استقالة حكومة الشيخ أحمد النواف تعكس اهتراء التجربة الديمقراطية في الكويت

الكويت - تقول أوساط سياسية كويتية إن استقالة حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح تعكس اهتراء التجربة "الديمقراطية" في الدولة الخليجية، وإن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في النظام السياسي الذي يمنح البرلمان صلاحيات واسعة تم استغلالها بشكل سلبي، ما أثر على صيرورة الدولة.
وتلفت الأوساط إلى أن الكويت التي لطالما تباهت بتجربتها الديمقراطية، مقارنة بمحيطها الخليجي المنغلق سياسيا، باتت في السنوات الأخيرة تدرك حجم الثغرات في هذه التجربة والتي تم استغلالها من قبل بعض الفئات بشكل بات يعرقل استمرارية الدولة، ويحول دون تحقيق أيّ خطوات إصلاحية.
وتسلم ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الثلاثاء رسميا كتاب استقالة حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، بعد نحو ثلاثة أشهر من تشكيلها.
وجاءت الاستقالة على خلفية تفجر خلافات بين نواب المعارضة، الذين يسيطرون على مجلس الأمة، والحكومة حول عدد من مشاريع القوانين التي لا تخلو من شعبوية على غرار قانون شراء مديونيات المواطنين.
وتعتبر هذه ثالث حكومة يشكّلها الشيخ أحمد النواف، وهو ابن أمير الكويت الحالي، منذ تعيينه رئيسا للوزراء في أغسطس الماضي في أعقاب أزمة استمرت لأشهر بين الحكومة السابقة التي كان يقودها الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ومجلس الأمة الذي صدر مرسوم أميري بحله في يونيو الماضي.
وكان الكويتيون يتطلعون إلى عودة الانسيابية في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية خلال عهد حكومة أحمد النواف، لكن نواب المعارضة كان لهم موقف مغاير حينما أصروا على مشاريع قوانين تشكل استنزافا خطيرا لمالية الدولة، فضلا عن عودتهم إلى سياسة استجواب الوزراء والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في التوترات السياسية التي شهدتها الكويت خلال السنوات الماضية.
وجاء تقديم الاستقالة إلى ولي العهد بالتزامن مع جلسة لمجلس الأمة، عقدت الثلاثاء، وكان ضمن مخططها استجواب وزير المالية؛ لمناقشة عدد من القضايا من ضمنها مسألة “القروض”، قبل أن يعمد رئيس المجلس إلى رفعها لعدم حضور الحكومة.
وحذر النواب خلال الجلسة الحكومة “من تجاوز الأطر الدستورية في التعامل مع جلسات مجلس الأمة وأدواته الرقابية”، كما شددوا على رفضهم أيّ محاولة لتعطيل مجلس الأمة، معتبرين أن “إقدام الحكومة على هذه الخطوة سيكون عالي الكلفة، وسيدخل البلاد في نفق مظلم، وسيكون مفترق طرق بين
المجلس والحكومة”. وكانت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أفادت في وقت سابق بأن استقالة الحكومة جاءت “نتيجة لما آلت إليه العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.. معربا عن حكمة ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح المعهودة باتخاذه ما يراه محققا للمصلحة العليا للبلاد”.
وتقول الأوساط السياسية إنه من المرجح أن يقبل ولي العهد باعتباره مكلفا بمعظم صلاحيات الأمير باستقالة حكومة الشيخ أحمد النواف، وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال بانتظار إجراء سلسلة مشاورات حول سبل حل المعضلة الراهنة، خصوصا وأن الدستور الكويتي لا يضع سقفا زمنيا محددا لتشكيل حكومة جديدة.
وتشير الأوساط إلى أن المعضلة في الكويت أن تشكيل حكومة جديدة لن يفضي إلى أيّ تحسن في البيئة السياسية، حيث أن لا ضمانات بشأن إمكانية تجاوب نواب المعارضة معها، وتعديلهم لنهجهم الحالي القائم على المساومة من أجل حصد مكاسب شعبية.
وتعتبر الأوساط ذاتها أن الخيار لحل الأزمة في الكويت هو إجراء تعديلات دستورية على النظام السياسي سواء في علاقة بآليات تشكيل الحكومة، وأيضا بالصلاحيات المتاحة للمجلس التشريعي، وخلاف ذلك فإن البلاد ستبقى حبيسة هذا المسار العبثي.
ويتمتع مجلس الأمة الكويتي بصلاحيات كبيرة مقارنة بالهيئات المشابهة في دول الخليج، حيث يمكنه استجواب رئيس الوزراء والوزراء ويملك حق إقرار القوانين ورفضها وإلغائها، لكن الأمير له الكلمة الفصل في شؤون البلاد، وله صلاحية حل البرلمان.
وتعيش الكويت منذ سنوات توترا مستمرا بين الحكومات والبرلمانات المتعاقبة، وهو ما عطل مشاريع التنمية وجهود الإصلاح المالي والاقتصادي الذي تحتاجه البلاد بشدة في ظل تقلب أسعار النفط الذي تعتمد عليه البلاد في تمويل ميزانيتها بنحو تسعين في المئة.
وفي رد فعل على استقالة الحكومة قال النائب مبارك حمود الطشه ” استقالة الحكومة لا تعنينا بأيّ شكل من الأشكال وإنما الذي يعنينا هو أن تأتي حكومة منسجمة قادرة على تلبية طموحات الشعب وتدافع عن قراراتها في قاعة عبدالله السالم".