ائتلاف إدارة الدولة في العراق يواجه منقسما مطب الموازنة الاتحادية

قوى في الإطار التنسيقي تعمل على ضرب المسار الإيجابي بين بغداد وأربيل.
الأربعاء 2023/05/31
اجتماعات متتالية بين قادة الإطار التنسيقي لتفكيك عقد الموازنة

يواجه ائتلاف إدارة الدولة العراقية اختبارا صعبا في ظل خلافات لاسيما بين المكون الكردي والإطار التنسيقي، حول بنود مستحدثة في الموازنة الاتحادية، ويرى متابعون أن عدم معالجة هذه الخلافات قد يقود إلى انهيار هذا التحالف.

بغداد - كثفت قوى الإطار التنسيقي من اجتماعاتها لحسم القضايا الخلافية بشأن الموازنة الاتحادية، لاسيما في علاقة بحصة كردستان العراق، وسط تحذيرات من أن السير في خيار تمرير تعديلات اللجنة المالية النيابية قد يقود إلى أزمة سياسية وانهيار تحالف إدارة الدولة.

ويرى متابعون أن الخلافات الدائرة حاليا حول مشروع الموازنة، تتجاوز البعد الفني إلى السياسي، وهذا ما يعقد الوصول إلى توافقات بشأنها، لافتين إلى أن قوى داخل الإطار التنسيقي غير راضية عن المسار الإيجابي الذي تشهده العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان، وهي تسعى من خلال التمسك بتعديلات اللجنة المالية إلى ضرب هذا المسار.

وأكد جمال كوجر، عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، أن الخلاف بين الإقليم وبغداد يعرقل إنجاز الموازنة. وقال كوجر، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن “الموازنة أُنجزت بالكامل وأن ما يحول دون التصويت عليها هو الخلاف بين الإقليم وبغداد”، مشيرا إلى أن “الاتفاق السياسي بين هذين الطرفين تحوّل إلى نصوص وهذه النصوص أُدرجت في الموازنة، لكن المشكلة حصلت بعد الاتفاق السياسي”.

عمار الحكيم: الموازنة المالية لا تلبي طموح كافة القوى السياسية
عمار الحكيم: الموازنة المالية لا تلبي طموح كافة القوى السياسية

وأضاف كوجر أن “الإقليم لا يطلب سوى الالتزام بالاتفاق الذي أُبرم بين الحكومتين بحضور رئيسي الوزراء والوزيرين المعنيين”، لافتا إلى أن “مجموعة في اللجنة المالية لديها مقترح يخالف هذا الاتفاق”، مرجحا “حسم الموازنة في اجتماع ائتلاف إدارة الدولة الذي سينتهي إما بالاتفاق أو قد يفرضون الأغلبية السياسية”.

وكانت اللجنة المالية أضافت عددا من البنود التي تفرض شروطا جديدة على حكومة كردستان من بينها دفع رواتب موظفيها المتأخرة، في خطوة اعتبرها الإقليم استهدافا لحق الشعب الكردي وتنصلا من الاتفاق السياسي الذي جرى بموجبه تشكيل تحالف ائتلاف إدارة الدولة.

وتشكل تحالف إدارة الدولة في سبتمبر الماضي بعد أزمة سياسية شهدها العراق لنحو عام، وكادت أن تقود إلى صدام مسلح بين الفرقاء الشيعة. ويضم الائتلاف كلا من الإطار التنسيقي، الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الشيعية الموالية لإيران، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة السني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وتكتل عزم، وحركة بابليّون المسيحية.

وأكد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، الثلاثاء، أن حكومته لن تتخلى عن حقوق الأكراد واستحقاقاتهم في الموازنة الاتحادية. وقال بارزاني خلال افتتاحه مصنعا للألبان في أربيل، إن “التعديلات التي أجريت على مشروع قانون الموازنة غير دستورية وستتسبب بمشاكل كثيرة لمواطني كردستان، وندعو إلى العودة إلى الاتفاق السياسي”.

وأضاف “بغداد كانت السبب في ادخار رواتب موظفي الإقليم”، مؤكدا “لن نتخلى عن حقوقنا الدستورية”. وكان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني عبر في وقت سابق عن “قلق عميق” مما أسماه بالتغييرات التي مست فقرات مشروع قانون الموازنة العامة العراقية المرتبطة بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وقال إنه يرفضها “تماما”.

وحذر بارزاني من أن التمسك بهذه التغييرات سينعكس سلبا على ائتلاف إدارة الدولة. ويرى الباحث في الشأن السياسي إحسان الشمري أن الخلافات ما بين القوى السياسية في العراق على قانون الموازنة تهدد بانهيار تحالف إدارة الدولة.

وأوضح الشمري، في تصريحات لـ”وكالة بغداد” المحلية، الثلاثاء أن “الخلاف الجديد حول قانون الموازنة، سيكون له تأثير على تحالف إدارة الدولة، ولاسيما وأن هذا التحالف يعاني من خلافات داخلية كبيرة، وهو حاليا في لحظة الاحتضار السياسي”. وأضاف “نعتقد نحن الآن في بداية النهاية لائتلاف إدارة الدولة ونهاية مرحلة الاتفاقات السياسية، وهذا سيدفع بتجاه وجود اصطفافات سياسية جديدة”.

ويوصف ائتلاف إدارة الدولة بتحالف الضرورة، اقتضته الظرفية التي مر بها العراق، بعد قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من العملية السياسية، ويقول متابعون للشأن العراقي إن هذا الائتلاف يحمل منذ البداية بذور تفككه.

إحسان الشمري: نحن الآن في بداية النهاية لائتلاف إدارة الدولة
إحسان الشمري: نحن الآن في بداية النهاية لائتلاف إدارة الدولة

ويعتقد المتابعون أن مشروع الموازنة الحالية يشكل اختبارا حقيقيا لإرادة القوى السياسية التي تمثله في المضي قدما وتحصين الائتلاف، لكن المؤشرات حتى الآن توحي بخلاف ذلك، لافتين إلى أن انهيار الائتلاف قد يقود بدوره إلى تفكك الإطار التنسيقي.

ويوضح المتابعون أن هناك انقساما داخل الإطار حيال مساعي بعض قواه لوقف السيولة الإيجابية الجارية بين بغداد وأربيل، وبالتالي تهديد التحالف السياسي القائم حاليا.

ويلفت المتابعون إلى أن الخلافات حيال الموازنة الاتحادية لا تنحصر فقط في البنود المتعلقة بالأكراد المضمنة في التعديلات الأخيرة، حيث يرفض أيضا النواب الممثلون لمحافظات الوسط والجنوب في العراق، المخصصات المالية المدرجة في الموازنة.

وقال النائب المستقل هيثم الفهد الزرگاني في بيان إن “مع اقتراب موعد جلسة التصويت على الموازنة نعمل على صناعة رأي داخل البرلمان وعدم التصويت على فقرات لا تنصف محافظات الوسط والجنوب والبصرة خصوصا”.

واعتبر زعيم تيار “الحكمة” عمار الحكيم الاثنين أن عدم تلبية الموازنة المالية العامة للبلاد “لطموح” كافة القوى السياسية العراقية أمر “طبيعي”. وذكر الحكيم أن الاتفاق على الموازنة رغم كل التعقيدات سيكون دليلا على نجاح التجربة السياسية الحالية في العراق، مشيرا إلى أن ائتلاف إدارة الدولة العراقية حاليا تجسيد للتفاهم بين المكونات السياسية، وأنه يأمل في إقرار الموازنة الجديدة لتكون الأكبر في تاريخ العراق.

وأقرّ مجلس الوزراء العراقي، في الثالث عشر من مارس، أضخم موازنة في تاريخ العراق، والتي زادت عن 197 تريليونا و828 مليار دينار عراقي، (نحو 152.2 مليار دولار)، وبعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار عراقي.

ويضغط رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على مجلس النواب لإقرار الموازنة قبل نهاية الشهر الحالي، من أجل ضمان فترة حكومية مستقرة، لكن يبدو أن الخطوة سيجري ترحيلها للشهر المقبل.

3