الإسرائيلي، حيث خاض معارك ضارية ضده خلال السنوات الماضية.

وقتل الجيش الإسرائيلي تسعة فلسطينيين على الأقل الأربعاء في عملية واسعة النطاق بالضفة الغربية شملت جنين ومدنا أخرى، في تصعيد للتوتر وسط الحرب الدائرة في قطاع غزة.

الاقتحمات الإسرائيلية للمخيمات قد لا تخدم أهداف تل أبيب لتحييد الضفة وتأتي بدلا من ذلك بنتائج عكسية

وجنين هي مدينة صغيرة تقع في أقصى شمال الضفة الغربية، بالقرب من حدود إسرائيل، وتضم مخيما مكتظا باللاجئين يحمل الاسم نفسه ويبلغ عدد سكانه نحو 14 ألفا من أحفاد فلسطينيين هُجّروا لدى قيام إسرائيل عام 1948، وتنحدر عائلاتهم من مناطق تشمل حيفا والناصرة.

ويعاني معظم هؤلاء السكان من الفقر والبطالة، مما يجعلهم شديدي العداء لإسرائيل والدعم للجماعات الفلسطينية المسلحة.

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن مخيم جنين يعاني من أعلى معدلات البطالة والفقر بين 19 مخيما للاجئين بالضفة الغربية.

وشكل جيل جديد من الفلسطينيين، انسلخوا عن القيادة الفلسطينية القائمة ونشأوا في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الجماعات المسلحة في الضفة الغربية مثل كتيبة جنين التي تضم مقاتلين من حماس والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح.

وخرج من جنين الكثير من الانتحاريين الذين قادوا الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الفترة من عام 2000 إلى 2005. ولسحقها، نفذت القوات الإسرائيلية المزودة بمدرعات مداهمات مدمرة في المدينة التي لا يملك المسلحون بها سوى مجموعة من الأسلحة الخفيفة وترسانة من المتفجرات.

ودأب الجيش الإسرائيلي على اتهام الجماعات المسلحة بدس المسلحين داخل مناطق مكتظة بالسكان مثل مخيمات اللاجئين التي يعود تاريخها إلى عام 1948. ويعيش الكثير من المسلحين في مخيم جنين، غالبا مع عائلاتهم.

إسرائيل تقول إن مخيم جنين للاجئين هو مركز للتخطيط والإعداد للهجمات المسلحة، وكذلك ملاذ آمن للمقاتلين الذين تمولهم حماس أو الجهاد الإسلامي

ومنذ مارس 2022، تشهد جنين والمناطق النائية في شمال الضفة الغربية مداهمات إسرائيلية مكثفة بعد موجة من الهجمات التي نفذها فلسطينيون في الشوارع.

وتشمل الجماعات المسلحة الموجودة في جنين حركة الجهاد الإسلامي المتحالفة مع إيران وحركة حماس.

وجرت العادة على أن تكون جنين معقلا لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (88 عاما)، وهي حركة منافسة لحماس التي أشعلت الحرب في غزة بهجوم السابع من أكتوبر الذي تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200. لكن البساط انسحب من تحت أقدام فتح لصالح حماس والجهاد الإسلامي.

وتزايد وجودهما لأسباب من بينها تقاعس قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب، والتي تمارس سلطات محدودة في أجزاء من الضفة الغربية وتقول إن إسرائيل قوضت مصداقيتها في الشارع.

وتزايدت قوة حماس والجهاد الإسلامي أيضا بسبب ما يقول منتقدون إنه ضعف عباس، الذي انهارت المفاوضات التي كان يخوضها حول إعلان دولة فلسطينية مع إسرائيل في عام 2014، في ظل غياب أي فرصة في الأفق لإحياء المفاوضات، وكذلك الاتهامات بعدم الكفاءة والفساد داخل السلطة الفلسطينية.

وتقول إسرائيل إن مخيم جنين للاجئين هو مركز للتخطيط والإعداد للهجمات المسلحة، وكذلك ملاذ آمن للمقاتلين الذين تمولهم حماس أو الجهاد الإسلامي.

وكانت جنين مسرحا لبعض أسوأ أعمال العنف خلال الانتفاضة الثانية، التي بدأت بعد فشل محادثات السلام برعاية أميركية في 2000، وتحولت إلى ساحة صراع مسلح بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة.

وفي أبريل 2002، شنت إسرائيل هجوما كبيرا على مخيم جنين للاجئين في إطار عملية أوسع في الضفة الغربية قالت إنها تهدف إلى وقف هجمات المسلحين التي تشمل تفجيرات انتحارية.

Thumbnail

وقالت الأمم المتحدة في تقرير صدر في أغسطس 2002 إن 52 فلسطينيا قُتلوا في جنين، نصفهم من المدنيين، بينما فقدت إسرائيل 23 جنديا هناك.

ورفض التقرير تصريحات المسؤول الفلسطيني الراحل صائب عريقات بأن 500 شخص قُتلوا في جنين، وحمل التقرير جميع المقاتلين مسؤولية تعريض المدنيين للخطر.

ورصد التقرير انتهاكات إسرائيلية أكثر من الفلسطينية، وخاصة رفض إسرائيل السماح للعاملين في المجال الإنساني بدخول المخيم. لكنه قال أيضا إن مقاتلين فلسطينيين كانوا يختبئون في منازل مدنيين.

وصارت جنين مجددا بؤرة ساخنة خلال موجة من العنف الإسرائيلي – الفلسطيني تهز الضفة الغربية منذ أكثر من عامين. وأصبحت المواجهات الدامية في المنطقة أمرا متكررا.

واستمر العنف في جنين هذا العام. وفي مايو قتلت القوات الإسرائيلية 10 فلسطينيين وأصابت 25 آخرين. وكان طبيب وفتى من بين القتلى خلال عملية كبيرة باستخدام العشرات من المركبات.

وفي يونيو قتلت القوات الإسرائيلية ثلاثة فلسطينيين وأصابت 13 آخرين على الأقل في مداهمة بجنين. وقالت إسرائيل هذا الشهر إنها قتلت اثنين من كبار مقاتلي حماس في غارة جوية على سيارتهما في جنين.

6