اتفاق مصري تركي على مسار تطبيع كامل للعلاقات

وزراء خارجية مصر وتركيا يأملان في استعادة العلاقات على مستوى السفراء، بعد قطيعة دامت عشر سنوات.
السبت 2023/03/18
مباحثات واضحة وشفافة

القاهرة - أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، اليوم السبت أن هناك أرضية صلبة لعودة العلاقات لطبيعتها مع تركيا، مشيرا إلى أنه ناقش مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو إمكانية استعادة السفراء، في مؤشر على أن زيارة كبير الدبلوماسيين الأتراك قد دشنت مسارا لتطبيع العلاقات بين البلدين.  

وقال شكري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي إن المباحثات كانت واضحة وشفافة لما لهذه العلاقة من أهمية، مشيرا لوجود ارادة سياسية من قيادتي البلدين في الوصول لتطبيع كامل للعلاقات بين البلدين.

وأشار إلى أن مصر وتركيا ترتبطان بأواصر المصاهرة، موضحا أن مسار تطبيع العلاقات سيحقق الغرض في القريب العاجل في إطار استعادة زخم العلاقات وقوتها.

وعبر عن أمله في استمرار التواصل والتنسيق مع تركيا، لافتا إلى أنه بحث مع نظيره التركي العمل على استعادة العلاقات على مستوى السفراء.

واعتبر وزير الخارجية المصري أن "بدء مرحلة جديدة" في العلاقات بين البلدين "سيكون له وقع وأثر إيجابي على شعبي البلدين، وسيؤدي إلى تحقيق مزيد من الاستقرار في منطقتنا".

وأجرى وزير الخارجية التركي زيارة رسمية إلى القاهرة، اليوم السبت، تلبية لدعوة من نظيره سامح شكري، في أول زيارة لكبير الدبلوماسيين الأتراك بعد قطع الروابط بين البلدين لعشر سنوات.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، إن زيارته للقاهرة هدفها تحسين العلاقات الثنائية، مؤكداً أنه يتطلع لزيارة نظيره المصري إلى تركيا مجددا.

وأضاف أن مصر كانت من أولى الدول التي وقفت مع بلاده في كارثة الزلزال، لافتاً إلى أن العلاقة بين تركيا ومصر تاريخية ويجب تعزيزها.

كما أشار إلى أنه يعمل مع نظيره المصري على تسهيل عقد لقاء بين الرئيسين عبدالفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان.

وقال الوزير التركي إن مصر دولة مهمة في حوض المتوسط، وتركيا تولي أهمية بالغة لدورها في قضايا المنطقة، مؤكداً أنه سيكون هناك تعاون أكبر بين البلدين خلال الفترة المقبلة، ومتحدثاً عن العمل على إعادة تبادل السفراء خلال الفترة المقبلة.

في موازاة ذلك، لفت وزير الخارجية التركي إلى أن هناك استثمارات كبرى مشتركة مع مصر، حاضا الشركات التركية على مضاعفة استثماراتها هناك، آملاً في زيادة التعاون الاقتصادي مع مصر.

وكان في استقبال تشاووش أوغلو بمطار القاهرة، مساعد وزير الخارجية المصري إيهاب ناصر، والقائم بأعمال السفارة التركية لدى القاهرة صالح موطلو شن، وعدد من المعنيين.

وبدأت اليوم السبت جلسة مباحثات بين الوفدين المصرى والتركي برئاسة شكري و جاويش أوغلو.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد ، عبر حسابه على تويتر، إن  المباحثات تتناول مختلف أوجه العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

ووفق المتحدث، استقبل الوزير شكري وزير خارجية تركيا بمقر وزارة الخارجية في القاهرة وعقدا اجتماعاً ثنائياً مغلقاً.

وكان المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، أعلن الجمعة، أن تلك الزيارة تُعد بمثابة تدشين لمسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، وإطلاق حوار مُعمق حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بهدف الوصول إلى تفاهم مشترك يحقق مصالح الطرفين.

ويأتي هذا اللقاء، بعدما زار شكري تركيا في 27 فبراير الماضي لتسليم شحنة من المساعدات الإغاثية المصرية المقدمة إلى أنقرة، عقب الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد في السادس من الشهر نفسه.

إلا أن أجواء إيجابية ومساعي لتطبيع العلاقات بين الجانبين كانت سبقت تلك الزيارة بأشهر عديدة، حيث أبدت أنقرة سعيها لعودة العلاقات بين الطرفين، واتخذت العديد من الإجراءات لا سيما في ما يتعلق بتنظيم الإخوان ووسائل الإعلام التابعة له، حيث أغلقت بعضا منها ورحلت عدة إعلاميين وعناصر تابعين للتنظيم.

ويقول مراقبون إن التطورات السريعة بين مصر وتركيا حصيلة اقتناع من جانبهما بأن تصفية الخلافات بالطرق الودية أجدى لهما، وأن استمرار الصدام سيكون مضرا لكلتيهما، خاصة أن الاستدارة التركية الإقليمية تبدو شاملة، والقاهرة كانت تنتظر الفرصة المناسبة للقيام باستدارتها السياسية بما يجفف بؤر الخلافات.

ويضيف المراقبون أن ثمة عقدة ستواجه مصر أكثر من تركيا، حيث رسّخت أنقرة سياستها في التحول سريعا وباتت معروفة بكثرة تنقلاتها وقدرتها على المواءمة بين علاقاتها الإقليمية والدولية. بينما قد تواجه القاهرة مشكلة مع دول مثل اليونان وقبرص ستنظر إلى تطبيع علاقاتها مع أنقرة بنوع من الريبة وعلى مصر إيجاد توازن جيد للتوفيق بين التناقضات الإقليمية.

وتوترت العلاقات بين تركيا ومصر بشدة بعدما قاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي عندما كان قائدا للجيش في يوليو 2013. وانتُخب السيسي رئيسا في العام التالي.

وكان مرسي الذي توفي في 2019 عضوا بارزا في جماعة الإخوان المسلمين وحظي بدعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه.

والأعضاء البارزون الآخرون في جماعة الإخوان المسلمين إما في السجن أو فروا إلى الخارج. ولا تزال الجماعة محظورة.

وبدأ البلدان خلال مايو من العام الماضي "محادثات استكشافية" لتطبيع العلاقات، على مستوى كبار المسؤولين في وزارتي خارجية البلدين، وسط مساع تركية لتخفيف التوترات مع مصر والإمارات وإسرائيل والسعودية، غير أنه سرعان ما تباطأت وتيرة تحسين العلاقات إثر حجم التباينات في مواقف البلدين تجاه بعض الملفات وعلى رأسها الملف الليبي وغاز المتوسط واستضافة تركيا عناصر تابعة لتنظيم الإخوان.

وعاد التوتر ليخيم على علاقات البلدين مرة أخرى بسبب الملف الليبي، إذ ترفض القاهرة الوجود العسكري لتركيا في ليبيا ضمن منطقة تعتبرها عمقاً استراتيجياً لأمنها الوطني، فضلاً عن عودة الخلافات بين الجانبين حول حقوق التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط.

وتسعى الحكومة المصرية جاهدة لمواجهة نقص حاد في النقد الأجنبي وذكرت الشهر الماضي أن شركات تركية تعهدت باستثمارات جديدة في مصر بقيمة 500 مليون دولار.