ابتكار خامة معدنية لاستكمال ثورة الروبوتات المرنة

سلك الباحثون في مجال التطور التقني خطوات جديدة على طريق إتمام الثورة التكنولوجية التي تشكلها الروبوتات صغيرة الحجم والقابلة للطي من خلال ابتكار خامة معدنية جديدة تصلح لصناعة هذا النوع من الروبوتات المرنة التي تستخدم في أعمال الإنقاذ والتدخل الطبي الدقيق، حيث تجعل هذه الخامة الجديدة الروبوت أوفر في استهلاك الطاقة وتتيح له حرية حركة أكبر وسرعة أعلى.
سان فرانسيسكو - ابتكر علماء وباحثون خامة معدنية جديدة تساعدهم في تجاوز أحد أهم التحديات التي تواجههم في تشغيل الروبوتات الصغيرة والمرنة والمتمثلة في طبيعة المواد التي تستخدم لصناعة هذه الآلات الذكية المتطورة.
وابتكر فريق من الباحثين من جامعة سنغافورة الوطنية خامة معدنية جديدة تصلح للاستخدام لصناعة الروبوتات المرنة الصغيرة القابلة للانطواء والتي تحمل اسم “أوريغامي”.
وتستطيع روبوتات “أوريغامي” أداء مهام متعددة بحسب حجمها وإمكانياتها المختلفة، حيث يمكن استخدام الأحجام بالغة الصغر منها لتوصيل الجرعات الدوائية إلى الأعضاء المريضة داخل جسم الإنسان.
كما تدخل الأحجام الأكبر من هذا النوع من الروبوتات في مهام الإغاثة والإنقاذ في الأماكن الضيقة التي يصعب على البشر الوصول إليها.
ونظرا لأنه يتعين أن تكون هذه الروبوتات الصغيرة مرنة وقابلة للانطواء، فإنها تصنع في الكثير من الأحيان من مواد ورقية أو من خامات البلاستيك أو المطاط.
وعلى إثر ذلك، تضاف إلى هذه المواد الورقية والخامات البلاستيكية وحدات استشعار وأجهزة كهربائية من أجل تشغيلها وتمكينها من أداء وظائفها.
وبعد هذه التعديلات، تصبح الأجهزة والمكونات الإضافية عبئا زائدا بالنظر إلى الوزن الخفيف لتلك الروبوتات.
ولكن الفريق البحثي في جامعة سنغافورة استطاع تطوير خامة معدنية جديدة تصلح لصناعة هذه الروبوتات اللينة.
وقال الموقع الإلكتروني “ساينس ديلي”، المتخصص في مجال التكنولوجيا، إن الخامة الجديدة تجمع بين مواد معدنية مثل البلاتين وخامات أخرى مثل رماد الورق المحترق.
وأوضح موقع “ساينس ديلي” أن الخامة المعدنية الجديدة تتميز بكونها أخف وزنا من الورق بمقدار النصف، كما أنها أكثر كفاءة نظرا لإمكانياتها المتطورة.
وذكر الموقع الإلكتروني أن الروبوتات المصنوعة من الخامة المعدنية المبتكرة حديثا أوفر في استهلاك الطاقة بنسبة ثلاثين بالمئة.
كما تتيح هذه المادة الجديدة، وفق نفس المصدر، حرية حركة أكبر وسرعة أعلى للروبوت.
وتتم صناعة الخامة الجديدة عن طريق وضع أوراق السليولوز في محلول أوكسيد الجرافين، ثم غمرها داخل محلول آخر يحتوي على أيونات معدنية مثل البلاتين.
ويجري بعد ذلك حرق المادة المستخلصة في فرن مغلق عند درجة حرارة 800 مئوية ثم في مكان معرض للهواء عند حرارة 500 مئوية.
وصرح يانج هايتو، الباحث في قسم الكيمياء وهندسة الجزيئات الحيوية في جامعة سنغافورة الوطنية، وفق ما نقل موقع “ساينس ديلي”، “لقد اختبرنا العديد من المواد الموصلة للكهرباء حتى توصلنا إلى هذه التركيبة الفريدة التي تجمع بين قدرات الاستشعار وإمكانيات التوصيل اللاسلكي”.
وتابع هايتو مفسرا أهمية الابتكار الحديث “وبالتالي، فإن هذه الخامة المبتكرة تفسح المجال أمام استخدام المواد غير التقليدية من أجل صناعة الروبوتات المتطورة”.
ويأخذ المنتج النهائي لهذه العملية شكل لوح معدني رقيق لا يزيد سمكه عن 90 ملليمترا، ويتكون بنسبة سبعين بالمئة من البلاتين وثلاثين بالمئة من الكربون.
وتتميز الخامة الجديدة بأنها مرنة بما يكفي للانثناء دون أن تنكسر، فضلا عن قدرتها على التمدد والانطواء.
ويعد ابتكار الروبوتات الصغيرة والمرنة ثورة تكنولوجية تضاف إلى كل الابتكارات التي توصل إليها المطورون والعلماء في مجال التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي. وتؤكد الروبوتات المرنة أهميتها عندما تثبت الأساليب التقليدية حدودها خاصة في البعض من التدخلات الطبية وجهود الإنقاذ.