اختراق علمي: إنتاج خلايا جذعية للدم تحاكي الموجودة في جسم الإنسان

إنجاز سيؤدي قريبا إلى علاجات مخصصة للأطفال المصابين بسرطان الدم واضطرابات فشل نخاع العظم.
الخميس 2024/09/05
الاختراق يفتح الباب أمام إنتاج إمداد غير محدود من خلايا الدم الجذعية

تغلّب باحثون من معهد مردوخ لأبحاث الأطفال في أستراليا على عقبة كبيرة لإنتاج خلايا جذعية للدم البشري، في اختراق علمي يفتح الباب أمام إنتاج إمداد غير محدود من خلايا الدم الجذعية من جلد المريض أو شعره. كما أنه يمكّن الأطباء أيضاً من تعديل أي عيب وراثي بالخلايا.

ملبورن (أستراليا) – حقق فريق من الباحثين في ملبورن اختراقا علميا يتمثل في إنتاج خلايا جذعية للدم تحاكي إلى حد كبير تلك الموجودة في جسم الإنسان. وكشفت الدراسة التي قادها معهد مردوخ لأبحاث الأطفال في أستراليا أن هذا الإنجاز قد يؤدي قريبا إلى علاجات مخصصة للأطفال المصابين بسرطان الدم واضطرابات فشل نخاع العظم.

وأوضح فريق البحث أنه تغلّب على عقبة كبيرة لإنتاج خلايا جذعية للدم البشري، والتي يمكنها إنشاء خلايا حمراء وخلايا دم بيضاء وصفائح دموية، تتطابق بشكل وثيق مع تلك الموجودة في الجنين البشري.

وقالت إليزابيث نج، الأستاذة المساعدة في المعهد، “إن القدرة على أخذ أي خلية من مريض وإعادة برمجتها إلى خلية جذعية ثم تحويلها إلى خلايا دم متطابقة خصيصا للزرع، سيكون لها تأثير هائل على حياة المرضى المعرضين للخطر”. وأضافت “الشيء المميز في هذه الخلايا هو أنها تنتمي إلى خلايا المريض نفسه، ومن ثم فإنها ستكون متطابقة معه تماما ولن يرفضها الجسم ولن تسبب مشاكل للمريض”.

الشيء المميز في هذه الخلايا هو أنها تنتمي إلى المريض نفسه، وستكون متطابقة معه تماما ولن يرفضها الجسم

وأوضحت أنه “قبل هذه الدراسة لم يكن من الممكن تطوير خلايا جذعية دموية بشرية في المختبر، بحيث تكون قابلة للزرع لفشل نخاع العظم في إنتاج خلايا دموية صحية. لقد طورنا سير عمل جديد أنشأ خلايا جذعية دموية قابلة للزرع وتعكس عن كثب تلك الموجودة في الجنين البشري”. وتابعت “الأمر المهم هو أنه يمكن إنشاء هذه الخلايا البشرية بالحجم والنقاء المطلوبين للاستخدام السريري”.

وخلال التجربة في هذا البحث العلمي تم حقن الفئران التي تعاني من نقص المناعة بخلايا جذعية دموية بشرية معدلة في المختبر، حيث تبين أنها أصبحت نخاعا عظميا وظيفيا بمستويات مماثلة لتلك التي شوهدت في عمليات زرع خلايا دم الحبل السري، وهو معيار مثبت للنجاح.

ووجدت الدراسة أيضا أنه يمكن تجميد الخلايا الجذعية المزروعة في المختبر قبل زرعها بنجاح لدى الفئران، وهذا يحاكي عملية الحفاظ على الخلايا الجذعية لدم المتبرع قبل زرعها في المرضى.

وقال إيد ستانلي، الأستاذ في المعهد، “إن النتائج يمكن أن تؤدي إلى خيارات علاجية جديدة لمجموعة من اضطرابات الدم”، مضيفا “إن خلايا الدم الحمراء ضرورية لنقل الأكسجين، وخلايا الدم البيضاء توفر دفاعنا المناعي، في حين تسبب الصفائح الدموية تخثر الدم لوقف النزيف. إن فهم كيفية تطور هذه الخلايا ووظائفها يشبه فك شفرة لغز معقد. ويمكننا في النهاية فهم وتطوير علاجات شخصية لمجموعة من أمراض الدم، بما في ذلك سرطان الدم وفشل النخاع العظمي”.

وفي الوقت الحالي يحتاج الأشخاص الذين يعانون من حالات مثل سرطان الدم أو فشل النخاع العظمي أو فقر الدم اللاتنسجي (حيث يكون عدد خلايا الدم في النخاع العظمي أقل من الطبيعي)، إلى نخاع عظمي أو خلايا جذعية متبرع بها لتجديد دمائهم.

ولكن قد يكون من الصعب الحصول على تطابق دقيق، ويمكن أن تهاجم الخلايا المناعية غير المتطابقة أنسجة المريض، ما قد يؤدي إلى مرض شديد أو حتى الموت، بحسب ما نقلته صحيفة “التلغراف” البريطانية.

يمكن تجميد الخلايا الجذعية المزروعة في المختبر قبل زرعها بنجاح، وهو ما يعني أنه يمكن تخزينها إلى أن تحين الحاجة إليها

وقال الباحث المشارك في الدراسة أندرو إليفانتي “إن تطوير خلايا جذعية دموية مخصصة ومحددة للمريض سيمنع المضاعفات التي تنتج عن عمليات الزرع، مثل رفض العضو، وسيعالج مشكلة النقص في عمليات التبرع”.

وأوضح أن المرحلة التالية التي من المرجح أن تتم بتمويل حكومي، في غضون 5 سنوات تقريبا، ستتضمن إجراء تجربة سريرية من المرحلة الأولى لاختبار سلامة استخدام خلايا الدم المزروعة في المختبر لدى البشر.

وكتب فريق البحث في دراسته التي نشرت في مجلة “نيتشر”: “هذا الاختراق يفتح الباب أمام إنتاج إمداد غير محدود من خلايا الدم الجذعية من جلد المريض أو شعره. كما أنه يمكن الأطباء أيضاً من تعديل أي عيب وراثي بالخلايا”.

وقالت البروفيسورة كونستانز بونيفير، الأستاذة الفخرية لأمراض الدم التجريبية في جامعة برمنغهام والمؤلفة المشاركة في الدراسة، “هذا اكتشاف رائع يمكن أن يؤدي إلى تحسينات كبيرة في كيفية علاج سرطان الدم واضطرابات فشل النخاع العظمي في المستقبل”.

وبالإضافة إلى استخدامها لعلاج أمراض الدم، يمكن أيضاً استخدام الخلايا الجذعية لإنشاء إمداد من خلايا الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية، بهدف استخدامها بشكل فردي في العلاجات.

وأثبت الفريق أيضاً أنه يمكن تجميد الخلايا الجذعية المزروعة في المختبر قبل زرعها بنجاح، وهو ما يعني أنه يمكن تخزينها إلى أن تحين الحاجة إليها.

15