ارتباط محتمل بين لقاحات كوفيد واضطرابات الدورة الشهرية

49427 حالة مشتبه بها في بريطانيا فقط بعد استخدام لقاحات "أسترازينيكا" و"فايزر" و"موديرنا".
الأربعاء 2022/02/16
التطعيم ضد كورونا يمكن أن يؤخر قليلا الدورة الشهرية

أبلغت عشرات الآلاف من النساء عن اضطرابات في الدورة الشهرية عقبت تلقيهن للقاحات المضادة لكورونا وخصوصا فايزر بيونتاك وموديرنا، ما جعل هيئة الرقابة الصحية الأوروبية تعلن عن مراجعة للعلاقة المحتملة بين هذين اللقاحين وعدم انتظام الدورة الشهرية لدى الحاصلات على التلقيح. وخلصت الأبحاث الأولية إلى عدم وجود علاقة سببية بين هذه اللقاحات وعدم انتظام الدورة الشهرية.

لندن ـ أعلنت هيئة الرقابة الصحية الأوروبية عن مراجعة للعلاقة المحتملة بين لقاحي “موديرنا” و”فايزر” واضطرابات الدورة الشهرية، التي أبلغت عنها عشرات الآلاف من النساء.

وقالت وكالة الأدوية الأوروبية إن لجنة السلامة التابعة لها “تقوم بتقييم الحالات المبلغ عنها لنزيف الحيض الغزير وانقطاع الحيض (انقطاع الطمث) مع لقاحات كوميرناتي وسبيكيفاكس ضد كوفيد – 19”. ويُعرف كل من كوميرناتي وسبيكيفاكس بأنهما الاسمان التجاريان للقاحي فايزر – بايونتيك وموديرنا، على التوالي.

وشددت الهيئة التنظيمية على أنه بعد التحليل السابق لتقارير تغيير الدورة، خلصت لجنة السلامة إلى أن الأدلة لا تدعم وجود علاقة سببية بين هذه اللقاحات واضطرابات الدورة الشهرية. ومع ذلك، قررت اللجنة طلب تقييم متعمق لجميع المعلومات المتاحة في ضوء التقارير التلقائية عن اضطرابات الدورة الشهرية مع كل من اللقاحات والنتائج.

وقالت وكالة الأدوية إن اضطرابات الدورة الشهرية شائعة جدا وقد تكون ناجمة عن مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك الإجهاد والتعب، لذلك في الوقت الحالي من المستحيل تحديد ما إذا كانت هناك صلة سببية بين لقاحات كوفيد والدورة الشهرية الشديدة أو انقطاع الطمث. وقالت المنظمة “لا يوجد دليل يشير إلى أن لقاحات كوفيد – 19 تؤثر على الخصوبة”.

لجنة السلامة الأوروبية تقوم بتقييم الحالات المبلغ عنها لنزيف الحيض الغزير وانقطاع الحيض مع لقاحات فايزر وموديرنا

ويأتي إعلان الوكالة في أعقاب بيان مماثل صادر عن وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة، وفي أغسطس من العام الماضي قالت الهيئة التنظيمية إنها تراجع تقارير اضطرابات الدورة الشهرية بعد التطعيم. ومع ذلك، قالت إن عدد التقارير منخفض في ما يتعلق بكل من عدد الأشخاص الذين تلقوا لقاحات كوفيد – 19 حتى الآن ومدى شيوع اضطرابات الدورة الشهرية بشكل عام.

ووفقا لأرقام وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة، حتى الثاني من فبراير 2022، أبلغ عن إجمالي 49427 حالة مشتبه بها لاضطرابات الدورة الشهرية بعد استخدام جميع لقاحات كوفيد – 19 الثلاثة المستخدمة في المملكة المتحدة: أسترازينيكا وفايزر وموديرنا.

ووفقا لبحث أجرته الدكتورة فيكتوريا ميل، من جامعة إمبريال كوليدج بلندن، منشور في المجلة الطبية البريطانية، على الرغم من أن التغييرات التي تطرأ على الدورة الشهرية بعد التطعيم قصيرة الأجل، إلا أن البحث القوي في هذه الآثار الجانبية المحتملة يظل أمرا بالغ الأهمية لنجاح برنامج التطعيم بشكل عام.

وإلى حدود سبتمبر من العام الماضي تلقت الجهات الصحية المعنية في بريطانيا أكثر من 30 ألف بلاغ عن مشاكل في الدورة الشهرية وتشمل هذه البلاغات الدورات الشهرية الأكثر كثافة من المعتاد، وتأخرها عن موعدها والنزيف غير المتوقع بعد جميع لقاحات كوفيد الثلاثة في بريطانيا، وذلك من بين أكثر من 47 مليون جرعة أعطيت للنساء حتى الآن.

وقالت ميل إن الاستجابة المناعية للجسم هي السبب المحتمل وليس شيئا في اللقاحات. ولا يوجد دليل على أن اللقاحات لها أي تأثير على الحمل أو الخصوبة.

Thumbnail

ولا يفهم العلماء بعد بالضبط كيف يمكن أن تسبب اللقاحات تغيرات الدورة الشهرية. وقد تكون التغيرات مرتبطة بتأثير الجهاز المناعي، الذي يحفزه اللقاح، على الهرمونات التي تقود الدورة الشهرية، ولكن يمكن أيضا أن تكون ناجمة عن عمل الخلايا المناعية بشكل مختلف في بطانة الرحم.

وقد تم ربط لقاحات أخرى، مثل لقاح فايروس الورم الحليمي البشري، بتغيرات مماثلة في الدورة الشهرية، ولكن تم إجراء القليل من الأبحاث حول كيفية حدوث ذلك وسبب حدوثه.

ويتفق العلماء على أن قدرة المرأة على إنجاب طفل لا تتأثر باللقاحات.

وتظهر التجارب أن التطعيم لم يغير فرص النساء في الحمل بشكل طبيعي أو أثناء علاج الخصوبة، كما لا تظهر الأبحاث حول خصوبة الذكور بعد اللقاحات أي تأثير على جودة الحيوانات المنوية.

لكن دراسة أميركية حديثة أفادت بأن التطعيم ضد كورونا يمكن أن يؤخر قليلا الدورة الشهرية عند النساء. وبحسب الدراسة التي نشرت في مجلة “أمراض النساء والولادة”، فإن الدورة الشهرية تبدأ بعد يوم تقريبا عند النساء الملقحات مقارنة بالنساء غير الملقحات. ومع ذلك، لم تتأثر مدة الدورة الشهرية.

ووفقا للباحثين، فإن تأثير التطعيم على الدورة الشهرية ضئيل ومن المحتمل أن يكون مؤقتا.

وقام العلماء بتقييم البيانات من أحد التطبيقات المستخدمة لمراقبة الخصوبة لدى النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عاما ولا يستخدمن وسائل منع حمل هرمونية. وكانت حوالي 2400 امرأة منهن حاصلة على اللقاح، معظمهن حاصلات على لقاح بيونتيك ـ فايزر (55 في المئة) ثم يليه موديرنا (35 في المئة) ثم جونسون آند جونسون (سبعة في المئة). وتم استخدام بيانات من 1500 امرأة غير حاصلة على اللقاح للمقارنة.

وقارن الباحثون البيانات من ثلاث دورات شهرية متتالية، ثلاث قبل التطعيم وثلاث بعده. أما للنساء غير الملقحات فكانت هناك ست دورات شهرية متتالية. وفي المتوسط، ارتبطت جرعة اللقاح الأولى بزيادة طول الدورة بمقدار 0.64 يوم والجرعة الثانية بزيادة قدرها 0.79 يوم.

Thumbnail

ومن الناحية النظرية، يمكن أن يؤثر اللقاح على الدورة الشهرية. فهو يهدف إلى إحداث استجابة مناعية في الجسم، والتي يمكن أن يكون لها تأثير على الدورة الشهرية. وتخضع الدورة الشهرية في المقام الأول لتأثير تفاعل معقد بين الهرمونات التي يطلقها الدماغ، والتي تؤثر على المبيضين، وبالتالي على الرحم.

وفي النصف الأول من الدورة الشهرية، الذي يعتمد على هرمون الأستروجين الأنثوي، تبدأ بطانة الرحم في التكون وتنضج الجريبات في المبيض. ومنتصف الدورة، يؤثر الارتفاع الحاد في إفراز الهرمون الملوتن على المبيض، حيث يقوم بتحرير بويضة من أكثر الجريبات نضجا، أو ما يُعرف بالإباضة.

وفي النصف الثاني من الدورة الشهرية، الذي يعتمد على هرمون آخر يسمى البروجسترون، تزداد سماكة بطانة الرحم بشكل ملحوظ استعدادا لزرع البويضة المخصبة. وفي حالة عدم حدوث الحمل، ينخفض هرمون البروجسترون بسرعة، مما يؤدي إلى تدمير بطانة الرحم الذي يعرف بالدورة الشهرية.

ويؤثر جهاز المناعة أيضا في الدورة الشهرية بصفة جزئية. مثلا، توجد خلايا مناعية معينة، مثل البلاعم والخلايا البدينة والعدلات، في بطانة الرحم، وتشارك في التخلص من بطانة الرحم أثناء الدورة الشهرية وإعادة بنائها للدورة التالية. لذلك، يمكن أن يؤثر تلقي اللقاح والاستجابة المناعية المتوقعة على التفاعل المعقد بين الخلايا المناعية والإشارات بالرحم، مما يجعل الدورة الشهرية التالية أكثر غزارة أو إيلاما أو أطول.

17