اجتماع رباعي لإنقاذ اتفاق باريس للتهدئة في غزة

رهانات على اجتماع القاهرة لإيقاف اجتياح منتظر لرفح.
الأربعاء 2024/02/14
أطفال غزة بين الموت جوعا أو قصفا

تشهد العاصمة المصرية حراكا دبلوماسيا لافتا في علاقة بمحاولات إنقاذ اتفاق باريس للتهدئة في غزة، في غمرة مخاوف من اجتياح إسرائيلي لمدينة رفح المكتظة  بالنازحين الفلسطينيين.

القاهرة - عقد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس المخابرات الإسرائيلية (الموساد) ديفيد برنيع ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني اجتماعا مع مسؤولين مصريين في القاهرة الثلاثاء لبحث عملية التهدئة في قطاع غزة.

واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وأكد على استمرار التشاور والتنسيق المكثف حول الأوضاع في غزة لتحقيق أهداف وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وتفعيل حل الدولتين، بما يعزز جهود إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأرسل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وفدا إلى القاهرة في ظل معارضة بعض المسؤولين في حكومته لأي صفقة يمكن التوصل إليها مع حركة حماس للإفراج عن أسرى لديها والتهدئة لأسابيع، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأعلنت هيئة البث العبرية (رسمية) الثلاثاء أن وفدا إسرائيليا غادر تل أبيب، يضم، إلى جانب رئيس المخابرات (الموساد)، رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار والمسؤول عن ملف المختطفين والمفقودين بالجيش الإسرائيلي نيتسان ألون.

سمير غطاس: لا مخرج أمام حماس سوى الوصول إلى اتفاق
سمير غطاس: لا مخرج أمام حماس سوى الوصول إلى اتفاق

وجاء اجتماع القاهرة في خضم تلويح نتنياهو باجتياح مدينة رفح في جنوب غزة المكتظة بمئات الآلاف من المدنيين دون اتخاذ خطوات عملية لحمايتهم من القصف المتوقع، ما يجعل الفرصة مواتية لاقتحامهم الحدود ودخول سيناء في شمال مصر.

وأشار اجتماع وفود الدول الأربع (إسرائيل والولايات المتحدة وقطر ومصر) في هذا التوقيت إلى أنه جرى تجسير جوانب كبيرة في الفجوة بين حماس وإسرائيل، حيث بدت تعليقاتهما حول وثيقة باريس الأخيرة متباعدة، ما أدى إلى تسارع تحركات الوسطاء لمنع إنهيار ما حوته من خطة إيجابية للتهدئة تمهيدا لوقف إطلاق النار، قبل أن ينفذ نتيناهو خطته لإجتياح مدينة رفح، وما تحمله من تداعيات على مصر.

وذكر رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية سمير غطاس في تصريحات لـ”العرب” أن اجتماع القاهرة استكمال لنفس الأطراف التي شاركت في اجتماع باريس، في محاولة لإنقاذ الهدنة بعد أن قدمت حماس ردها، ورفضت إسرائيل ما تقدمت به.

ولفت غطاس إلى أن مصر تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه الرغبة نحو إبرام الاتفاق كي تمنع وقوع كارثة جديدة في مدينة رفح الفلسطينية، في ظل وجود مقدمات على عملية برية وشيكة ستقوم بها إسرائيل تُكمل ضرباتها الجوية التي بدأتها على المدينة أخيرا.

وقال “لا مخرج أمام حماس سوى الوصول إلى اتفاق من شأنه تنفيذ الهدنة في مرحلتها الأولى التي قد تصل إلى ستة أسابيع، وعليها أن تقدم المزيد من التنازلات بعد أن تخلت سابقا عن شرط الكل مقابل الكل بشأن الإفراج عن الأسرى لديها، وتخلت أيضا عن القبول بهدنة من دون وقف كامل لإطلاق النار”.

ورأى أن مصر تضغط في هذا الاتجاه على أمل إنقاذ الفلسطينيين من الجنون الإسرائيلي المتوقع على مدينة رفح التي تشكل آخر معاقل حماس.

وأرسلت القاهرة مسودة المفاوضات الجارية إلى الإدارة الأميركية التي تمارس ضغطا على نتنياهو للقبول بهدنة، وانتظاراً لما يمكن الوصول إليه من تفاهمات تتعلق بالوصول إلى المرحلتين الثانية والثالثة من مسودة باريس، ما يوجد فرصة تدعم التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار.

يحيى كدواني: القاهرة تتحرك في مسارين لتوصيل رسائل مزدوجة
يحيى كدواني: القاهرة تتحرك في مسارين لتوصيل رسائل مزدوجة

وصعدت جهات مختلفة في القاهرة لهجتها ضد إسرائيل، حال حدث انفلات كبير بالقرب من الحدود مع غزة، وتسابق أعضاء في البرلمان ورؤساء أحزاب سياسية وإعلاميون في تقديم دعم معنوي للنظام المصري، وحملت تصريحاتهم لهجة حادة ضد توجهات إسرائيل يصعب صدورها دون حصول على ضوء أخضر رسمي.

ونددت القاهرة بتصريحات أدلى بها وزير المالية الاسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الاثنين، حمّلها فيها مسؤولية كبيرة لهجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها “من المؤسف والمشين أن يستمر وزير المال الإسرائيلي في إطلاق تصريحات غير مسؤولة وتحريضية، لا تكشف إلا عن نهم للقتل والتدمير، وتخريب لأي محاولة لاحتواء الأزمة في قطاع غزة”.

وأكد إعلام محلي أن القاهرة تتابع الموقف في رفح الفلسطينية عن كثب و”مستعدة للتعامل مع كل السيناريوهات” عقب تهديد بتصعيد إسرائيل عملياتها العسكرية بالقرب من الحدود المتاخمة لمصر.

وأوضح عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري اللواء يحيى كدواني أن القاهرة تتحرك في مسارين لتوصيل رسائل مزدوجة، الأول دبلوماسي يؤكد عدم ترك أي فرصة للتوصل إلى تهدئة ووقف الحرب وتبادل الأسرى، والثاني حزبي وإعلامي وبرلماني لتوصيل رسائل حادة بأن الشعب المصري خلف قيادته في اتخاذ ما تراه مناسبا للحفاظ على الأمن القومي، وأن كل الخيارات متاحة أمام القاهرة.

وشدد كدواني في تصريحات لـ”العرب” على أن إسرائيل تعاني من ارتباك في تحديد رؤيتها بوضوح، فهي تهدد بالتصعيد في رفح وتتناقش حول صفقة الأسرى في القاهرة، وهذا لا يعني أن مصر تصمت على أية استفزازات، والرسائل ترسلها لمن يهمهم الأمر محددة، وفحواها أن أي تهديد للأمن القومي أو محاولة للتهجير القسري أو تصفية القضية الفلسطينية سيكون الموقف الشعبي هو ذاته الرسمي وعلى اليمين المتطرف في حكومة إسرائيل إدراك أن المصريين مهما بلغت تحدياتهم الداخلية متّحدون خلف قيادتهم.

وترسم نتائج اجتماع القاهرة، ذات الطابع الأمني والسياسي، ملامح ما ستكون عليه الأيام المقبلة، وما إذا كانت إسرائيل ستنفذ خطتها لإجتياح رفح الآن أو يمكن تأجيلها لوقت آخر، حيث أثار تهديد نتنياهو باقتحام المدينة وملاحقة عناصر حماس بها مخاوف من وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

ووجد رئيس الحكومة الإسرائيلية في الإفراج عن أسيرين في رفح أخيرا ضمن عملية استخباراتية محكمة، فرصة مزدوجة إما لتنفيذ خطته للتخلص من جيوب حماس في المدنية القريبة من حدود مصر، أو توظيف تحرير الأسيرين وتقديمهما كصورة لنصر مؤقت يجعله يقبل صفقة مؤقتة مع حماس لتحرير عدد آخر من الأسرى.

 

اقرأ أيضا:

     • لا تزال هناك فرصة لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني

     • رهان "بيبي" على عودة ترامب

     • ضوء أخضر أميركي لإسرائيل للهجوم على رفح

2