اختطاف وقتل وتشويه سمعة يرهب الليبيات من المشاركة في السياسة

بنغازي (ليبيا) - ترهب الحوادث التي تعرضت لها عدد من الناشطات والسياسيات الليبيات، النساء في ليبيا من المشاركة في الحياة السياسية، فإذا نجت المرأة السياسية من القتل والاختطاف فإنها ستكون لا محالة مادة لحملات إعلامية شرسة أساسها تشويه السمعة.
ولا تزال المرأة الليبية تعاني من عدة تحديات وعوائق تقف في طريق عملها السياسي ومشاركتها الفعالة في الانتخابات.
وعلى الرغم من تعاقب حكومات مختلفة منذ عام 2011، فإن تمثيل المرأة الليبية في الهيئات التشريعية والتنفيذية والمحلية وفي مواقع صنع القرار مخيب للآمال بالنسبة للكثير من النساء.
وتحاول العديد من منظمات المجتمع المدني بمدينة بنغازي تنظيم أحداث وورش عمل للتعريف بحقوق المرأة.
وقالت عبير أمنينة (50 عاما)، مديرة مركز وشم لدراسات المرأة، “المرأة الليبية تفاءلت خيرا خلال ثورة السابع عشر من فبراير ولكن انصدمت، بالرغم من التغييرات، لكنها لم تحمل الكثير من التغيير على واقع المرأة، بالعكس أصبحت المرأة مجالا للتوظيف السياسي”.
المنقوش تواجه منذ توليها المنصب حملات لا تنتقد عملها بل أن أساس تلك الحملات تفاصيل عن حياتها الشخصية
وأضافت أن المجتمع ما زال يعيد صياغة دور المرأة وفقا لقوالب نمطية تحددها الثقافة، على الرغم من المكانة التي وصلت إليها سواء في ما يتعلق بالتعليم أو مجالات العمل المختلفة التي اقتحمتها.
وتشهد البلاد حاليا انتخابات البلديات التي انطلقت في فبراير على مراحل تتم على عدة أشهر.
وتشغل النساء 16 في المئة من مقاعد مجلس النواب الليبي المؤلف من 200 مقعد.
وأرجعت بسمة الورفلي (41 عاما)، مديرة منظمة مراس للتنمية، قلة الأصوات التي تحصل عليها المرأة إلى تحديات اجتماعية وأمنية واقتصادية.
وأوضحت “التحديات الاجتماعية تتمثل في النظرة النمطية من قبل المجتمع للمرأة وأيضا عدم ثقتهم فيها، بالإضافة إلى عدم دعم الأسرة لمشاركة المرأة وتفضيل مشاركة الرجل عن المرأة من قبل القبيلة”.
وأشارت إلى وجود تحديات اقتصادية تعيق قدرة النساء محدودات الدخل على المشاركة في العملية السياسية وتمويل حملتهن الانتخابية، إلى جانب تحديات أمنية تتمثل في عدم وجود إستراتيجية لتأمين الدورة الانتخابية من بدايتها وحتى فرز الأصوات وإعلان النتائج.
وانتقدت هندية العشيبي، الناشطة في المجتمع المدني، بعض القوانين التي أقرها البرلمان وترى أنها تحد من مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
وقالت “آخرها قانون الانتخابات الذي أعدته لجنة 6+6 والذي يمنع النساء والرجال على حد سواء من الترشح للانتخابات البرلمانية في حال كانت الأم أجنبية، وهذا للأسف سيعيق ترشح عدد كبير من النساء لهذه الانتخابات وانسحاب من ترشحن في وقت سابق”.
لكن كان للناشط في المجتمع المدني فرج المصراتي (40 عاما) رأي آخر، إذ قال إن المرأة “رائدة في كافة المجالات وتقلدت العديد من المناصب الهامة”.
وأضاف أن “المرأة أخذت حقوقها من القوانين اللازمة للانتخابات سواء كان في انتخابات الرئاسة أو البرلمان، وهو ما لا يوجد في دول عربية كثيرة”.
فيما أرجعت هدى الشيخي، وهي ناشطة وتعمل في شركة أدوية، السبب في المساحة المحدودة أمام المرأة للانخراط في الحياة السياسية إلى “عدم إدراك شريحة لا يستهان بها من النساء في مجتمعنا المحلي لحقوقهن، هذا أكبر عائق في طريق الاستفادة منهن”.
العديد من منظمات المجتمع المدني بمدينة بنغازي يحاولون تنظيم أحداث وورش عمل للتعريف بحقوق المرأة
وقالت “المرأة ما لم تعرف حقوقها القانونية لن تستطيع الدفاع عنها، فحتى يقتنع الرجل بأهمية هذه المشاركة التي تتعدى مرحلة أنها ناخبة لا بد أن يثق في قدرتها القيادية، وهذا لن يتأتى ما لم تتمتع بالفهم الكافي”.
ومع هذا، اتفقت هدى الشيخي مع الآخرين الذين يرون أن المشكلة سببها رفض بعض الثقافات في المجتمع لفكرة انتخاب المرأة.
وأردفت “أُحبطت مشاركة المرأة الانتخابية بشن حملات إلكترونية مضادة لها مما جعلها تنسحب بقرار عائلي”.
وتعد وزيرة الخارجية الحالية في حكومة عبدالحميد الدبيبة نجلاء المنقوش واحدة من ضحايا تلك الحملات التي تستهدف المرأة السياسية، بالإضافة إلى عضو البرلمان المختفية منذ سنوات سهام سرقيوة، التي يرجح البعض أن تكون قد قتلت بسبب خطاب العنف والتحريض عليها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتواجه المنقوش منذ توليها المنصب حملات لا تنتقد عملها أو ما يمكن اعتباره أخطاء، ولكن أساس تلك الحملات هو الخوض في تفاصيل حياتها الشخصية وانتقادات لمظهرها الخارجي، حيث لا ترتدي الحجاب مثل أغلبية النساء الليبيات.
وفي يونيو 2014 هاجم مسلحون يرتدون أزياء عسكرية منزل المحامية والناشطة السياسية سلوى بوقعيقيص في بنغازي وقتلوها رميا بالرصاص.
وترهب هذه الحوادث النساء وتدفعهن إلى التردد في المشاركة في الحياة السياسية التي يهيمن عليها الرجال وخاصة المناصب القيادية.